عرض مشاركة مفردة
  #45  
قديم 03-12-2006, 12:40 PM
karim2000 karim2000 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2006
المشاركات: 433
إفتراضي النهي عن إشاعة الأخبار والتوجيه لحسن التعامل معها

والله صدقت يا مصابر
تعال نسمع قطب رحمه الله
ويمضي السياق يصور حال طائفة أخرى أو يصف فعلة أخرى لطائفة في المجتمع المسلم وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولوردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا والصورة التي يرسمها هذا النص هي صورة جماعة في المعسكر الإسلامي لم تألف نفوسهم النظام ; ولم يدركوا قيمة الإشاعة في خلخلة المعسكر ; وفي النتائج التي تترتب عليها وقد تكون قاصمة ; لأنهم لم يرتفعوا إلى مستوى الأحداث ; ولم يدركوا جدية الموقف ; وأن كلمة عابرة وفلتة لسان قد تجر من العواقب على الشخص ذاته وعلى جماعته كلها ما لا يخطر له ببال ; وما لا يتدارك بعد وقوعه بحال أو ربما لأنهم لا يشعرون بالولاء الحقيقي الكامل لهذا المعسكر ; وهكذا لا يعنيهم ما يقع له من جراء أخذ كل شائعة والجري بها هنا وهناك وإذاعتها حين يتلقاها لسان عن لسان سواء كانت إشاعة أمن أو إشاعة خوف فكلتاهما قد يكون لإشاعتها خطورة مدمرة فإن إشاعة أمر الأمن مثلا في معسكر متأهب مستيقظ متوقع لحركة من العدو إشاعة أمر الأمن في مثل هذا المعسكر تحدث نوعا من التراخي مهما تكن الأوامر باليقظة لأن اليقظة النابعة من التحفز للخطر غير اليقظة النابعة من مجرد الأوامر وفي ذلك التراخي قد تكون القاضية كذلك إشاعة أمر الخوف في معسكر مطمئن لقوته ثابت الأقدام بسبب هذه الطمأنينة وقد تحدث إشاعة أمر الخوف فيه خلخلة وارتباكا وحركات لا ضرورة لها لاتقاء مظان الخوف وقد تكون كذلك القاضية وعلى أية حال فهي سمة المعسكر الذي لم يكتمل نظامه ; أو لم يكتمل ولاؤه لقيادته أو هما معا ويبدو أن هذه السمة وتلك كانتا واقعتين في المجتمع المسلم حينذاك ; باحتوائه على طوائف مختلفة المستويات في الإيمان ومختلفة المستويات في الإدراك ومختلفة المستويات في الولاء وهذه الخلخلة هي التي كان يعالجها القرآن بمنهجه الرباني والقرآن يدل الجماعة المسلمة على الطريق الصحيح ولو ردوه إلى الرسول والي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم أي لو أنهم ردوا ما يبلغهم من أنباء الأمن أو الخوف إلى الرسول ص إن كان معهم أو إلى أمرائهم المؤمنين لعلم حقيقته القادرون على استنباط هذه الحقيقة ; واستخراجها من ثنايا الأنباء المتناقضة والملابسات المتراكمة فمهمة الجندي الطيب في الجيش المسلم الذي يقوده أمير مؤمن بشرط الإيمان ذاك وحده حين يبلغ إلى أذنيه خبر أن يسارع فيخبر به نبيه أو أميره لا أن ينقله ويذيعه بين زملائه ; أو بين من لا شأن لهم به لأن قيادته المؤمنة هي التي تملك استنباط الحقيقة كما تملك تقدير المصلحة في إذاعة الخبر حتى بعد ثبوته أو عدم إذاعته وهكذا كان القرآن يربي فيغرس الإيمان والولاء للقيادة المؤمنة ; ويعلم نظام الجندية في آية واحدة بل بعض آية فصدر الآية يرسم صورة منفرة للجندي وهو يتلقى نبأ الأمن أو الخوف فيحمله ويجري متنقلا مذيعا له من غير تثبت ومن غير تمحيص ومن غير رجعة إلى القيادة ووسطها يعلم ذلك التعليم وآخرها يربط القلوب بالله في هذا ويذكرها بفضله ويحركها إلى الشكر على هذا الفضل ويحذرها من اتباع الشيطان الواقف بالمرصاد ; الكفيل بإفساد القلوب لولا فضل الله ورحمته ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا آية واحدة تحمل هذه الشحنة كلها ; وتتناول القضية من أطرافها ; وتتعمق السريرة والضمير ; وهي تضع التوجيه والتعليم ذلك أنه من عند الله ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرًا

رحم الله سيد قطب