عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 23-03-2004, 11:01 AM
لطيف لطيف غير متصل
لــــــــــطيـــــــــــف
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: لطيف
المشاركات: 835
إرسال رسالة عبر ICQ إلى لطيف إرسال رسالة عبر  AIM إلى لطيف إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى لطيف
إفتراضي الجنبية اليمنية .. أصالة تسافر عبر الأزمان

الجنبية اليمنية .. أصالة تسافر عبر الأزمان
الرأس والنصل والزهرات .. قصص منفردة تجتمع في الجنبية
المؤرخون يرجعون بداية ظهورها الى الألف الثالث قبل الميلاد وشواهد أثرية تحمل الإثبات


"الإثنين, 15-مارس-2004" - استطلاع/ سعيد الجعفري
ارتبطت الجنبية بشخصية الانسان اليمني عبر مراحل التاريخ المختلفة لتمثل اليوم موروثاً حضارياً يحرص اليمنيون على تجسيده في ارتباط حميم يجمع الانسان بالتاريخ والحاضر لتصبح الجنبية فيه رمزاً يحضر في الزي اليمني كما يحضر في العادات والمناسبات المختلفة والتي يكون الاهتمام فيها بتجسيد الأصالة أمراً مفروغاً منه.
والجنبية اليمنية ليست رمزاً مجرداً.. انها مجموعة رموز ، رأسها «مقبضها» يستحوذ على الكثير من التاريخ وأسرار الصناعات وحكايات البائعين والمشترين والأثمان.. ورأسها مع النصل يصنعان أعرافاً قبلية يحفظها الناس ويفهمونها بل ويرضخون لها.
الخلاصة.. أنها رمز ومعنى.. قيمة وأصالة سافرت عبر الأزمان وحضرت وتحضر في كل أجزاء تاريخ الحضارة اليمنية وكأنها تملك «إكسير الحياة» الخاصة بها..
تعددت الروايات حول الأسباب المصاحبة لإطلاق هذه التسمية «الجنبية» فهناك من يرى بأن هذه التسمية جاءت ن اتخاذ الانسان اليمني لهذا الخنجر موضعاً على جنبه وأصبحت رفيقاً دائماً له لساعات طويلة في أيام حياته وهي بجانبه ولهذا أطلق عليها بالجنبية، في حين هناك من يرجع التسمية للجغرافيا لكون سكان جنوب الجزيرة العربية هم الذين انفردوا بها دون غيرهم فجاءت التسمية مشتقة من كلمة الجنوب.. لكن متى ظهرت؟!

تاريخ الجنبية
السؤال يجهل اجابته العاملون في هذه الحرفة وفي اجاباتهم عليه ابتعاد عن الحقائق التاريخية التي تحتمل العديد من الاحتمالات لبداية ظهور الجنبية.. في الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات لم نتمكن من العثور على شخص يفيدنا حول الموضوع.. إلا أن ثمة نقوشاً منحوتة على بعض الجنابي القديمة الموجودة في متحف ظفار تشير الى أن بداية ظهورها قد يعود الى فترة ما قبل الميلاد بأربعمائة سنة.. غير أن بعض الدلائل التاريخية تشير الى أن ظهورها يعود الى الألف الثالث قبل الميلاد، ويستدل أصحاب هذه الرؤية من المهتمين بالتاريخ من خلال العديد من الشواهد التاريخية التي ماتزال قائمة حتى العصر الحالي كالقبور الموجودة في محافظة حضرموت والتي يظهر عليها شكل خنجر هلالي أشبه بالجنبية منحوت على تلك القبور في أمر يعتبرونه من أقوى الشواهد على صحة روايتهم لتاريخ ظهور الجنبية..
فريق آخر من المهتمين يجزم بأن التاريخ الحقيقي لظهور الجنبية يعود الى بداية القرن السابع قبل الميلاد ودليلهم على ذلك ما يظهره تمثال الملك (معدى كرب) والذي يظهر عليه تجسيد مصغر لشكل الجنبية في هيئتها الأولى.

