عرض مشاركة مفردة
  #11  
قديم 11-04-2007, 12:48 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

وبعدما رأوا أن الشباب في العنابر يسلمون على بعضهم البعض عبر الشجون، وضعوا بينهم مولدات الكهرباء التي يأخذونها الناس معهم إلى البر «الجانوريترات»، بين كل عنبر وآخر خمسة من المولدات، ما ينتج عنه صوت عالٍ ومزعج جدا بحجة ألا يتحدث أحدنا مع الآخر، وهذه حجة هاوية، فلا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار، بالإضافة إلى تسليط الكشافات، وعندما تطفئ الكهرباء فجأة لثوان معدودة والله نشعر كأننا في جنة، وهناك كشافات داخلية وأخرى خارجية من على الأبراج مسلطة على العنابر.
يضعوننا تحت إطار الطائرة، ونسمعها تقترب حتى نظن أنهم سيدعونها تدهسنا، أو نظن أن المروحة الخارجية للطائرة ستضرب رؤوسنا واحدا تلو الآخر، لأننا كنا مغطين الرؤوس، فكنا نعيش في رعب دائم.
من التعذيب النفسي انقطاعنا عن أهلنا بالكلية، فلا رسائل ولا مكالمات ولا أخبار، وفي الآونة الآخيرة وصلتنا رسائل من أهلنا مكتوب فيها: السلام عليكم ورحمة الله أخوك وليد يسلم عليك، ومسحوا باقي الرسالة وفي آخرها مكتوب، لا تهتم ولا تخف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!! فأين باقي الرسالة؟ وبعض أهالي الأسرى ونشروها في وسائل الإعلام، كلها مشطبة، يحطمون بذلك نفسياتنا ويعذبوننا بعدم معرفة أخبار أهلنا وأولادنا وأزواجنا! بل بلدنا بكاملها لا نعرف أخبارها، منقطعين تماما، حتى نتساءل أحيانا هل قامت حرب عالمية ثالثة؟ أو أننا فقط الذين نعيش في العالم أم حصل كذا أو كذا؟ لا نعرف الأخبار نهائيا لا الأحداث التي جرت في الكويت ولا سقوط العراق ولا أي شيء.
وعندما يقدمون لنا الطعام نجد فيه العفن والديدان، وعندما نخبرهم لا نجد استجابة وأحيانا يقولون اننا لا نعلم بذلك!
- العجمي: من وسائل تعذيبهم أنهم كانوا يساومون بعض الأخوة بالأدوية، فبعض الإخوة أصيب بالقرحة، وأصيب بعضه بالروماتيزم بالمفاصل، لأن الأميركان كانوا يعرون الشباب، ويضعونهم على الحديد، وكانت الأرض صاجة، وروماتيزم المفاصل أخطر مرض، وأنا مصاب به الآن، أشعر بمثل السكاكين على جسمي إذا جاءت نفحة هواء باردة، فكانوا يساومون الأخوة.
أذكر أخا اسمه علي من آل حسين من قبيلة وائلة باليمن، كان يعاني من اللوزتين، فجلسوا يساومونه يقولون له: إن كنت تريد علاجا فزودنا بمعلومة عن فلان وفلان، وماذا تعرف عن علان الموجود بالزنزانة التي بجانبك، ولم يكن يجيبهم فأهملوه حتى أصيب بمرض غريب وهو روماتيزم بالقلب، وأسأل الله أن يشفيه، وكثير من الإخوة أصيب بالقرحة ولم يتم علاجهم، بسبب المساومة على العلاج والأدوية.
وهذا أحد الأخوة أسأل الله أن يفرج عنه وعن الباقين جميعا، كان مصابا في أصابعه، فتكلم مع الطبيب ووعدوه بعملية جراحية، فعندما ذهب إلى المستشفى وأعطوه البنج كانوا يتعلمون عليه، فبعد أن أمسى في غرفة العمليات وأصبح وجد أصابعه مبتورة، وكان يشتكي من أصبع واحد فقط!! فالأميركان كانوا يشتغلون جزارين هناك.. وأخونا عمران المكي، كان مصابا بإصابة وكل فترة يقطعون من جسده حتى بتروا رجله. فالحالة الصحية هناك تعيسة جدا.
