عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 15-12-2003, 07:51 PM
النقيب النقيب غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 1,176
Lightbulb مقال نبيل شبيب بعنوان: اعتقال رئيس سابق

اضعه هنا لأقرأه انا وانتم لاحقا

اعتقال رئيس سابق

الحقيقة المغيّبة بين الصخب والمخاوف والغضب



ما يزال يتكرّر المشهد العراقي كلّ يوم بإخراج جديد، وآخر حلقاته وقوع صدام حسين في أسر قوّات الاحتلال الأمريكي، فبعد كل ما أحيط به فصل سابق بعنوان: إسقاط "رئيس الدولة" وتحطيم تماثيله، أتى الفصل التالي بعنوان: اعتقال "الرئيس السابق" مع مزيد من المظاهر الاستعراضية المقصودة، ولئن اتخذت التطورات مجرى طبيعيا فسيأتي الفصل القادم بعنوان: محاكمة "الديكتاتور السابق"، ثمّ فصل آخر على الأرجح بعنوان: إعدام "المجرم السابق".



المسرح والمتفرّجون

أمّا المسرح نفسه فلم يتبدّل تبدّلا يستحقّ الذكر:

- بقي المخرج والمنتج أمريكيا، بأسلوب أقرب إلى أساليب رعاة البقر منه إلى سلوك ساسة وقادة عسكريين أو حتى إتقان فني لسينمائيين متخصصين متمرّسين..

- وجلّ من يؤدّون الأدوار الجانبية بأعداد ضخم على غرار أفلام هوليوود العملاقة، هم الجنود الأمريكيون والسائرون في ركابهم..

- ويطلّ على المسرح أحيانا بعض رؤوس "شخوص" التمثيلية المتأمركين، فتكاد تسمع "الملقّن" يملي عليهم ما يقولون.. ويصحّحه أحيانا..

- بينما بقيت الغالبية العظمى في طول العالم العربي والإسلامي وعرضه.. للقيام بدور المتفرّجين، ساسة وزعماء في الصفوف الأولى للمتفرجين على المسرح السياسي الدولي، حتى وإن صافحهم بعض الممثلين الرئيسين أحيانا.. أو متفرّجين أيضا يعدّون مئات الملايين، ولا يملكون "حقّ المشاهدة" إلاّ في حدود ما يُنقل إليهم فتعرضه شاشة التلفاز.

هل يُستغرب إذن الصمت الرسمي العربي في اليوم الأوّل على الأقلّ لعرض فصل الاعتقال من المشهد العراقي؟..

صمت "صارخ".. باستثناءات محدودة، اقتصرت على وزير الإعلام الكويتي "مبتهجا"، ووزير الخارجية المصري "متمنيا"، وعلى عمرو موسى باسمِ جامعة الدول العربية "متحدّثا حكيما" حريصا على ألاّ يضيع ما بين ساسة يمكن أن تستفزّهم أقواله وشعوب تستفزّه بتوقعاتها ومطالبها!..

لم يكن ذلك الصمت الصارخ مستغربا، فقد سبق أن رصدنا مثيله مرارا، أمام كل حدث مهمّ سابق، ليس في المشهد العراقي فحسب، وإنّما في معظم المشاهد الأخرى ذات العلاقة الصميمية بواقع بلادنا، وقضايانا، ومستقبلنا، إلا ما كان من كلام كأصوات "الكورس"، مواكبٍ لمجرى الأحداث، وفق المطلوب من أصحابه.. تأييدا لصانعي الأحداث أحيانا، أو تبريرا لها غالبا، أو احتجاجا شفويا متكرّرا من وقت إلى آخر، إنّما الملحوظ هو أنّ "المسموح" به على شكل احتجاج بدأ ينكمش ويتقلّص، فتصاعدت "كميّة" الحذر بصورة تتناسب طردا مع تصعيد كمية العنجهية العدوانية العلنية، هذا علاوة على أنّ الاحتجاج الكلامي فقد مفعوله الأصلي، إذ اضمحلّت قدرته على استرضاء المستهدَفين به، فقد بلغ اعتياد بعضنا على "منتجات" الاستهلاك الإعلامي المحلي.. مستوى الإدمان.

إنّ هذا الدور المتقلّب بين صمت صارخ أو صراخ صامت، تحت عنوان: "مواكبة" الأحداث، من داخل بلادنا ومن قلب الأحداث العاصفة بنا، يشابه أو يقلّ درجة أحيانا عن دور يؤدّيه سوانا، ممّن يعيش في بلاد غير بلادنا، وتهمّه في الأصل أحداث غير الأحداث التي تقصم ظهر قضايانا، وإذا صحّ وجود مخلوقات على كواكب أخرى ترصدنا عن بعد، فلربّما يكون دور المتفرّجين منها علينا، صامتين أو ناطقين، متطابقا مع هذا الدور الذي نرصده على أنفسنا، مع كلّ حدث جديد.

هل نكتفي بوصف ما نحن عليه؟..



الذعر.. والخطر

لندع صورة "الواقع" لحظات، ولو على سبيل الاستراحة ممّا يستدعي الألم والاشمئزاز معا، ولنتخيّل أنّ سقوط صدام حسين ونظامه، وأنّ اعتقاله وما سيصنع به، قد تمّ بعضه وسيتمّ بعضه الآخر نتيجة ثورة شعبية، في غياب الدبابات والطائرات الأمريكية، التي طالما دعمته من قبلُ طوالَ تعاونه مع ساسة واشنطون، ولنتخيّل آنذاك:

- كيف ستكون ردود الفعل الشعبية، وكيف تتحوّل تلك المظاهرات المحدودة عددا، والاصطناعية أحيانا، والمتركّزة على منطقة دون أخرى من العراق دوما.. كيف تتحوّل إلى مظاهرات جماهيرية حقيقية حاشدة..

- وكم سترتعد فرائص من يمارس الحكم في بلادنا العربية والإسلامية ولو بدرجات متفاوتة على غرار ما صنع صدّام حسين من قبل..

- ثمّ لنتخيّل ما يمكن أن ينجم عن مثل ذلك التغيير من أحداث لا تقف قطعا عند الحدود العراقية، ولا تترك مجالا للتساؤل عن حقيقة موقف "النخبة الصادقة" و"الجمهرة العامّة" في بلادنا.. أو ما يسمّونه الشارع العربي –عمدا- للحطّ من شأنه.. هل هو موقف الابتهاج أم الانقباض، أم هو الشماتة أم الغضب.

على النقيض من الصمت الرسمي العربي والإسلامي، لم يكن يوجد ما يستدعي الصمت الرسمي غربيا.. فالمؤيّدون والمعارضون لحرب احتلال العراق تسابقوا في الإعلان عن مواقف التهنئة والابتهاج، وحتى البورصات –مثل بورصة تل أبيب- سجّلت ابتهاجها بارتفاع قيمة أسهمها فيما يشبه القفز إلى الأعلى.. ولم يكن في واقع اختلافات الغربين عموما وحول المشهد العراقي تخصيصا، ما يمنع أيّا منهم من إبداء موقفه.. دون أن يغيّر ذلك من سياساتهم واختلافاتهم الراهنة شيئا، وهذا فارق جوهري، فقد رسّخت "الثقافة السياسية والحزبية" في بلادنا أسلوب عدم الالتقاء على أمر دون التوافق في كل أمر، وما دام هذا مستحيلا، فليبق الالتقاء مستحيلا ايضا!..

هذا رغم أنّ الصمت الرسمي العربي يدفع جمهور المتفرّجين "الشعبيين" إلى طرح ألف سؤال وسؤال:

- هل يخشى بعضهم مصيرا مماثلا فهم يحملقون مشدوهين مذعورين عاجزين عن الحركة، أو ينظرون إلى المرآة ويخشون أن تعرضهم آلة الإجرام الأمريكية يوما ما في صورة مجرمين، مستسلمين تحت تأثير حقنة ما، أو تحت تأثير الجبن والخوف؟..

- هل ينتظرون أن يؤدّي التصعيد المطّرد لما يصنعه المخرج الأمريكي بأحدهم، هكذا بأسلوب سينمائي وبصورة علنية استعراضية إلى غضبة شعبية عارمة مفاجئة، قد تأكل الأخضر واليابس قبل أن يصلهم من مصانع الغرب ما يكفي من أجهزة القمع ووسائل الفتك؟..

- ثمّ هل يضعون في حسابهم ما يمكن أن يترتّب على مجرى الأحداث في العراق على صعيد قضية فلسطين المحورية، وإن كان ما يُصنع بها مباشرة بمشاركتهم يكفي وزيادة.. أو في منطقة الخليج النفطية، أو على امتداد مصالحهم المحدودة وعلاقاتهم الشكلية في المنطقة الإسلامية، فهم لا يجهلون أنّ حوض دجلة والفرات هو صلة الوصل ما بين مشرقها ومغربها، والبوتقة التي صُهرت فيها واندمجت ألوان حضاراتها وثقافاتها، قبل أن يشرب الغرب من خلاصة عصارتها؟..

- ثمّ إلى متى تستمرّ فيما بينهم الانقسامات حول "ما بعد احتلال العراق" مثلما كانت أثناء "حصار العراق"؟..

- هل يلجؤون إلى مزيد من الاستجابة للمطالب الأمريكية التي لم تعد تحدّها حدود ولم تعد تقف مضامينها حتى عند أبواب حرمة المساجد وخصوصية المدارس، واستقلالية الخطب وأصالة المناهج.. بل ولا حتى عند حدود الإبداع الذي طالما شجّعوه من قبل ولكن في اتجاه واحد، ويريدون الآن توجيهه حيث يريدون، حيثما عبّر عن نفسه، في مسرحيات فنية أو مقالات ثقافية وفكرية؟..

إذا كان المسؤولون يطرحون مثل هذه التساؤلات –وبعضهم يبوح بذلك علنا أحيانا- فممّا يثير أشدّ درجات الاستغراب والإشفاق، أنّهم لم يطرحوا من قبل ولا يبدو أنّهم يريدون أن يطرحوا السؤال:

- متي يدقّ عندهم ناقوس الخطر الأمريكي-الإسرائيلي بما فيه الكفاية، ليفكّروا تفكيرا جادّا ويتحرّكوا تحرّكا مشهودا عمليا، وصادقا لا كاذبا، على طريق مصالحة حقيقية وشاملة مع الشعوب، سعيا إلى الاحتماء بإرادة الشعوب وطاقات الشعوب، من الهجمة المعادية الشرسة ضدّ المنطقة، وقد باتت تستهدف الجميع حكاما وشعوبا وتيارات متعدّدة.. دون تمييز؟..




__________________


[HR]
يا رسول الله

[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
ورؤيتكم أيا تاج الجمالِ = أحبُّ إليَّ من أهلٍ ومالِ
تأصّلَ حبّكم في القلبِ حتى = تعلَّقَ فيكمُ فكري وبالي
نقيبُ القلبِ لذتُ اليوم فيكم = فيحلو في محبتكم مقالي
وحالي ضاربٌ بالشوقِ صبٌّ = متى النظراتُ تسعفُ ما بحالي
[/poet]
[HR]
}{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}{