الموضوع: شبهات
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 10-12-2004, 03:41 PM
الهلالى الهلالى غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
المشاركات: 1,294
إفتراضي

- فصمت الطالب مذهولا .. ولكن لم يتوقف عنه زميله ..بل دق على رأسه بالكلمات المؤلمة التالية :
هذا هو النص الذي قصده بل حرفه، من أين له قول العز (أن أي قتال للكفار لا يتحقق به نكاية بالعدو فإنه يجب تركه لأن المخاطرة بالنفوس).
ومن أين له هذه العبارة المطلقة المخلة بالمعنى (فإذا لم يحصل ذلك وجب ترك القتال).
وتلاحظ أن هذه العبارات تعبر عن منهج كثير من العلماء ذوى المناصب تجاه الجهاد على أرض الواقع، وهي بالفعل ما أرادوه من بيان صدر بأسم ثلاثين منهم ،

- فقاطعه الطالب :
إن شيخى منهم .. ألم ترى أسمه

- قال نعم قرأته فى البيان ...أنه وضع عبارات لم يقلها العز و هذا فيه كذب على العز ليوافق شيئاً في نفوسهم، وقد يقول قائل نعذرهم في هذا، نقول يمكن أن يعذر العالم بخطأ أو بسهو، ولكن أن يعذر بتلفيق الكلام على الأئمة والكذب في النقل عن علم، فهذا لا يمكن أن يكون، أين أمانة العلم؟ أين الخوف من الله تعالى؟ هؤلاء الذين وقعوا على هذا البيان ليسوا ثلاثة رجال بل هم أكثر من ثلاثين ممن يزعم العلم والرسوخ فيه، فبقية الموقعين بين أمرين إما أنهم جهال ولا يعرفون تحقيق الأقوال ولا يميزون كلام السلف ولا يعرفون الإطلاق والتقييد، أو أنهم متواطئون في هذا الكذب والنقل الفاحش، فهم بين أمرين أحلاهما مر، وإذا كان هذا شأنهم فليسوا أهلاً بأن يوثق في نقولهم أو يؤخذ منهم ميراث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهم لم يحترموا العلم، وكل نقل لهم عن أحد من أهل العلم لابد أن يرجع إلى مظانه ليتم التأكد من صحة نقلهم وعدم وجود التحريف والكذب منهم، وهذا شأن الرافضة، وإذا وصل التعامل مع الناقل لهذه المرحلة، فيجب أن يطرح نقله وفي نقل غيره غنية عنه، فهو الذي أبى إلا أن يسقط نفسه ولو بالكذب الشائن والعياذ بالله.
ولو صدق النقل عن العز بن عبد السلام، فكلام العز الآنف لا ينطبق على ما أرادوه من تعويق جهاد الدفع، لأن العز في سياق كلامه في نفس الصفحة يتحدث عن التولي يوم الزحف إذا كان العدو أكثر من ضعف المسلمين لنص الآية قال العز في قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1/95 في نفس الصفحة التي نقلوا منها وقبله بفقرتين فقط ”المثال السابع والثلاثون انهزام المسلمين من الكافرين مفسدة لكنه جائز إذا زاد الكافرون على ضعف المسلمين مع التقارب تخفيفا عنهم لما في ذلك من المشقة ودفعا لمفسدة غلبة الكافرين لفرط كثرتهم على المسلمين وكذلك التحرف للقتال والتحيز إلى فئة مقاتلة بنية أن يقاتل المتحيز معهم لأنهما وإن كانا من الفرار إلا أنهما نوع من الإقبال على القتال“.
فمن قرأ كلام العز كاملاً علم أن الإمام لا يتحدث عما أرادوا من تعطيل جهاد الدفع أو تقييده، بل بترهم للنص وتحريفهم للكلم عن مواضعه هو الذي أحال الكلام لخلاف ما أراده العز، ولكن سياق كلامه يتحدث عن مسألة التولي يوم الزحف فقط، والتولي أيضاً يكون في جهاد الطلب لا في جهاد الدفع، و جهاد الدفع كما تعرف لا يشترط له شرط أبداً وهذا موطن اتفاق بين العلماء وسيأتي كلام شيخ الإسلام على هذا، علماً أن مسألة الانهزام من أمام العدو إذا بلغ العدو ضعف المسلمين ليست مسألة متفق عليها بين العلماء، بل هناك من قال بخلاف ما قاله العز في هذه المسألة، فالعز يوجب الفرار إذا كان العدو ضعفهم، إلا أن بعض العلماء لا يوجب ذلك بل يجيز البقاء أو الفرار، والبعض يوجب البقاء مع غلبة الظن بالغلبة، ولسنا بصدد تحقيق المسألة، ولكننا نقول بأن كلام العز على هذه المسألة ليس مسلماً على الإطلاق، فكلام العلماء المجرد يستدل له ولا يستدل به على الإطلاق، رغم أنه لابد أن يقصر كلام العز على نفس الباب الذي ورد فيه، ولا يتعدى به إلى باب آخر لا علاقة له بالمسألة، وهذه بعض النصوص من العلماء تفيد خلاف كلام العز في مسألة الفرار من الزحف إذا كان العدو ضعف المسلمين، وتبين أن كلام العز في بابه غير مسلم له.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى 4/609 ”يتعين الجهاد بالشروع فيه وعند استنفار الإمام لكن لو أذن الإمام لبعضهم لنوع مصلحة فلا بأس، وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم ونصوص أحمد صريحة بهذا، لكن هل يجب على جميع أهل المكان النفير إذا نفر إليه الكفاية كلام أحمد فيه مختلف وقتال الدفع مثل أن يكون العدو كثيرا لا طاقة للمسلمين به لكن يخاف إن انصرفوا عن عدوهم عطف العدو على من يخلفون من المسلمين فهنا قد صرح أصحابنا بأنه يجب أن يبذلوا مهجهم ومهج من يخاف عليهم في الدفع حتى يسلموا، ونظيرها أن يهجم العدو على بلاد المسلمين وتكون المقاتلة أقل من النصف فإن انصرفوا استولوا على الحريم فهذا وأمثاله قتال دفع لا قتال طلب لا يجوز الإنصراف فيه بحال“.
فدل كلام شيخ الإسلام هنا على أن مسألة التولي معلقة بجهاد الطلب وليس الدفع، فإن كان الجهاد جهاد دفع فقد قال لا يجوز الانصراف بحال، ويحمل عليه جميع كلام العلماء في هذا الباب.
قال ابن قدامه في المغني 9/309: ”وإذا كان العدو أكثر من ضعف المسلمين فغلب على ظن المسلمين الظفر، فالأولى الثبات لما في ذلك من المصلحة، وإن انصرفوا جاز لأنهم لا يأمنون العطب، والحكم علق على مظنته، وهو كونهم أقل من نصف عدوهم، ولذلك لزمهم الثبات إذا كانوا أكثر من النصف، وإن غلب على ظنهم الهلاك فيه، ويحتمل أن يلزمهم الثبات إن غلب على ظنهم الظفر لما فيه من المصلحة، وإن غلب على ظنهم الهلاك في الإقامة والنجاة في الانصراف فالأولى لهم الانصراف، وإن ثبتوا جاز لأن لهم غرضاً في الشهادة ويجوز أن يغلبوا أيضاً، وإن غلب على ظنهم الهلاك في الانصراف والإقامة، فالأولى لهم الثبات لينالوا درجة الشهداء المقبلين على القتال محتسبين فيكونون أفضل من المولين ولأنه يجوز أن يغلِبوا أيضاً “.
وجاء في مغني المحتاج 4/219 قول الخطيب الشربيني عن حديثه عن هجوم الكفار على بلد مسلم بغتة: … وإلا بأن لم يمكن أهل البلدة التأهب لقتال بأن هجم الكفار عليهم بغتة، فمن قُصد من المكلفين ولو عبداً أو امرأةً أو مريضاً أو نحوه، دفع عن نفسه الكفار بالممكن له إن علم أنه إن أُخذ قُتل، وإن جوّز المكلف لنفسه الأسر كان الأمر يحتمل الخلاف، هذا إن علم أنه إن امتنع من الاستسلام قُتل وإلا امتنع عليه الاستسلام.
قال السيوطي في شرح السير الكبير 1/125: ”لا بأس بالانهزام إذا أتى المسلم من العدو ما لايطيقه، ولا بأس بالصبر أيضاً بخلاف ما يقوله بعض الناس إنه إلقاء بالنفس إلى التهلكة، بل في هذا تحقيق بذل النفس في سبيل الله تعالى، فقد فعله غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم، منهم عاصم بن ثابت رضي الله عنه حمي الدبر - أي الذي حمته الدبابير - ، وأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فعلمنا أنه لا بأس به



... وبعد هذا التأصيل خرج الطالب مذهولا لا يدرى ما يقول ...
ولكنه عرف شئ هام أن هناك علماء غير علماءه .....

الهلالى