[قناص الجزيره]

عندما هلل بوش واحتفل إعلامه بمقتل الزرقاوي أخبرهم المجاهدون أنهم استنسخوا آلافا من الزرقاوي قبل مقتله وتربوا على مص دماء الأمريكان في ساحات الوغى وبدأت تتكشف حقيقة هذا القول عندما قال السفير الامريكي في بغداد زلماي خليلزاد إن قتل ابو مصعب الزرقاوي في الشهر الماضي لم يكن له اثر يذكر على العنف الذي يجتاح البلاد. وقد اعترف خليلزاد بأن الوضع في العراق \"صعب\"
وقد أرسل مذكرة استغاثة للقيادة الامريكية بعثت بتاريخ 6 يونيو حزيران: ان العراق \"في طور التحلل، حيث اصبحت السلطة الحقيقية في يد المليشيات، والحكومة لا حول لها ولا قوة.\" وقال إنه من الاهمية بمكان ان تحاط القيادة الامريكية علما بالمخاطر التي يواجهها العراقيون من اجل مساعدتنا على مساعدتهم.
قلت: عجيب هذا التعبير: \"مساعدتنا على مساعدتهم\" ويدل على مدى الورطة التي تحيط بهذا السفير وقيادته وكذلك الحكومة العميلة التي نصبوها والتي لا حول لها ولا قوة - كما اعترف بذلك - بل لاتملك حماية نفسها خارج حدود المنطقة الخضراء. يؤكد هذا ما حدث اليوم في بغداد والذي يعد مهزلة بكل القاييس:

يقول الخبر: \"اختطف مسلحون صباح الثلاثاء نائب وكيل وزارة الكهرباء رعد الحارث و19 من حراسه بعدما نصبوا له كمينا شرق العاصمة العراقية بغداد، حسبما افادت مصادر في وزارة الداخلية العراقية.
و كان الحارث في طريقه الى حي الطالبية خارج مجمع المنطقة الخضراء الذي يضم مكاتب الحكومة والسفارات الاجنبية عندما اعترض مسلحون يرتدون زيا عسكريا قافلته. وكان المسلحون يتحركون في سبع سيارات. وقال أحمد حسن الذي شهد الحادث لوكالة رويترز للانباء \"كنا نقف في الشارع عندما جاءت سيارات مدنية وأوقفت السيارات الاخرى. وخرج المسلحون وخطفوهم\". واجبر المخطوفون على ترك سياراتهم والصعود في سيارات الخاطفين. وتأتي عملية الاختطاف هذه بعد ثلاثة ايام من اختطاف النائبة العراقية السنية تيسير المشهداني وسبعة من مرافقيها شرق بغداد.\"
وهذا يؤكد أن حكومة المنطقة الخضراء محاصرة تماما وأصبحت على وشك الانهيار والاتسلام مما دفع خليلزاد للاستغاثة بقادته لإنقاذه. وتنبأ خليلزاد ان تتمكن الولايات المتحدة من اجراء \"خفض كبير\" في عدد جنودها العاملين في العراق خلال السنة المقبلة رغم الصعوبات وقال: \"رغم تمكن العراقيين من تحقيق الكثير من التقدم، فإن الطريق لايزال طويلا. إنه وضع صعب، ولكن لا خيار لدينا سوى الاستمرار.\"
وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان أعدادا كبيرة من القوات البريطانية قد تنسحب من العراق خلال ثمانية عشر شهرا.
قلت هذه أمنياتهم؛ فإن المجاهدين قد قطعوا عليهم طريق الفرار وأصبح السبيل الوحيد أمامهم هو الانتحار. وقد صدقت التايمز عندما قالت: \"إن المتمردين مصممون على جعل خروج قوات التحالف من العراق دمويا بقدر الامكان \"
وفي مشهد مضحك يحاول خليلزاد كسب الوقت قبل الهروب بافتعال مبادرة للتفاوض مع المقاومة وقد تعلمنا أن أمريكا لا تتفاوض إلا قبل وقوع الكارثة المحققة. وهو يجهل أن المقاومة بلغت مرحلة النضج وعقدت العزم على تحرير البلاد بحد السيف.

خليلزاد ليس وحده الذي يصرخ ولكن ثمة صراخ آخر يأتي من بعيد من جبال أفغانستان:
تقول التلجراف :ان قادة القوات البريطانية في افغانستان وجهوا دعوة عاجلة لارسال تعزيزات بغية مواجهة مسلحي حركة \"طالبان\". و تزامنت هذه الدعوة مع تحذير نواب بريطانيين من ان مهمة القوات البريطانية في افغانستان تواجه خطر الابتعاد عن تحقيق اهدافها المتمثلة في مواجهة المسلحين وفي التفاصيل ان ضباطا كبارا في الجيش البريطاني كشفوا انهم يواجهون \"تمردا عالي التنظيم\" وقالوا ان قواتهم تواجه \"ظروفا صعبة وخطرة ويتركز طلب التعزيز تحديدا على المشاة وسط مخاوف من ان قدارت الجنود البريطانيين المنتشرين حاليا في افغانستان قد تتراجع اذا لم يمنحوا وقتا للراحة البدنية والذهنية.
في الوقت نفسه نقلت الصحيفة قول منسوب الى حافظ احسان الله وهو مسلح من طالبان تحول الى منسّق لعمليات تجنيد المسلحين في باكستان لحساب طالبان: \"أستطيع تجنيد عشرين شخصا مقابل كل مسلح تقتلونه من طالبان\".

قلت: هذا يبين خطورة المأزق الذي يواجهه الحملة الصليبية على ديار المسلمين. ففي الوقت الذي يستغيث قادتهم طلبا للمدد ينجح شخص واحد في تجنيد آلاف المجاهدين لخوض غمار المعركة الفاصلة.

كما يصرخ رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي من الاسلاميين الصوماليين؛ الذين سيطروا على الحكم فجأة في حين غفلة من الدول الصليبية. فمن ينقذ كل هؤلاء الذين يصرخون في العراق وأفغانستان والصومال؟ يبدو أن الأمر قد خرج عن سيطرة الدول الصليبية وبدأ المارد الإسلامي يخرج من قمقمه ويستلم زمام المبادرة وأدار دائرة الحرب على التحالف الصليبي، الذي بدأ يتهاوى ويولي الدبر. وقد بدأت الأحداث تسير في مشهد أكثر درامية مما كان متوقعا. فهل يصمد الغرب في هذه الحرب طويلا؟ أم يكتفي بإعلان فشل آخر لآخر حملة صليبة يشنها على المسلمين؟
سنترك الأيام القادمة تكشف لنا أسرارها وتبدي أخبارها.
هذا والله من وراء القصد
كتبه
د. محمد حافظ