[السنونو المهاجر]

إن قيمة وأهمية تجربة التحول الديمقراطي في البحرين، أنها لا تفتح عهدا جديدا من الحريات والديمقراطية وسيادة القانون واحترام الدستور والميثاق في البحرين فقط، ولكنها ترسم معالم التحول الديمقراطي في منطقة الخليج العربي عموما والوطن العربي كافة، بما تتبناه من خطوات ديمقراطية وانفتاحية متقدمة رسالتها تقول: إن بناء مجتمعات وتجارب ديمقراطية حقيقية في الوطن العربي ترعى حقوق الإنسان وتحترم الحريات، هو أمر ممكن وفي متناول اليد.
ولكن نقطة البداية هي في جرأة القيادة السياسية على اتخاذ المبادرة وتعميق الثقة بين الشعب والقيادة، لأن الشعوب العربية أصابها الإحباط وشلها الخوف من عواقب الانخراط في العمل السياسي خوفا من آثار القبضة الأمنية، ولهذا "استقالت" من العمل السياسي وباتت الديمقراطية الحقيقية من الأحلام الكبرى التي لا تعرف الأجيال الحاضرة ما إذا كان من الممكن بلوغها أم لا في زمن الإحباطات العربية.
ومن هنا، فإن أهمية تجربة البحرين الديمقراطية أنها تحيي الأمل وتطلق إشعاع أنوارها الحضارية لعموم الوطن العربي، بضرورة الانتقال من تجارب "الديمقراطية المبتورة" و "المقيدة" و"المحدودة" إلى آفاق الديمقراطية الحقيقية التي تجعل إمكانية بناء مجتمعات عصرية أمرا ممكنا وليس حلما رومانسيا صعب المنال.
ولهذا، ستظل تجربة البحرين الديمقراطية بتحولاتها العميقة وخصوصياتها الاجتماعية والثقافية والسياسية محل اهتمام عربي وعالمي لأنها تقدم إجابة هامة على سؤال كبير هو كيف يستطيع مجتمع صغير بإمكانيات اقتصادية محدودة، وتركيبة طائفية وقبلية معينة، وفي محيط إقليمي محافظ ومنطقة حساسة - اجتياز الاختبار الديمقراطي، وتقديم تجربة عصرية مشعة قادرة على اجتذاب الآخرين والمبادرة إلى حذو نهجها وتبني مسارها؟

عبدالمالك سالمان