واتخذوا الأسرى حقل تجارب، والآلام التي نعاني منها كلها من أثر الإبر التي كانوا يعطوننا إياها الأميركان. كانوا يقولون لنا بأنفسهم أن الإبر التي كانوا يعطوننا إياها كلها جراثيم، وكذلك أدوية مرض الكبد وغيرها، ولكن الله حفظنا بفضله ثم بالرقية الشرعية.
والمسلمون في صمتهم تجاه ما يحدث لإخوانهم في غوانتانامو يسألون عن كل صغيرة وكبيرة أمام الله تعالى وفي كل مكان كالأسرى في أبو غريب والأردن وباكستان وأفغانستان.
• هل لمستم شيئا من تعاطف الجنود معكم؟
- الزامل: بعض الجنود كانوا متعاطفين معنا، وأذكر مرة جاءني جندي وقال لي: أنا مستغرب كيف استطعتم الصبر طوال هذه المدة! فالجنود كل ستة أشهر يستبدلون في المعسكر بالكامل، وهذا نوع من الذكاء العسكري، فالإنسان عبارة عن أحاسيس ومشاعر، وفي كل بلد تجد أناسا متعاطفين أو مؤمنين بحقوق الإنسان، وعندما يأتون بالجنود الجدد يقذفون الرعب في قلوبهم ويقولون هؤلاء إرهابيون محترفون وكلهم يلعبون ألعابا قتالية وفي مستوى عال من الذكاء والمكر لا تتعاطفون معهم.
كنت تجد الجنود في بداية وجودهم يبدوا عليهم الخوف الشديد منا حتى إذا أرادوا إعطاءنا شيئا ما يتعامل بحذر شديد جدا، وبعد فترة من الزمن يصبح كأنه واحد منا وهذا ينطبق على الكثير من الجنود، فيقول لنا أحدهم: سمعت أنكم إرهابيون ومجرمون، ولكن الذي رأيته خلاف ذلك، وعندما أرجع بلدي سأخبر أهلي ووالدي بما رأيت منكم.. فتجد كثيرا من الجنود غير راضين بالوضع القائم في غوانتانامو، حتى قال لي أحدهم والله لو كنت مكانكم لأصبحت مجنونا بعد ثلاثة شهور فقط مما تلاقونه..فكنت استغله بالدعوة وأخبره أن هذا تثبيت الله سبحانه وتعالى، وكل شيء بيد الله تعالى.
كان الجنود في بعض الأحيان يستغربون صبرنا ومكوثنا في غوانتانامو فهو مكان حار جدا ومليء بالأوبئة والحشرات والعقارب والثعابين، والعديد منا لدغ من حية أو عقرب ولم يكن مسموح لنا أن نقتل الثعابين أو العقارب، وهناك أيام في السنة تخرج علينا القباقب «سرطعون البحر» صغيرة ولونها برتقالي، فتخرج علينا بالملايين، والله اني نائم وفوق جسدي أكثر من ألف واحدة منهم، ولو دسنا أحدهم بأرجلنا فستنقلب رائحة المكان «زفرة»، ولا ينظفون المكان ولا يزيلون هذه القباقب فيستمر التعذيب النفسي لنا.
• عادل هل ارتكبت ضدك عقوبة معينة نتيجة لارتكابك فعلا معينا؟
- الزامل: منذ أول خمسة أيام قدمت فيها غوانتانامو وضعوني في سجن انفرادي في مكان حار، صندوق من حديد قياسه متران في متر، مغلق من جميع النواحي، وله فتحة واحدة والجو فيه حار جدا..
• والسبب؟
- الزامل: لا يوجد سبب نهائيا، فوضعوني في هذا المكان، ولم توجه لي أي تهمة أصلا عن أحداث 11 سبتمبر، فكل القضية والقتال الجاري إلى اليوم كلها بأسباب 11 سبتمبر، ونحن لا دخل لنا بتلك الأحداث، فلسنا ممن فجروا الطائرات ولسنا نتبع تنظيم القاعدة، ولا دخل لنا بأي شيء بتاتا.
