عرض مشاركة مفردة
  #33  
قديم 09-06-2005, 05:30 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

فريد جعفر

إن أساء الصانع في عمله
هل يعني ذلك أن تكون الصنعة بأكملها سيئة ..؟؟؟

جوابك على سؤالي السابق ، ستجد فيه جوابي عليك
فهل نحن نسير على نهج محمد بن عبد الله أم على نهج الجماعات التي تسمي نفسها جماعات إسلامية في هذا الزمان أو في غيره ...؟؟؟

عندما نريد القياس ، فلا يجب أن نأخذ أسوأ الأمثلة ثم نقيس عليها
بل يجب أن نذهب إلى الأصل وعليه يكون القياس ، قد تقول بأن في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن هناك سياسة ، وهذا القول مجانب للحقيقة تماما
لأن من البديهي أن أسألك ( كيف أدار محمد عليه الصلاة والسلام وخلفاءه الراشدون من بعده دولة الإسلام ..؟؟؟ )
مشكلتنا أننا حصرنا كل همومنا في المسميات : ( الملكية أو الجمهورية أو الديموقراطية أو ما شابهها من الأنظمة )
ولكن المنصف هو أن لا ينظر إلى الإسم بل ينظر إلى الجوهر ومن وراءه الفعل والتطبيق ، فهناك كما تعلم جمهوريات تطبق النظام الملكي والعكس
وهذا المثل أسوقه لك لأصل إلى قاعدة مهمة يجب أن نتفق عليه وهي أن ما نراه نحن ليس بالضرورة هو الصحيح ، لأن التطبيق يختلف عن المسميات

ثم إنني لأراك أخذت بقول الغزالي في البداية ثم رجعت تتهمه بأنه كان يتبع التقية ، وذكرت بأن علم السياسة علم عقلي فهل أنت تحقر ما قاله العلماء من قبلنا في هذا العلم بعقولهم أم أنك ترى أنك تأتي بأفضل مما أتو به ، فإن كانت الثانية فأنت ترى أنك قد بلغت الكمال

الإسلام أتى بنظام حياة متكامل ، فيه نظام للعلاقات بين الحاكم والمحكوم وبين الناس وبعضهم ورتب العلاقات بين الأمم ، وأوجد لها قواعد للتعامل ، ثم أنه جعل من الشورى قاعدة أساسية لأنظمة الحكم ، لأنها مبدأ من مبادئ الشريعة وأصل من أصول الحكم في الإسلام ، يرسم للمجتمع منهاج التضامن وسبيل التكامل وأسلوب المشاركة في الرأي ، كما أنها صورة من صور المشاركة في الحكم ، تستمد جذورها من أصول الدين وجذوره.
والشورى تجسد نظاما من أكبر النظم وأدق الأبنية السياسية الدستورية ، فهي إسلامية اللحمة ومبدأ إسلامي يدخـل في ميادين كثيرة بقدر ما تحمله كلمـة (أمر) من الدلالات في قوله سبحانـه : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} وقوله عز وشأنه : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} بما ينتظم الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأسري في الشأن العام والخاص وكل ميدان يحتاج فيه إلى استخلاص رأي واستقرار على قرار

والذي يهمنا هنا هو مكانة الشورى في ميدان الحكم والسياسة فلقد حرص الإسلام على غرس مبدأ الشورى في الحياة السياسية وشؤون الحكم بغية وجود حالة من المراجعة المستمر بين الحكام والمحكوم حتى يستوعب القرار السياسي ما لدى الجماهير من وعي وإدراك ويكن الحاكم منطلقا من قاعدة الأمة الوسطية
وهي وسيلة يمكن من خلالها استجلاء الأمر ومعرفة الآراء المتعددة ومن ثم التوصل إلى الأصوب والأسلم ، ولقد دعا الإسلام إليهاوحث على الأخذ بها وطبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم بصور مختلفة وطبقها خلفاؤه الراشدون من بعده لكنه لم يضع لها صورة محددة ولا إطارا محددا بل لم يضع لها نظاما تفصيليا ملزما ولكنه ترك ذلك ليجتهد فيه المسلمون تبعا لاختلاف الظروف والأحوال وتمدد الوسائل وتنوع الأساليب ، وعلى هذا فالشورى ليست نظاما جامدا بل هي حق مقرر للحاكمين والمحكومين وتنظيم استعمال هذا الحق أمر يختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال والظروف والأوضاع.

وإن حق التشريع في الشورى لله وحده ، فالشريعة من عند الله وليست من صنع البشر ولا من ابتكارهم ، بل هي وحي منزل من عند الله وعلى الرغم من وضوح ذلك وجلائه في عقيدة المسلم ومعايشته واقعا وتطبيقا إلا أن الشريعة ذاتها أعطت للإنسان مساحة يجتهد فيها – وهي مساحة واسعة – تلكم هي سلطة الاجتهاد في مجالين :-
الاجتهاد فيما لا نص فيه
والاجتهاد في فهم دلالة النص فيما تحتمل فيه تلك الدلالة الاجتهاد
وهو اجتهاد في ذات الوقت له ضوابطه كما أن له أهله المختصين.

وختاما .. ليست العبرة بالمبادئ المجردة أو التنظيرات والمثاليات التي لا وجود لها على أرض الواقع ، لأن الإلتزام بكل ما يحقق العدل ويرفع الظلم وينشر العلم بكل ألوانه، ويحافظ على الحقوق والحياة الكريمة ويكفل الحريات ( في إطار الشريعة الغراء ) هو جل ما نبحث عنه لنا نظاما ، وأينما تحقق هذا النظام كان نظاما إسلاميا بعيدا عن أي مسمى آخر له .
ومن قال بعجر الإسلام أو عدم قدرته على الوفاء بمتطلبات المسلمين في دنياهم وأخراهم كان مكابرا ومجانبا للصواب نسأل الله له الهداية
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }