عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 21-08-2005, 02:04 AM
الطائي العراقي الطائي العراقي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 15
إفتراضي


وخلاصة هذا المبحث ما ذكره العلامة ابن القيم في كلامه المتقدِّم: ((والصحيح: أنَّ قتله راجع إلى رأي الإمام؛ فإن رأى قتلَه مصلحة للمسلمين قتله، وإن كان استبقاؤه أصلح استبقاه)) لكن:

مَنْ هو الإمام؟
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى فيما رواه عنه ابن هانىء في "مسائله: رقم 2011": (( تدري ما الإمام؟، الذي يجتمع المسلمون عليه، كلهم يقول: هذا إمام، فهذا معناه))، وهذا هو أمثل طريق لتنصيب الإمام، وهناك طريق آخر ذكره الإمام أحمد في العقيدة التي رواها عنه عبدوس بن مالك العطار، حيث قال رحمه الله تعالى فيها: (( ومن غلب عليهم - يعني من ولاة الأمور - بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين: فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً؛ براً كان أو فاجراً))، فهذه هي طرق تنصيب الإمام عند أهل السنة والجماعة.
- أما أن تنصب جماعة معينة إماماً لها، وليس له قدرة ولا سلطان على الناس، فليس هو الإمام الذي أُمرنا بطاعته، قال شيخ الإسلام ابن تيميه ( إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الأئمة الموجودين المعلومين، الذين لهم سلطان يقدرون بـه على سياسة الناس، لا بطاعة معدوم ولا مجهول، ولا مَن ليس له سلطان ولا قدرة على شيء أصلاً)) منهاج السُنَّة النبوية (1/115).
وقد نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح [13/37] عن الإمام الطبري في تعليقه على حديث حذيفة وفيه: ((قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك")) متفق عليه، فقال الحافظ: ((قال: وفي الحديث أنَّه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزاباً: فلا يتبع أحداً في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك؛ خشية من الوقوع في الشر)).

إقامة الحدود من صلاحيات مَنْ؟
قال ابن رشد رحمه الله تعالى [بداية المجتهد 2\333]:
((وأما مَن يقيم هذا الحد؟ فاتفقوا على أنَّ الإمام يقيمه، وكذلك الأمر في سائر الحدود)).
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى [المنتقى من فتاوى الفوزان]:
((إقامة الحدود من صلاحيَّات سلطان المسلمين، وليس لكل أحد أن يقيم الحدَّ؛ لأنَّ هذا يلزم منه الفوضى والفساد، ويلزم منه تفكُّكُ المجتمع، وحدوث الثارات، وحدوث الفتن؛ فالحدود من صلاحيَّات السُّلطان المسلم‏.‏
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "‏تعافَوا الحدود فيما بينكم، فإذا بلغت الحدود السلطان؛ فلعنَ الله الشّافعَ والمشفِع"، ومن وظائف السلطان في الإسلام ومن صلاحياته إقامة الحدود بعدما تثبت شرعًا لدى المحاكم الشرعيَّة على من وقع في جريمة رتَّب الشارعُ عليها حدًّا؛ كحدِّ الرِّدَّة، وحدّ السرقة‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏
فالحاصل: أن إقامة الحدود من صلاحيات السلطان، وإذا لم يكن هناك في المسلمين سلطان؛ فإنه يُكتفى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوى إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولا يجوز للأفراد أن تقيم الحدود؛ لأن هذا - كما ذكرنا - يلزم منه الفوضى ويلزم منه حدوث الثَّارات والفتن، وفيه مفسدة أعظم مما فيه من المصلحة، ومن القواعد الشرعيّة المسلَّم بها أنَّ درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح‏)) وانظر مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري للرفاعي ص57.

وهذا المبحث منقول من مقال للأخ أحمد عبد العزيز العنزي في شبكة المنهاج/ الإنترنت بزيادة وتصرف؛ وقد قال في آخره جزاه الله خيراً:
((وليس مرادي مما سبق تقريره: أن يتستر على الجاسوس المسلم، لا، بل الواجب على من عرف بحاله: أن يسعى في نصحه وردعه عما هو واقع فيه، وإن تعذر عليه ذلك: فيسعى في كشف حاله وفضح أمره وزجره هو ومن يتحقق بهم مقصود الزجر من المسلمين بما يفضي إلى دفع شره وكف ضرره عن المسلمين بكل ما هو ممكن مما لا يخالف شرع الله سبحانه وتعالى، والله من وراء القصد)).