عرض مشاركة مفردة
  #165  
قديم 11-06-2007, 07:04 AM
صلاح الدين القاسمي صلاح الدين القاسمي غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: افريقية - TUNISIA
المشاركات: 2,158
Lightbulb توكلنا على الله ...يا معين .

بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين خالق الإنسان من طين و علمه الأسماء كلها و أسجد له الملائكة أجمعين .
و الصلاة و السلام على سيدنا و مولانا و قرة أعيننا محمد النبي الأمي من خصه الله تعالى بعلم الأولين و الآخرين ،
و على آله الطيبين الطاهرين و أزواجه أمهات المؤمنين و صحابته الهداة المهديين و من تبعهم من ورثته الأتقياء الصالحين .

---*---
سيدتي المسافرة : لم أجد أفضل من هذه الزفرات الشخصية ذات أعوام كبداية تقوينا على متاعب الرحلة المقدسة .
كنتُ قد كتبتها منذ 15 سنة بمناسبة سقوط يمامة جديدة ...!!!

يا غرباء العالم : إتحدوا ...!!!

و جاءني النبأ هذا الصباح ...
هل تراك اهتديتِ إلى فلسفة الخلاص من الذات في هذا "الزمن" العهري الفاجر ؟
أم هل تراك مسحوقة في كبد التاريخ فغرست أنيابك تتخلصين من حمله عبر حاضر لا يقيم للغد حسابا انتقاما بطوليا من تراجعات العقل و انكسارات الروح ؟
لقد ذهلتُ ايما ذهول عندما كان أحد المعالم الأثرية يقرؤني طلقةً بطلقة ما جدَّ لكِ .

ذهول غريب ...لا يعني البتة غرابة الحدث أو مفاجأة النبأ ؛ إني لازلتُ أميز بين الأحاسيس و انتظامها أو اصطفافها البغيض ، لا أعلم ،...!!!
المهم ، هو الذهول المشحون بالغرابة . يقيني هو أن الغربة مستمدة من غربتي ؛
و لذلك انتابني في تلك اللحظة فضاعة ما اقترفه صديقي معكِ فوددتُ لو أني قدرتُ على كتمان أنفاس ذلك الصديق انتقاما لجرحكِ .

و إحقاقا للحق ، أنت يا صديقتي نزيلة جديدة مبجلة في وطن الغرباء .
و نظرا للعرف الجاري به العمل في هذا الوطن ، أرحب بك بحرارة باسم كل الغرباء و أتمنى لكِ ، باسمهم طبعا ، رحلة غريبية مريحة تنهلين خلالها عصارة تجربة الغرباء و تشرفين وطننا لوأنكِ حاضرتِ على السرّ الذي بعث بكِ إلينا ...!!!

الغرباء يا زميلتنا الجديدة ، مهمتهم الوقوف عند الأسرار و محاولة فكها لمزيد من الإقتناع بتناقضات العالم المعقول الفضيعة .

كأني بك تقولين : و ما فائدة الإنضمام إلى وطنكم هذا لأحاضر على جرحي الذي هربتُ منه ؟!
مهلا ، إسمحي لي أن أنبهك إلى نظامنا في الغربة ...
لا تندهشي فحتى الغربة لها نواميسها و نظامها و هيكلتها و طبقاتها الخاصة جدا .

الجرح الذي أرشدكِ إلينا لم يعد جرحك الخاص بك ، بل سنتقاسمه هنا - مع كل الغرباء - بالقسطاس المستقيم ،
نعم و الله ... و كم نحن مسرورون بهذا الشرف العظيم الذي ستتبركين به علينا ؛
فهنا يا زميلتي الجرحُ للجميع ...لأن السرّ هو الهدف الأعظم الذي نتنافس جميعا ، نعم نتنافس و لكن بنزاهة الغرباء ، للوصول إليه .
و عليه و بمبدأ المعاملة بالمثل ، ستفرحين و لا شك بذلك عندما نعيد تقسيم ثورة الجراح من جديد في ما بيننا بمناسبة دخولك الميمون ، و سيكون لك بالتالي رصيد مهم جدا من الجراح ...!!!

تناهى إلى سمعي من بعض الغرباء عن الغرباء أنك فكرتِ في الإنتحار ، هذا رائعٌ جدا : مؤهل سيدعم حظوظ نجاحك في موطن الغرباء و حتما سيبرق نجمك من جديد لتسطعي على كل الغرباء ...!

التفكير بالإنتحار ليس أمرا هينا ، و لكن و أعذريني على هذا الإستدراك سنطرح عليك سؤالا أوليا مركزيا بالنسبة لمستقبلية قبولكِ لدينا : هل فكرت بالإنتحار أم في الإنتحار ؟!

لا تستغربي ...فنحن هنا لا نسأل ( لماذا فكرتِ في أو بالإنتحار ) عبثا ...إذ نحن نعلم مسبقا أن هناك جرحا ، و هذا الجرح أملى عليكِ ممارسات تبدو غريبة للغرباء عن الغرباء ، فأدركتِ أن هناك سرَّا وراء اللا توازن .

فاذا فكرتِ في الإنتحار فهذا يعني أنك أعملتِ عقلكِ لفكّ رمزية الإنتحار .
أما إذا فكرت بالإنتحار ، فالإنتحار هنا وسيلة و غاية في نفس الوقت و نحن نرفض هذا الربط بين الوسيلة و الهدف ...
لأننا نكون قد تجاوزنا في هذه الحالة حدودنا الإقليمية للغربة قبل الأوان ، لنصل إلى مرحلة أعلى و أرقى ألا و هي موطن المجهولين ...!!!

إن المجهول بالنسبة للغريب تطور مثالي لا يمكن التوصل إليه إلا بعد تحصيل معرفي كبير ...
و لابد من أن ننبهك إلى أن الذين يصلون إلى المجهولية نوعان متناقضان تماما :

- إما أن يكون مجهولا عاميَّا ، فانتحاره لا يستدعي الإحترام لأنه كان محصلة وضع آلي سخيف ، قرَّر بعده أن يكتسبَ بالإنتحار صفة وشرف المجهولين دون أن يمر بلذَّة الغربة .
هذا النوع هم وقود كل حرب تُخاض باسم فرد و لا يكونون هم سوى بيادق المعركة و قوتها الضاربة و لكن يُقام لهم قبر واحد و و حيد ، كتعبير عن وضعيتهم الخاصة جدا ، فيقال - قبر الجندي المجهول - ...!

- هذا بالنسبة للصنف الأول و الذي نستبعد أن تكونين منه ،
أما النوع الثاني من المجهولين فهم ببساطة قدماء مدرسة الغرباء ، الفائزون بامتياز خلال إقامتهم في موطن الغرباء .
المجهولون هنا...
هم أولئك الذين فكروا في الإنتحار كَـــلُغزٍ ...كَـــــسِرّ ...أو كـــجُرح ؛ و عندما تحين اللحظة الحرجة عندهم يتحولون طبيعيا إلى مجهولين ، أي شهدائنا ...!!! فنحن نرجو مسبقا أنك فكرت في الإنتحار كجرح فقط ، ثم تتطورين هذه الرؤية إلى فلسفة الشهادة عند الغرباء أو التفكير بالإنتحار في الإنتحار و لا إنتحار ...و لكن بقاء بدون عناء !!!

رجوعا إلى موطن الغربة التي تلجينه الآن حيث لم يحن الوقت بعدُ للدخول في أرض المجهول ،
أقول لك أيتها الزميلة الجديدة أننا نحن معشر الغرباء محكومٌ علينا ان لا نعيش دوما في غربتنا ، فهذا المطمح الغالي غير متوفر مع الأسف الشديد دائما لنا ...!!!
فنحن مضطرون عادة إلى الإحتكاك باللاغرباء ، و نظرا لأن موازين القوى دائما لصالحهم و على حسابنا ، فإنني أعلمكِ أننا لنا أيضا أسلحتنا الخاصة .

سأحدثكِ عن أسلحتنا الخاصة حتى تعدي لهم ما استطعتِ من قوة ...

( يتبع بإذن الله تعالى )
الرد مع إقتباس