عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 06-05-2003, 10:52 PM
السلفيالمحتار السلفيالمحتار غير متصل
لست عنصريا ولا مذهبيا
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2002
المشاركات: 1,578
إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى السلفيالمحتار
إفتراضي

الولاء للوطن بين الدين والطائفة والعرق

ظهرت مؤخرا بعض الكتابات والادعاءات التي تشكك في ولاء "الشيعة" لوطنهم لا لشيء وإنما لمجرد انتمائهم المذهبي، وقد يستدلون على ذلك ببعض الشواهد كاستفتاء العالم الفلاني من ذلك البلد أو الاحتفاظ بصورته أو الدعوة لحمايته مما يهدد حياته كما هو الحال في العراق أخيرا وما شابه، والقضية هنا ليست تبرير مواقف أفراد محددين فكلّ مسؤول عن مواقفه، ولكن ما يلفت النظر هو مبدأ التعميم على كل من ينتمي لهذا المذهب أو ذاك الفكر أو غيره، وهي دعوات لا يمكن تصنيفها إلا من أحد منظورين، فإما أن يكون من يدعي ذلك جاهلا بمفهوم الوطن والمواطنة والانتماء للوطن، أو أنه مغرض مزايد يقصد الإساءة للشيعة من منظور طائفي بحت فالشيعة كغيرهم من مواطني هذا البلد ترجع أنسابهم إلى أصول قبلية لا يمكن التشكيك فيها، ولكن تشكيك هذا البعض في ولاء الشيعة للوطن لا يعني أكثر من الرغبة في الإساءة لهم من منطلق شخصي لا علاقة له بالوطن والولاء له بل قد يكون - من يمارس ذلك التشكيك - على قائمة من يسيئون لوطنهم وينقضون وحدته وتماسكه.
إن المواطنة - كما هو معلوم - مفهوم سياسي اختلفت في تعريفه الدول تبعا لقوانينها ونظمها، فهناك من يشترط مجرد الولادة في البلد لمنحه جنسيته، وهناك من يشترط الإقامة لمدة محددة وهناك من يشترط التولد من أب واحد يحمل جنسية البلد وهناك من يشترط غير ذلك، ولكن الجميع يتفق على أن من يحمل جنسية أي بلد فهو يتمتع بكامل حقوق المواطنة ويتوجب عليه كل ما يتوجب على إخوانه المواطنين من حقوق والتزامات لوطنه وفي مقدمتها الولاء للوطن، وقد فصلت القوانين المحلية لكل دولة الممارسات التي تعتبر في نظرها مخلة بالولاء للوطن وبالتالي يعاقب من يرتكبها، والحقيقة أن الدول ليست متفقة على هذه الممارسات التي تعتبرها مخالفة، فهناك من الدول من تجرم سلوكا معينا في حين أن هناك من لا يرى فيه غضاضة، والسؤال الذي قد يطرح نفسه هنا هو التالي: هل إن فكر وعقيدة ودين المواطن له علاقة بكونه مواليا لوطنه، وبمعنى آخر ما علاقة كون هذا المواطن علمانيا أو ملحدا أو مسلما أو مسيحيا أو شيعيا أو سنيا... إلخ بولائه لوطنه؟ وهل الولاء للوطن يحمل عنوانا فكريا أو دينيا معينا وبحيث يمكن التشكيك في ولاء كل من لا يحمل هذا الفكر أو المعتقد لوطنهم؟ وهل هناك أي نظام أو قانون أو دستور أو دين يشير إلى ذلك؟.
لقد أصل المسلمون في كتاباتهم وثقافتهم ولو نظريا أن بلاد المسلمين تمتد من المحيط إلى المحيط وهم يعيشون فيه كإخوة متضامنين ضد أي خطر يهدد وجودهم أو دينهم أو أرضهم في أي جزء منه، وقد تم تشكيل العديد من المنظمات الدولية السياسية والثقافية وغيرها للدفاع عن مصالحهم كأمة.
إنني لأعجب من البعض حين ينبري للتشكيك في وطنية أي مواطن - أيا يكن فكره أو معتقده أو سلوكه - يعيش على تراب هذا الوطن، فكيف الحال حين يتهم جزء كبير من أبناء هذا الوطن بهذه التهمة العظيمة، أيتصور مثل هؤلاء أن الأمر مزحة أو لعبة يجوز المداعبة بها؟ أيظن هؤلاء أن حرمات الوطن من القضايا التي تقبل المزايدات والمشاحنات؟ أيظن هؤلاء أن مواطنة أبناء هذا الوطن قائمة على تنظير المنظرين ومزايدة المتهافتين؟ أيظن هؤلاء أن معاني الوطن وقيمه من المفردات التي يتلاعب بها كل من أمسك قلما أو سطر حرفا؟ لقد عاش الشيعة مع إخوانهم السنة أحداثا عصيبة في أفغانستان والكويت والعراق ولبنان وقد وقفوا صفا واحدا متحدين وفي خندق واحد.
بقي أن نشير إلى أمر قد يعمد إلى استغلاله من يريد بالشيعة في بلادنا سوءا وهو في الحقيقة مما عرف عن عموم المسلمين عبر تاريخهم، إلا أنه قد ضعف لدى بعض المذاهب وانفردت الشيعة بممارسته حتى يومنا هذا، وذلك هو بقاء باب الاجتهاد مفتوحا وما يستلزمه من تقليد المكلفين من يرونه كفؤا لذلك، والعالم المجتهد قد يكون باكستانيا أو أفغانيا أو إيرانيا أو لبنانيا أو كويتيا أو سعوديا أو أي أحد ولكن علمه ليس له هوية غير الإسلام والعلاقة بين المجتهد والمقلد لا تتجاوز تلقي الفتوى في العبادات والمعاملات وهي نفس العلاقة التي يمارسها كل مسلم مع أي عالم يأتم به، ومن طور هذه العلاقة إلى ولاء مطلق - على الرغم من عدم إمكانية تحقق ذلك على أرض الواقع - فقد وقع في خطأ جسيم وإثم عظيم بحق نفسه ووطنه، وهو أمر لم يختص به البعض النادر من الشيعة بل نجده متمثلا في القليل أيضا من أبناء السنة ممن ارتبطوا ببعض التنظيمات والشخصيات الإسلامية المتطرفة وهو أمر ابتليت به الأمة بمختلف مذاهبها وأوطانها، وهي بحاجة إلى مزيد توجيه وإرشاد لرد المشتبه وإصلاح المتطرف، وفي كل الأحوال ومع كل ذلك لا يمكن التشكيك في ولاء حتى مثل هؤلاء لأوطانهم إلا من زاوية سوء الفهم فهم يظنون أنهم يحسنون صنعا وهم واهمون.
إنني أظن أن من يزايد على الوطنية والولاء للوطن يقوم في دعواه على طائفية مقيتة وعصبية متطرفة أغشت بصيرته وشوشت عقله وسوغت له واهما إطلاق الأحكام جزافا على الآخرين في الدنيا والآخرة، فهؤلاء كما أعطوا لأنفسهم مفاتيح الجنة في الآخرة يدخلون فيها من وافق رؤيتهم وفكرهم الضيق، كذلك أعطوا لأنفسهم حق تصنيف الناس كموالين لوطنهم وغير موالين، وأقول لهم لينتظروا من يطرق أبوابهم لنيل شهادة المواطنة منهم فهم أهون من أن يلتفت لدعواهم، كما أوجه ندائي لولاة أمورنا: حتى متى نغض الطرف عن كل الممارسات الطائفية وقد أضحت جرحا نازفا شوه كل معاني الخير بيننا حتى في الولاء للوطن؟


with my best wishes for you all

alsalafi
__________________
من روائع شعري
يمامتي
ابيحوا قتلي او طوقوا فكري سياجا
فان قتلي في دجى الليل سراجا
EMAIL=candlelights144@hotmail.com]لمراسلتي عبر الإيميل[/email]