عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 03-12-2003, 06:25 AM
ابو رائد ابو رائد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
المشاركات: 1,296
إفتراضي

بين حاتم وزوجته ماوية وقيصر الروم


حاتم الطائي : رجلٌ يتمتع بأسمى ما يمكن أن تكون عليه مكارم الأخلاق ؛ وهو شجاعٌ وشاعرٌ وكريمٌ ، ولكنه اشتهر بالكرم أكثر من غيره ، عاش ومات قبل ظهور الإسلام بقليل ، وقد أسلم كل من ابنه عَدي وأبنته سفانة ، أما زوجته فهي " ماوية بنت عفزر" التي كانت قد آلت على نفسها أن لا تتزوج إلا من رجل شجاعٍ وشاعرٍ وكريم ، ولما علم حاتمٌ بذلك لم يكن من كرمه وأريحيته إلا أن يتقدم لخطبتها فقبلت به على أن يطلق زوجته التي بعصمته فرفض ، ولكنه تزوجها بعد ذلك ؛ ربما لأن زوجته التي قبلها قد ماتت ، وقد أحبها حاتم وأحبته إلى درجة كبيرة ؛ ولكنها لم تستوعب أفعاله خاصة في الكرم فهو لا يمكن أن يرد سائلاً ، كما يعطي كل ما لديه عندما يسأل ، إلى درجة أنه ذبح حصانه لضيوفه ؛ عندما لم يجد ما يقدمه لهم ؛ مع أن الحصان هو أغلى ما يملكه الرجل العربي في ذلك الزمان . وقد جاءت هذه القصة كما يقال عندما سمع " قيصر الروم " بمواقف حاتم النبيلة والخارقة للمألوف ظن أن فيها شيء من المبالغة فأراد أن يتأكد من ذلك بنفسه عندها سأل عن أغلى ما يمكن أن يملكه رجل عربي مثل حاتم فقيل هو حصانه

إذ يــقــول حــاتــم

يقولون لي أهلكت مالك فاقتصدا
وما كنت لولا ما تقولون سيـدا
سأدخر من مالي دلاصاً وسابحاً
وأسمر ؛ خطياً وعضباً مهندا

وقد عمد القيصر إلى إرسال وفد من روما ليطلبه حصانه وهل سيعطيه لهم ؟! ..
والظريف هو أنه عندما حلو ضيوفا علي حاتم في "جبال شمر" ( منطقة حائل ) وقدم لهم الطعام رفضوا أن يأكلوا طعامه حتى يلبي مطلبهم ، فقال حاتم: ما طلبكم ؟؟ قالوا : نريد حصانك المعروف ! والمفاجئة أنهم اكتشفوا أن حاتم عندما لم يجد ما يقدمه لهم ذبح حصانه وهاهو لحما موضوعا فوق الزاد أمامهم ليأكلوه .
وهكذا كان لا يبقي شيئا يجد من يحتاج إليه أيا كان .. ولقد كانت زوجته ماوية كثيرة اللوم عليه ، وذلك مع من يلومونه من أبناء عشيرته .. وهناك لحاتمٍ الكثير من الشعر حول حبه لزوجته ماوية ومحاولته صرفها عن لومه ومطالبتها إياه بالكف عن سلوكه من غير طائل ؛ لأن ذلك هو طبعه الذي لا يمكن أن يتغير أو يتبدل .
علما بأن زوجته ماوية قد آلت على أن لا تتزوج إلا من رجل شجاع فارس وكريم وشاعر ؛ فكان حاتم طيء المشهور ليس بهذه الخصال الثلاث فقط وإنما بكل مكارم الأخلاق .
هنا يمكننا استعراض بعضاً من شعرهِ ؛ حول هذا الجانب المتعلق بلوم الذي يرى أنها ربما كانت تريدُ أن تتزوج رجلاً شجاعاً فارسا من غير أن يخاطر بروحه ويهدد مستقبل أبنائه ، أو شاعراً لا يمضي الليالي ساهراً يقلب جمر ناره ؛ وكأنه يتقلب به شوقا أو حسرة أو ألما أو فخرا..الخ ؛ بينما هي بمفردها تتقلب على فراشها إلى الفجر ، أو رجلاً كريماً لا يعرف الفقرُ إليه سبيلا مدى الأيام .

يـــقــــول حــــاتــــم

وقائلـة ؛ أهلكـت بالجـود ؛ iiمالـنـا
ونفسك ؛ حتى ضـر نفسـك ؛ جودهـا
فقلـت اتركينـي ؛ إنمـا تلـك iiعادتـي
لكـل ؛ كريـم عــادة ؛ يستعيـدهـا

ويـــقــــول أيـــضــــاً

أماويَ " :قد طال التجنـبُ iiوالهجـرُ
وقد عذرتنـي ؛ مـن طلابكـمُ العـذرُ
" أماويَ " :إن المال غاديٍ ورائـحٍ
ويبقى من المـالِ الأحاديـث والذِّكـرُ
" أمـاويَّ " :إنـي لا أقـولُ لسائـلٍ
إذا جاء يوماً حلَّ فـي مالنـا نـزرُ
" أمـاويَّ " :إمــا مـانـعٌ فمبـيـنٌ
وإمـا عطـاءٌ لا يُنهْنهـهُ الزجـرُ
" أماويَ " :ما يغني الثراءُ ؛ عن الفتـى
إذا حشرجت نفسٌ ؛ وضاق ؛ بها الصدرُ
" أماويَ " :أن يصبحْ ؛ صـدايَ iiبقفـرةٍ
من الأرضِ ؛ لا ماء ٌ هناك ؛ ولا iiخمرُ
تَريْ ؛ أن ما أهلكت ؛ لم يـكُ iiضرَّنـي
وأن يدي ؛ ممـا بخلـتُ بـه ؛ iiصفـرُ

مقال للدكتور / شايم الهمزاني
__________________