مكانة .. وعشق
واليوم لازالت الجنبية تحظى بحضور واسع كموروث حضاري.. جعلت منها سمة تلازم شخصية الانسان اليمني المعتز بتاريخه والمتمسك بحضارته.. وفي أمر يستحيل معه أن تجد من يجهل مكانة الجنبية في قلوب اليمنيين الذين يحرص الفرد فيهم على امتلاك واحدة منها على الأقل في ارتباط حميم معها.. وعلاقة يصفها محمد العزيري - عاقل سوق الجنابي وأحد تجارها في مدينة صنعاء القديمة بأنها علاقة عشق، باعتبارها جزءاً من تاريخه الذي يحرص على أن يكون حاضراً كما يقول محمد.. حقيقة يؤكدها عشرات الذين أدرنا معهم حديثاً حول تفاصيل كثيرة عن الجنبية ونجد في حديث عبدالعزيز المخلافي الذي صدفناه في طريقنا الى مدينة صنعاء القديمة أصدق تعبير عن مكانة الجنبية في نفوس اليمنيين.. قال لي: «أجد نفسي أمام هذا الموضوع في حالة حزن يبدو خاصاً بي على ثلاث جنابي فقدت مني».
ومسألة تعويض تلك الجنابي خلقت لديه هاجساً يؤرقه.. صرح بأنه سيظل يلازمه حتى يتمكن من تعويضهن بشراء جنبية تفوقهن جودة وقيمة.. فالجنبية كما يرى عبدالعزيز ليست مجرد (سكينة عادية) فهي معادل موضوعي للشخصية اليمنية وخنجر سبئي مسافر بالفطرة عبر هذه الشخصية ومعها منذ بدء ولادة التكوين العربي في مهده الأول اليمن - الأرض - الانسان.. حتى نسر سبأ هو أصلاً على نحو جنبية ويعتبر المخلافي من يقللون بأهميتها.. لا يفقهون معناها مثلما لا يفهمون تاريخ شعبهم.
مضيفاً بأنهم يجهلون بأن الجنبية جزء من عادات وتقاليد ايجابية على صلة وثيقة بوعي حضاري قديم.
ويقول: بل مازال هذا الوعي يتفاعل متجدداً في عقول من يحترمون شموخ تعدد الحضارة اليمنية التي نحن جميعاً شئنا أم أبينا امتداد لموروثها.
سوق الجنابي
أكثر من عشرة أيام قضيناها في التردد على مدينة صنعاء القديمة تجوالاً بين عشرات محلات بيع وتصنيع الجنابي.. والتي معها كان من الطبيعي أن يحط بنا الرحال في مدينة استطاعت اختزال تاريخ عظيم لتجعلك تعيشه وجهاً لوجه.. وما إن تعبر بوابته حتى تكون قد وضعت قدمك على عتبة بوابة التاريخ.. وقبل أن تصل الى محلات بيع الجنابي تكون قد شاهدت العديد من بائعي الجنابي المستقلين ومئات المارة.. بالنادر ما تشاهد فيهم أشخاصاً غابت من هيئتهم الجنبية.
وبالقدر الذي اعتقدنا سهولة المهمة بقدر ما ازدادت تعقيداً.. ضاعت فيه جميع حساباتنا وبدأ ما خططنا له شيئاً وما يحتاجه الأمر منا شيئاً آخر فمن حاولت الاستعانة بهم قد يتفاعلون معك في البداية لاعتقادهم بأنك زبون «دسم» وما إن يعرفون بحقيقة مهمتك حتى تلمس على الفور مشاعر الفتور.. فلعلهم يجيدون لغة البيع والشراء أكثر من لغة الحديث في معلومات يفضلون الاحتفاظ بها لأنفسهم.. فربما كان الأمر ينضوي على أسرار المهنة التي تقتضي منهم الحفاظ عليها، ومع مثل ذلك أن تتهيأ لموقف لم تعمل حسابه.. فأمام أي عملية بيع يقطع صاحب المحل فجأة حديثاً لم يبدأه معك.. فقط أبدى تفهمه لموضوعك حيث لا تعدو في نظرهم سوى مجرد فضولي جاء بين يوم وليلة يطمح في اكتساب المهنة أو على الأقل اكتساب المعرفة التي أضاعوا من أجل اكتسابها سنين عدة وقد يكون من الطبيعي ازاء ذلك تجاهل تساؤلاتك التي لا تتوقف.
المهمة ليست سهلة على حد تعبير أحدهم، والمسألة تحتاج الى خبرة حتى تستطيع التمييز بين أنواع الجنابي بأجزائها المختلفة ومدى جودة كل نوع عن الآخر.

أنـــــــــــواع
الجنبية بأجزائها المختلفة (الرأس -النصلة - العسيب - الحزام) كل جزء من أجزائها المختلفة له أنواع متعددة تتفاوت هذه الأنواع من حيث الجودة ومكوناته الرئيسية.
ويعد رأس الجنبية أهم جزء فيها وتتوقف عليه القيمة المادية للجنبية ومن خلاله يمكن تمييز جودة الجنبية من عدمها وعندما تتوجه بالسؤال لأصحاب محلات بيع الجنابي عن أفضل أنواع الجنابي سرعان ما يجيبونك بأن أفضل تلك الأنواع هو الصيفاني في تسمية ينسبونها الى نوع الرأس المتمثل بالصيفاني الجميع من أصحاب محلات بيع الجنابي ومحلات صناعة الرأس والنصلة يتفقون حول وجود أنواع للرأس، لكن البعض يضع لها ترتيباً حسب أهمية كل نوع عن الآخر.
ويقول الشيخ/ نعمان الحباري - صاحب محل بيع جنابي وأحد مشائخ صنعاء القديمة بأن أنواع الرأس تتمثل في الرأس الصيفاني والذي ينقسم الى عدة أنواع أيضاً بتفاوت مقدار الجودة، فهناك الصيفاني الخالص والصيفاني الأسعدي وأضعف أنواع الرأس الصيفاني بحسب ما يقول الحباري هو الصيفاني البصلي أو ما يسمى (الصافي).
أما محمد العزيري - عاقل سوق الجنابي وصاحب محل لتصنيع الجنابي فيسمي الصيفاني: الكرك - البصلي - الخرتيت - المصوعي أنواع مختلفة للرأس.
ويقول نبيل العزيري - صاحب محل آخر لصناعة وبيع الجنابي بأن أفضل أنواع الرؤوس الصيفاني والمصنع كما يقول نبيل من وحيد القرن، ولكنه كما يقول حالياً غير متوفر بسبب توقف استيراده.

الصيفاني الأسعدي
الرأس الصيفاني يحتل المرتبة الأولى من بين بقية الأصناف والأكثر تميزاً وجودة ليأتي في المرتبة الثانية الرأس الأسعدي والذي يقال بأن تسميته ترجع الى أحد ملوك اليمن القدماء وهو أسعد الكامل، ثم يأتي في المرتبة الثالثة الرأس (الذارف) والذي يصنع من القرون العادية للحيوانات.. الى جانب أنواع أخرى من الرؤوس التي تعد أنواعاً عادية وتباع بأسعار زهيدة مثل الكرك والخف والمصوعي والعزيري.. وباعتبار أن الرأس الصيفاني هو الأفضل على الاطلاق فقد حاولنا الوقوف أمام هذا النوع والذي كما يقول نبيل العزيري بأنه حالياً غير متواجد ولم يعد يُصنع حالياً نظراً لانعدام المادة المستخدمة في صناعته والتي كان يتم استيرادها في السابق والمتمثلة في قرن وحيد القرن (الخرتيت) والذي كان يستورد على شكل قرون أو على شكل نشارة بسعر الكيلو ألفي دولار وفقاً لما يقوله أحمد البدوي - أحد العاملين في هذا المجال وهو ما يمثل المادة الخام لصناعة الرأس الصيفاني.

الرأس والنصل
ويلفت صالح الفقيه بأنه مع مرور الوقت فإن الرؤوس الصيفاني تزداد أصالة ولمعاناً ما يجعلها تزداد جودة وأهمية وترتفع أسعارها تبعاً لذلك وتصل الى ملايين الريالات.
ويضيف: الحصول على هذه الرؤوس مسألة نادرة وبمثابة فرصة لا يمكن تفويتها أمام من سنحت له.. أما بقية الأنواع فإن قرون الحيوانات الأخرى هي المادة المستخدمة في صناعتها من قرون الأبقار وبعضها - بحسب ما يقول نبيل العزيري - من نيب الفيل، والبعض الآخر من نيب الحوت والمستخدم في صناعة رؤوس جنابي شبوة، وأحياناً يقتضي للرؤوس تطابقها مع نوعية النصل.. فالرأس الصيفاني مثلاً عادة يرتبط بالجنبية الحضرمي بكل مزاياها سواءً النصلة أو غيرها وهو ما يميز جنبية عن أخرى، إلا أن نبيل يقول: ان ذلك ليس في الغالب فهناك جنابي برأس ثمين ونصلة قد لا تتناسب مع جودة الرأس أو العكس.. غير أن الأمر يقتضي تكامل المسألة في تناسق جميع أجزاء الجنبية بحسب ما يفضل أن تكون عليه هيئة الجنبية.
ويردف نبيل قائلاً: مثل هذه الجنابي متواجدة وهي عموماً تبلغ أسعارها مبالغ كبيرة.. وهناك الكثير من الشخصيات الرفيعة التي تمتلك هذا النوع من الجنابي.. الى جانب أن الكثيرين يمضون أوقاتاً كبيرة في البحث عن جنبية متميزة ذات مميزات عالية من حيث أصالتها وجودة صناعتها ومكوناتها المختلفة مثل هذه المزايا المتوفرة فيما يُعرف بالجنابي الحضرمية والتي تجمع رأساً صيفانياً ونصلة حضرمي.
__________________




راسلوني على البريد الأكتروني
ltaf_2009@hotmail.com