عرض مشاركة مفردة
  #15  
قديم 22-08-2001, 07:34 PM
أسعد الأسعد أسعد الأسعد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2001
المشاركات: 47
Lightbulb

قبل الانتقال إلى مناقشة النقطة الثانية وهي النقطة المتعلقة بحصرك مجال العقل في المحسوسات أرى أن هناك بعض النقاط ينبغي الإشارة إليها وهي كالآتي :
جاء في تعقيبك أن الجملة الأولى في تعريفي للعقل يفهم منها أن ( التفكير هو عملية ادراك الأمور المنطقية ) وأنا في الحقيقة أستغرب منك هذا الفهم فلو رجعنا للجملة الأولى من تعريفي للعقل نجدها كالآتي : ( فالعقل هو الملكة التي حبانا الله إياها لنكون قادرين على إدراك الأمور المنطقية ) ولا أعرف كيف فهمت من هذه الجملة ذلك الفهم فالجملة واضحة وصريحة وكل من يقرأها يفهم منها أنني قد حاولت توضيح معنى العقل على أنه قدرة معينة قد زودنا الله بها لنكون قادرين على فهم الأمور وإذا كان هناك من مؤاخذة على هذا التعريف فهي المؤاخذة التي تفضلت بها وهي أنني حصرت عمل العقل في الأمور المنطقية وسوف أحاول الاطلاع على هذه النقطة وفهمها أما فهمك الذي ذكرته فهو أجنبي تماما عن تلك الجملة ولا يمت لها بأي صلة.

ولزيادة توضيح خطأ هذا الفهم وتوضيح ما أقصده أنا من تعريفي للعقل سأقوم بتشبيه العقل بأنه القدرة على المشي وتشبيه التفكير بأنه عملية المشي وتشبيه الإدراك أو الفهم بأنه الوصول إلى المكان الذي نريده. فنحن عندما تكون لدينا القدرة على المشي نقوم بعملية المشي وبواسطة هذا المشي نصل إلى المكان الذي نريده ونطبق ذلك على العقل فنقول عندما تكون لدينا القدرة على التفكير نقوم بالتفكير وبواسطة التفكير نصل للفهم وندرك الأمور.

وهذا ما ينطبق على تعريفي وأما فهمك الذي يقول أن ( التفكير هو عملية إدراك الأمور المنطقية ) فليس له أي علاقة بتعريفي لأن فهمك هذا يقول أن التفكير هو إدراك الأمور المنطقية بينما يفهم من تعريفي أننا بواسطة التفكير نصل إلى الإدراك أي أن التفكير مقدمة وسبب لحصول الإدراك وليس هو الإدراك. ويتبين هذا بوضوح بالرجوع للشرح الذي ذكرته قبل قليل.

وأما ما يخص مطالبتك إياي ببيان حقيقة العقل لنضع الإصبع عليه فإنني في الحقيقة لا أجد نفسي قادرا على بيانه بأكثر من كونه إحدى القدرات التي يتمتع بها الإنسان وهذه القدرة هي التي تجعله قادرا على التفكير والإدراك .. ولكن لا بأس في أن تساعدني على تحقيق هذا الشيء وذلك بأن تبين لي حقيقة القدرة التي تجعلنا قادرين على السمع وحقيقة القدرة التي تجعلنا قادرين على النطق وعلى ضوء ذلك ربما أكون قادرا على ببيان حقيقة العقل بشكل تستطيع معه أن تضع إصبعك عليه.

وأما عبارتك ( كما لم تبين واسطة النقل ما هي ، فالشيء المنقول لم تأت على ذكره، وواسطة النقل لم تأت على ذكرها ، مع أن الشيء المنقول إلى الدماغ وكذلك واسطة نقله جزء لا يتجزأ من عملية التفكير " التوزين " ) فأنا أستغربها أيضا فما دخل واسطة النقل بعملية التفكير ولماذا هي جزء من منها .. فما دخل الواسطة التي نقلت الأشياء المراد وزنها بعملية الوزن ؟ وما الفرق بين أن تسألني شفويا فتكون الأذن هي الواسطة وبين أن تسألني كتابة فتكون العين هي الواسطة ؟ ما دخل هذا في التفكير؟
وأما ما جاء في ثالثا حيث أخذت علي أنني حصرت العقل أو التفكير بإدراك الأمور المنطقية فقط مع أن المنطق هو أسلوب من أساليب العقل فإن قولك هذا جميل وقد استفدت منه الكثير وجزاك الله خيرا على هذا التنبيه غير أنني لم أفهم عبارتك أن الإنسان يمكنه الاستغناء عن المنطق وأرجو لو توضح ذلك ولا بأس بالاستعانة ببعض الأمثلة.

أما ما جاء في رابعا فإني أحتاج لمعرفة مرادك من كلمة ( واقع ) فهل تقصد منها ذات الشيء فإذا قلت واقع الكتاب فهل تقصد ذات الكتاب الموجود في الخارج أم أنك تقصد من هذه الكلمة معنى الشيء وليس ذاته ؟ فلو فرضنا أنك تقصد المعنى الأول فإن ذلك ممتنع فالكتاب ذاته لا ينتقل إلى الدماغ ولو فرضنا أنك تقصد المعنى الثاني فإن ذلك يتعارض مع قولك بأن العقل يتعامل مع الأمور الحسية لأن الذي انتقل إلى الدماغ لم يكن شيء حسي فالشيء الحسي بقي مكانه في الخارج وأما الذي انتقل إلى الدماغ فهو معنى ذلك الشيء الحسي وهذا معناه أن العقل لا يتعامل مع الشيء الحسي بل أنه يتعامل مع معناه .. لذلك فإننا حينما نسمع كلمة كتاب فإننا ندرك معناها مباشرة ومن ثم فإن التعامل يتم مع المعنى لا مع الكلمة ذاتها وما يؤكد هذا المعنى أننا لا نستطيع أن نتعامل مع تلك الكلمة لو أننا لم ندرك معناها فالتعامل إذن يتم مع المعنى وليس مع الكلمة .. ثم أننا في كثير من الأحيان نفكر في أمور غير موجودة إطلاقا بل مجرد فرضيات وحسابات فـنقول مثلا لو عملنا كذا لنتج عندنا كذا ثم نقوم بحسابات منطقية لعدد من الفرضيات لنصل في النهاية إلى قرار معين أو نصل إلى نظرية معينة .. وهنا أتساءل ألا يعتبر هذا الجهد الذي بذلناه تفكيرا ؟ مع أننا لم نستعن بأي حاسة من حواسنا فنحن لم نر ولم نسمع ولم نلمس ولم نتذوق ولم نشم أي شيء ومع ذلك فقد قمنا بعملية التفكير .

أما ما جاء في خامسا من أن التفكير لا يتم إلا في واقع محسوس فقد أثبتنا قبل قليل خطأ هذا القول والذي يبدو لي أنك حينما تلاحظ أن كثيرا من المعاني تنتقل إلى العقل عن طريق الحواس كحاسة البصر مثلا فإن ذلك يجعلك تحكم بأن العقل يجري في محيط المحسوسات فقط لذلك لابد لك وأن تفرق بين ذات الشيء وبين معناه ثم لابد وأن تلاحظ أن العقل يتعامل مع المعنى لا مع الشيء حتى لو كانت الوسيلة التي نقلت معنى الشيء إلى العقل هي وسيلة حسية فإن ذلك لا يغير في الأمر شيء .

كما وأننا كثيرا ما ندرك الأمور غير الحسية بواسطة إدراكنا لأمور حسية ومن المفروض أن هذا لا يجعلنا نعتقد بأن إدراكنا قد وقع على شيء حسي فالشيء الحسي في هذه الحالة لا يعدو عن كونه وسيلة لأن ندرك شيئا غير حسي ومثال على ذلك لو أن أحدا أخبرنا بشيء معين وبواسطة بعض القرائن الحسية أدركنا أنه كان كاذبا كما لو أننا رأيناه في مكان آخر في نفس الوقت الذي ذكره لنا في كلامه فإن إدراكنا لكذبه جاء بعد تفكير منطقي أجريناه على الدلالات التي أدركناها واستخلصناها من تلك القرائن الحسية أي أن التفكير لا يتم في القرائن نفسها لأن القرينة هنا هي رؤيتنا له في مكان آخر في نفس الوقت الذي ذكره لنا وحاسة البصر هنا المسؤولة عن رؤيته ليست مسؤولة عن ربط ذلك بالقانون العقلي الذي يقول باستحالة وجود شخص معين في مكانين مختلفين في وقت واحد فهذا ليس من شأنها فالتفكير إذن لا يتم في ذات الأمور الحسية بل في معانيها ودلالاتها وبذلك فإن التفكير هنا لم يكن حبيس الأمور الحسية كما وأن الشيء الذي فهمناه وتوصلنا إليه وهو الكذب ليس من الأمور الحسية ولو كان كذلك لاستطاع كل إنسان أن يكتشف الكذب حتى لو كان فاقدا للعقل أرأيت الحرارة هل هناك من لا يدركها ؟ ولو ادعى أحد أن الكذب من الأمور الحسية فإننا سوف نطالبه بأن يبين لنا ما هي الحاسة المسؤولة عن الإحساس بالكذب. وعلى ذلك نقول أن الكذب من الأمور التي يتم إدراكها بالعقل وليس بالحس وإن استعانتنا بالأمور الحسية لإدراك أمورا غير حسية لا ينبغي أن يؤثر علينا ويجعلنا نعتقد بأن تفكيرنا وإدراكنا تم في محيط حسي.

وزيادة في توضيح وإثبات أن التفكير لا ينحصر في إدراك الأمور الحسية أسوق لك بعض الأمثلة على ذلك :
فأنت مثلا حينما تقرأ مقالة معينة وتحاول فهم ما ترمي إليه هذه المقالة ولنفرض أنها غامضة وصعبة الفهم فإنك أثناء تفكيرك ومحاولتك فهم تلك المقالة سوف تجد نفسك غارقا في معان تلك المقالة وبعيدا كل البعد عن كلماتها التي قد يصل عددها إلى ألف كلمة أو أكثر.

كما وأنك قد تكون مسؤولا عن تبليغ رسالة معينة شفويا ولكن قد تجد نفسك قد نسيت نص الرسالة ولكنك مدرك معناها جيدا فتقوم بتبليغ الرسالة دون استخدام أي كلمة من كلماتها الأصلية.

كما وأننا كثيرا ما ندرك أمورا من خلال عبارات معينة نقرأها أو نسمعها مع أن هذه الأمور التي فهمناها لم تكن موجودة في تلك العبارات التي قرأناها أو سمعناها فمثلا الآية الكريمة ( ولا تقل لهما أف … ) نفهم منها أن الصراخ على الوالدين وضربهما شيء محرم مع أن الآية لم تذكر الضرب أو الصراخ وهذا معناه أننا حينما فكرنا في هذه الآية لم نفكر في ذات كلماتها وإنما فكرنا في معاني هذه الكلمات ودلالاتها لأن المعنى الذي توصلنا إليه لم يكن له أي كلمة في هذه الآية وهذا ما يتعارض مع قولك ( فسواء أكان المعنى له واقع محسوس أم لا فإن التفكير لم يجر في المعنى وكذلك الحكم لم يصدر على المعنى وإنما التفكير قد جرى في الكلمة والحكم قد صدر عليها ) فهنا لم يتم نقل واقع محسوس يدل على ذلك المعنى بل لم يكن له أي واقع محسوس وإنما توصلنا إلى هذا المعنى عن طريق فهمنا لواقع آخر.

كما أنك بعبارتك هذه تجعل المعنى تابعا للكلمة والحال أن المعنى هو الأصل وهو سابق على الكلمة ولم توجد الكلمة إلا للتعبير عن المعنى فهي لا تعدو عن كونها وسيلة للتعبير عن المعنى وإيصاله للآخرين.

وأنت ترى نفسك حينما تكون لديك فكرة معينة تريد التعبير عنها فإنك تستخدم الكلمات وتوظفها لتعبر بها عن فكرتك فالكلمات إذن تأتي بعد وجود المعنى بمعنى أن في أوقات معينة قد تكون لدينا أفكار وليس لدينا أي كلمة للتعبير عنها بل قد نعبر عنها بتعبيرات خاطئة أو ربما نعجز عن إيجاد الكلمات التي تعبر عن الأفكار التي لدينا وهذا معناه أن الأفكار قد توجد بلا كلمات وهذا بالطبع ينفي فكرة أن التفكير يجري في الكلمة ولو كان التفكير يجري في الكلمات لما استطعنا أن نفكر في أي شيء إلا بكلماته ولأصبح كل معنى نحمله لابد وأن نحمل معه الكلمات التي تعبر عنه.

وقد قلت أيضا أنني حسب الظاهر أخلط بين الواقع المحسوس وبين الواقع الملموس وقلت ما نصه ( أما التفكير في المعاني فإن قولك " والمعاني ليست من المحسوسات " هو نفي للحس عن كل المعاني، وهذا خطأ. والظاهر أنك تخلط بين الواقع المحسوس وبين الواقع الملموس، فكأنك تعتقد أن الواقع المحسوس هو الواقع المادي الملموس ، ولما كانت المعاني ليست ملموسة قلت أنها ليست محسوسة. مع أن الواقع خلاف ذلك فليس كل ما يحس يلمس وان كان كل ما يلمس يحس، بمعنى أن كل واقع ملموس هو واقع محسوس، ولكن ليس كل واقع محسوس هو واقع ملموس، لأن اللمس محصور بحاسة اللمس فقط، فمثلا الظلم يحس ولا يلمس، والفخر يحس ولا يلمس والشجاعة تحس ولا تلمس والعزة تحس ولا تلمس والخزي والعار يحس ولا يلمس والاهانة تحس ولا تلمس، وعظمة الله تعالى تحس ولا تلمس ، والعجز والاحتياج اليه سبحانه وتعالى يحس ولا يلمس، وهكذا جميع الأمور المعنوية والروحية تحس ولا تلمس، وأما الأشياء المادية فإنها تحس وتلمس كالرغيف يحس ويلمس والماء يحس ويلمس والتراب يحس ويلمس، فالمقصود بالواقع المحسوس ليس هو الأشياء المادية الملموسة فقط بل كل ما يحس. فالتفكير في جميع هذه المعاني هو تفكير فيما يحس.

وأود هنا التأكيد على أنني على معرفة تامة بأن الحواس التي لدينا هي خمس حواس ولا أخلط بينها ولكن حسب ما ظهر لي أنك قد خلطت بين الإحساس وبين الشعور وهذا الخلط يقع فيه كثير من الناس فالإحساس متعلق بما يحس به الإنسان عن طريق حواسه الخمس أما الأمثلة التي أتيت بها كالظلم والإهانة والعزة فهي متعلقة بالمشاعر وليس بالأحاسيس والتفريق بين هذه وتلك سهل للغاية حيث نرى أن الأمور المتعلقة بالإحساس تابعة لحاسة معينة بشكل مباشر ويستطيع كل إنسان بصرف النظر عن مستوى تفكيره بل كل حيوان أيضا أن يحس بها مادامت تلك الحاسة سليمة فكل إنسان وكل حيوان يستطيع أن يرى مادام لم يفقد بصره وكل إنسان وكل حيوان يستطيع أن يسمع مادامت أذناه سليمتين وهكذا بقية الحواس وأما الشعور فإنه غير متعلق بحاسة معينة فليست العين مسؤولة عن الشعور بالخوف لو رأينا أسدا يحاول الاقتراب منا وإنما هي مسؤولة فقط عن الرؤية أما الخوف فيأتي نتيجة إدراكنا للخطر الذي يمثله هذا المشهد لذلك فإن الشخص الذي لا يدرك خطورة ذلك الأسد الذي رآه كأن يكون مجنونا مثلا أو أن المعلومات التي يعرفها عن الأسد معلومات خاطئة بحيث جعلته يعتقد أن الأسد حيوان أليف فإنه لن يشعر بالخوف منه مع أنه قد رآه كما رأوه الآخرون ومعنى ذلك أن الخوف ليس من الأمور التي نحسها وإنما هو من الأمور التي نشعر بها وهكذا بقية الأمثلة التي جئت بها ولو كانت هذه الأمثلة من الأمور التي نحس بها لأصبح لها حواس كالحواس الخمس فكما أن حاسة البصر هي العين يجب أن يكون لكل واحد من تلك الأمثلة عضوا معينا ليكون المسؤول عن تلك الحاسة فيكون لحاسة الخوف عضو معينا ولحاسة الإهانة عضوا آخر ولحاسة الظلم أيضا عضوا معينا وهكذا..