والأسئلة التي طرحت علينا في أول الأيام فقط، تعرف أسامة بن لادن أو أيمن الظواهري أو فلان أو فلان، فقلنا لا، وانتهت الاسئلة.. ثم كان التحقيق المستمر بعد ذلك لا دخل له بالقاعدة أو بغيرها، بل كان عن تعدد الزوجات وعن القبائل عنزة ومطير وشمر وغيرهم، ومدى قرابتهم لبعض، وهل كندري يقرب للكندري الآخر، وعن الديوانيات الكويتية وأصحاب الديوانية والأحاديث التي عادة ما تقال في الديوانيات، وكلام كثير من هذا القبيل.. ولم توجه لنا أي تهمة بخصوص أحداث 11 سبتمبر، وكان مكوثنا طوال تلك المدة من دون تهمة.
• وكيف كانت حياتك داخل الصندوق؟
- الزامل: تركوني لمدة شهر داخل هذا الصندوق، والطعام دائما يكون قليلا جدا، ويوجد مرحاض في نفس المكان لقضاء الحاجة، والملابس بوليستر مئة بالمئة وهذا نوع من التعذيب النفسي الجسدي، والخبر ليس كالمعاينة والذي يحترق ليس كالذي يتفرج، وأحيانا يضيق صدري حتى أدعو الله أن يأخذ حياتي.
الهم الذي كنا نعانيه يدك الجبال، تخيل.. حرا شديدا، ولا يوجد علاج، وممنوع عليك الكلام، والله اني لما أستيقظ من نومي أجد الوسادة مملوءة بالماء من شدة العرق الذي نعرقه والحر الذي نعانيه.
وهناك فتحة صغيرة في الباب قياسها تقريبا 30 سم في 10 سم ليدخلوا منها الطعام، ووالله الذي لا إله إلا هو انني أقترب منه حتى آخذ النفس لضيق النفس الذي نعانيه، حتى أشعر أني أكاد أموت.
وبعد هذه العقوبة بشهر تقريبا أدخلوني في نفس الصندوق ولكنه بارد جدا، فيه فتحة سنترال، ودرجة الحرارة فيه تحت الصفر، ونزعوا عني ملابسي باستثناء شورت فقط، من غير فانيلا أو سروال وأنام على الحديد، حتى أشعر أني سأتجمد من البرد، وألعب رياضة وأقفز بالليل حتى لا أتجمد، ولا أستطيع النوم.
والغريب في الأمر أنهم حينما يستدعوني للتحقيق يسألوني أين أنت، من باب التعذيب النفسي، فأخبرهم أني في الانفرادي الفلاني فيقولون: من ذهب بك إلى هناك كأنهم لا يعلمون، وما يريدون إلا اللعب في نفسياتنا، ثم يسألوني عن فلان أو فلان، ويظنون أننا في غوانتانامو كلنا نعرف بعضنا البعض، وأنا شخصيا لا أعرف أحدا من الكويتيين الموجودين في غوانتانامو مسبقا إلا سعد العازمي كنت أعرفه قبل خروجي من الكويت. فكيف أعرف غيرهم!! وأكدت لهم أنني لا علاقة لي بأحد.
وهذا التعذيب لظنهم أننا نكذب، فيمارسون معنا ممارسات شرسة جدا.
• ألم تكن تعارضهم في شيء أو تستهجن فعلا معينا أو تقاومهم؟
- الزامل: أنا بطبعي هاديء جدا لا أحب المشاكل، فأحيانا يجلسوني في غرفة ويشغلون المسجل صوت الموسيقى بصوت عال جدا، ويتركوني لمدة ساعتين أو ثلاث، فيدخلون علي ويقولون منذ متى وأنت هنا، أجيبهم منذ فترة، فيقولون هل تريد الموسيقى أو تريدنا نطفيها فأجيبهم افعلوا ما تشاءون وما يحلو لكم. واليوم الذي بعده مباشرة يجلسوني ويشغلون الشيخ عبدالباسط بصوت عال جدا، ويتركوني ثلاث ساعات ثم يدخلون علي بنفس الطريقة فأقول لهم عندما يسألوني إن كنت أريد إغلاق المسجل أو تخفيض الصوت: افعلوا ما يحلو لكم «كيفكم»، فأنا مأسور وليس لدي كلمة، وأعرف أن ليس لدي حق، وأنا مربوط وأحيانا يجلسوني بطريقة تكسر الظهر وأنا أنتظر دخولهم علي.
وعند التحقيق يدخلوني غرفة باردة جدا، ويتركوني بالساعات، ثم يدخلون علي يحققون معي لمدة ساعة إلى ساعتين ثم يخرجون ويتركوني ساعتين أخريين، وهكذا لمدة ست إلى سبع ساعات. وعندما أصل العنبر أظل لفترة ويدي كأنهم متجمدتان، من شدة البرودة.
ومن أساليب التحقيق النفسي التي قتلتني قتلا وأثرت فيني كثيرا ولم يسبق أن قلتها لأحد لا وسائل إعلام ولا حتى لإخواني، ولا أنسى هذا الأمر أبدا، كان يأتيني شخص أميركي كبير بالعمر بالـ55 إلى 60 سنة تقريبا، نحيف، طوله مناسب ويعتبر طويلا، كان يأتيني بين فترة وأخرى وأول ما يدخل علي يقول لي: احفظ وجهي جيدا فلعلي أراك مرة أخرى، فيسألني إن كنت أعرف انكليزية فأقول له: أعرف القليل، فيقول أنت تتحدث جيدا، فأقول له: لا أعرف إلا القليل، فيبدأ بأساليب تعذيب أود الاحتفاظ بها في نفسي ولا أود ذكرها لأحد، فيبدأ بالتعذيب، وكلما يأتيني يقول لي نفس الكلام، وكان يضع ملصقا على اسمه، ولكن مرة من المرات سقط الملصق عن اسمه ورد ركبه، فكان اسمه يتكون من أربعة أحرف أو خمسة، لم أتمكن إلا من قراءة الحرف الأول والأخير، كان الأول حرف H والأخير حرف D، واسمه قصير، وكان يكرر علي عبارة: تذكر وجهي لعلي أراك مرة أخرى ثم يبدأ بالتعذيب.
وكذلك المحققة التي استمرت معي لمدة سنتين واسمها «ميغن»، وكانت تقول لنا: إذا لم تكونوا خائفين فلماذا تضعون كنى مثل أبو معاذ وأبو كذا؟ لماذا لا تذكرون أسماءكم الحقيقية؟ فقلت لها: أنتم كذلك لديكم كنى، فهي تزعم أن اسمها «ميغن» بينما اسمها الحقيقي «ماغي»، واكتشفت اسمها عندما نسيت هويتها مكشوفة، وعندما قدمت نحوي رأيت الهوية، وإلا ففي العادة فإنها تنزع الهوية أو تخبئها، ولم أقل لها أنني أعرف اسمها الحقيقي، ولم أقل لأحد إلا بعد وصولنا الكويت. فحتى المحققين أحيانا يخطؤون بالتحقيق بدلا من أن يقل «ميغن» قالت لك كذا، فإنه يقول «ماغي» قالت لك كذا، فيخطؤون في التحقيق.
وهذه المحققة كانت تأتي مع شخص يجلسان سويا، من أساليب التعذيب، فيقول لها أمامي: أنا معك نستطيع فعل المستحيل الذي لا تستطيع الاستخبارات الأميركية فعله، ونستخرج معلومات لا يستطيعون استخراجها، فتجيبه: أنا أعرف، بل أنا متأكدة من ذلك، ثم يبدأون بتعذيبي بطريقة أحتفظ فيها لنفسي.
وكانت دائما تدندن حول هذا الكلام، وكانت تقول للشخص الذي معها: أنا أثق بك ثقة جيدة وأنت صاحب مهارات، وتستطيع أن تحقق الذي لم تستطع الـ FBI والاستخبارات تحقيقه، فيقول لها نعم، وسترين الآن ما سنفعله، ثم يبدأون بالتحقيق معي، وهذا اسلوب رعب، فكانت هذه الطريقة تؤثر بنفسي جدا.


غداً...
جنود اميركان اسلموا على أيدي المعتقلين
وتفاصيل الإغراءات الجنسية