عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 08-09-2005, 08:04 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Post أهداف جورج بوش الحقيقية ( 2)

وهذا الهدف الذي حدده المرشح جورج دبليو بوش أثناء حملته الرئاسية أصبح مذاك أولوية مطلقة للحكومة. ففي خطاب ذي دلالة اساسية ألقاه في "سيتاديل" (وهي مدرسة عسكرية متميزة في شارلستون في ولاية كارولينا الجنوبية) في أيلول/سبتمبر عام 1999 شرح السيد بوش الطريقة التي ينوي اعتمادها لتنفيذ "عملية تحويل" الملاكات العسكرية الأميركية. فبعدما اكد أن إدارة كلينتون لم تنجح في تصويب البرامج العسكرية على أساس الوقائع المستجدة بعد انتهاء الحرب الباردة، تعهد المرشح الجمهوري القيام بإعادة تقويم كاملة للاستراتيجيا الأميركية من أجل "الشروع في بناء جيش القرن المقبل”.


وسيكون لحركة التغيير في الجيش هذه هدفان رئيسان، من ناحية أولى ضمان عدم تعرض أراضي اميركا للخطر عبر إنشاء درع مضادة للصواريخ وعبر الحفاظ على التفوق الأميركي في مجال الاسلحة المتطورة، ومن ناحية ثانية تطوير قدرة الولايات المتحدة على اجتياح بعض القوى الاقليمية المعادية مثل إيران أو العراق أو كوريا الشمالية. هكذا إذاً أكد السيد بوش تأييده تنفيذ مشروع الدرع المضادة للصواريخ لحماية الولايات الأميركية الخمسين إضافة الى "إحداث ثورة في الفكر العسكري" الذي ينزع الى جعل استخدام الكومبيوتر وأجهزة الالتقاط المتقنة والمعدات "الخفية" وباقي التقنيات المتقدمة أمراً منتظماً في ساحة المعركة. وفي رأي الرئيس أن هذه السياسة تؤمّن التفوق الأميركي "على مدىً طويل".



وفي اطار الهدف الثاني، عبّر بوش عن رغبته في تطوير القدرة الأميركية على "إنزال قواتها"، وبمعنى آخر القدرة على نشر قوات كبيرة على أراضٍ بعيدة تكون قادرة على الانتصار على أي عدو. ومثل هذا الطموح يتطلب تجهيزات جديدة مثل أجهزة الالتقاط المتطورة والطائرات بدون طيار، إنما يتطلب أيضاً تقليص حجم الوحدات لجعل عمليات انتشار في حجم أقل من الدعم اللوجستي. يجب أن نكون قادرين على إيصال قواتنا الى أبعد مكان ممكن في غضون أيام أو أسابيع بدلاً من أشهر عدة [...] وعلى الأرض يجب ان تصبح قواتنا الثقيلة أكثر حركية ووحداتنا الخفيفة أكثر فتكاً، على أن يتمتع الجميع بسهولة الانتشار” (١).


وما ان تولى مهامه حتى أصدر السيد بوش تعليماته فوراً الى وزارة الدفاع كي تبدأ بتنفيذ هذه الاجراءات. ففي أوائل العام 2001 صرح الرئيس قائلاً: "بناء على طلبي شرع وزير الدفاع السيد دونالد رامسفيلد في دراسة معمقة حول القوات المسلحة الأميركية. وانا أترك له كامل الحرية لاعادة النظر في الوضع القائم من أجل التوصل الى وضع تصور أفضل لبنية جديدة مخصصة للدفاع عن أميركا وحلفائها." وتستند هذه البنية الجديدة في شكل واسع الى التكنولوجيات الحديثة لكن توجهها الرئيسي يبقى تحقيق القدرة على الانزالات السريعة للقوات العسكرية. وفي استعادة للعبارات التي استخدمها في خطاب سيتاديل اعتبر السيد بوش أن القوات البرية الأميركية ستكون "أكثر حركية واشد فتكاً" وان القوات الجوية ستكون "قادرة على ضرب أهداف بعيدة بدقة متناهية" وأن القوات البحرية ستتمكن من "إنزال قواتنا بعيداً داخل الأراضي البرية” (٢).



وقد باتت هذه الأهداف هي التي تحدد توجهات الموازنة على المدى الطويل في البنتاغون، وهكذا عندما قدم السيد رامسفيلد مشروع موازنة الدفاع للسنة المالية 2003 (تبدأ في الأول من تشرين الأول/أكتوبر من السنة السابقة) والتي بلغت 379 مليار دولار (بزيادة بلغت 45 مليار دولار عن موازنة العام 2002 ) صرح قائلاً: "إننا في حاجة الى قوات مسلحة تتمتع بسرعة الانتشار ومتكاملة كلياً في ما بينها، قادرة على الوصول سريعاً الى ساحات القتال البعيدة وعلى التعاون مع قواتنا الجوية والبحرية لضرب أعدائنا بسرعة وبدقة وبطريقة مدمرة" (٣). وإذا ما توافرت وسائل إضافية فعلاً للدرع المضادة للصواريخ وللحرب على الارهاب فبالتأكيد ان القدرة على إرسال القوات العسكرية هي التي ستحدد الاستثمارات وتنظيم القوات المسلحة في السنوات المقبلة.



وبعد 11 أيلول/سبتمبر طرأ مفهوم جديد على الفكر الاستراتيجي الأميركي، وهي الفكرة القائلة إنه يجب أن يكون للولايات المتحدة القدرة على استخدام القوة بشكل احترازي ضد قوى معادية قادرة على استخدام بعض أسلحة الدمار الشامل. وفي الواقع أكد البيت الأبيض أنه قد يكون من الضروري شن هجومات وقائية من أجل الدفاع عن المواطنين الأميركيين في وجه التهديد الذي تمثله "الدول المارقة”. وإن بدا بديهياً بالنسبة الى الجميع أن هذا التأكيد يمثل تغييراً جذرياً في الاستراتيجيا الأميركية، إلا أنه منسجم تماماً مع هدفي الادارة الآخرين وهما تأمين عدم تعرض الولايات المتحدة للاعتداءات وتطوير قدراتها على اجتياح القوى المعادية وإخضاعها.




أما الأولوية الثانية بالنسبة الى الادارة، أي الحصول على احتياطات نفطية جديدة من الدول الأجنبية، فقد جرى تفصيلها للمرة الأولى في تقرير "المجموعة الوطنية لتطوير سياسة الطاقة” National Energy Policy Development Group الذي نشر في 17 أيار/مايو عام 2001. فهذا التقرير الذي أعده نائب الرئيس ديك تشيني يضع استراتيجيا الهدف منها الاستجابة لتزايد الحاجات الى النفط في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة. وإن كان التقرير يتحدث عن بعض الاجراءات الآيلة الى التوفير في استهلاك الطاقة فإن العديد من اقتراحاته تهدف الى زيادة الاحتياطات الأميركية في مجال الطاقة.


**-**

يتبع بإذن الله تعالى .