من ذلك يتبين أن هذه المعاني ليست من المحسوسات والتفكير فيها أو إدراكها ليس تفكيرا أو إدراكا لشيء محسوس.

وأما قولك أن الأعداد ليست شيئا قائما بذاته فهذا خلاف الواقع نعم لو قلت أن الأعداد ليست شيئا ماديا فإن كلامك يكون صحيحا أما أن تنفي وجودها فهذا نفي لشيء موجود ونتعامل معه بشكل مستمر والأعداد عندما لا تكون مقترنة بأي شيء تسمى بـ ( الأعداد المجردة ) وينبغي أن نخلط بين العدد والمعدود.

وأما قولك ( فمن المعلوم بداهة أن كل ما سوى الله تعالى محدود، الأعداد وغير الأعداد ) فهو قول لم أستطع رده وفي نفس الوقت أجد نفسي لا أستطيع أن أتصور وجود نهاية للأعداد إذ أنني أفترض أن باستطاعتنا زيادة أي عدد بغض النظر عن معرفتنا له أو عدمها لذلك فأنا محتاج للبحث في هذا التعارض والسؤال عنه. ولكن في نفس الوقت أجدك قد أقررت بوجود الأعداد اللانهائية وذلك في عبارتك ( العدد بين رقمين هو عدد لانهائي مع أنه محدود لأنه يقع بين رقمين ) وأنت هنا جمعت بين اللانهائي وبين المحدود في نفس الوقت. فإن كان اللفظان بنفس المعنى فهذا تناقض وإن كانا مختلفين بحيث من الممكن أن يكون الشيء محدودا وفي نفس الوقت لانهائيا فإن اعتراضك على قولي بأن الأعداد لانهاية لها في غير محله وخصوصا وأن اعتراضك على قولي جاء معتمدا على عبارتك ( أن ما سوى الله فهو محدود ) أي أنك عارضت كلمة ( لانهائي ) بكلمة ( غير محدود ) وهذا معناه أنك اعتبرت كلمة ( لانهائي ) مرادفة لكلمة ( لامحدود ) وهذا ما جعلك تقع في تناقض صريح حينما تقول ( العدد بين رقمين هو عدد لانهائي مع أنه محدود لأنه يقع بين رقمين ) لأن من خلال اعتبارك أن كلمة ( لانهائي ) مرادفة لكلمة ( لامحدود ) فإننا نستطيع أن نقرأ عبارتك كالآتي : ( العدد بين رقمين هو عدد لانهائي مع أنه نهائي لأنه يقع بين رقمين ) وهذا هو عين التناقض.

وأما قولك (أثر الخالق جزء من وجوده ) فأرى أن الجملة غير صحيحة بسبب بسيط وهو أن الوجود لا يتجزأ. ولو أنك قلت (أثر الخالق دليل على وجوده ) لكان ذلك أقرب إلى الصواب لأن هذه الموجودات وهذا الكون هي آثار تدل على وجود خالق لها مع ملاحظة أن الأثر لا يدل دائما على وجود صاحب الأثر فقد يزول صاحب الأثر ويبقى أثره قائما بمعنى أن الأثر يدل بالضرورة على وجود صاحب له في لحظة حدوثه ولكن لا يدل على وجوده حاليا وإلى الأبد.

وبناء عليه فقد تبين أن تعريف العقل بأنه ( نقل الواقع إلى الدماغ بواسطة الحواس ووجود معلومات سابقة تفسره ) غير صحيح على الإطلاق كما تبين أن القول بأن العقل والتفكير والفكر شيء واحد غير صحيح أيضا كما تبين أن القول باشتراط الواقع المحسوس في عملية التفكير غير صحيح ، وبذلك ينتفي الاحتجاج بتعريف العقل على عدم صحة الإيجاب العقلي على الله تعالى في موضوع الاستخلاف.
__________________
فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني