عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 09-08-2005, 06:59 AM
kopra kopra غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2005
المشاركات: 178
إفتراضي مفهوم الوطن والبيعة والإمام الواجب الطاعة .. للشيخ / حامد العلي حفظه الله

مفهوم الوطن والبيعة والإمام الواجب الطاعة .. للشيخ / حامد العلي حفظه الله

العنوان الأصلي للمقال (الدفاعْ عَنْ عَقيدَة الموحـّدين ، وَردْ باطلِ المُفْســِدين ، فيِ تَعبيِدِ النّاس للْـ"وطنيّـة" ، وتَشْويـهِ مَعْنى البَيْعةِ الشّرعيّـةِ ، وَإِمامةِ المُسْلِميـن) لكن عنوان الموضوع لايستوعب حروف العنوان الأصلي لذلك وجب التنويه
--------------------------------------------------------------------------------------------


(الدفاعْ عَنْ عَقيدَة الموحـّدين ، وَردْ باطلِ المُفْســِدين ، فيِ تَعبيِدِ النّاس للْـ"وطنيّـة" ، وتَشْويـهِ مَعْنى البَيْعةِ الشّرعيّـةِ ، وَإِمامةِ المُسْلِميـن)


حامد بن عبدالله العلـي


الحمدُ للهِ الذي نَصــر الإسلامَ بحولِهِ وقـوتِهِ ، واستَعْمَل في ذَلكَ أولياءَه وخيرتـَـه ، وأدالَ على الصهاينةِ والصليبييّن ، فأرَانـَا فِيهِم عَجَائِبَ قُدْرتِـِه ، وأَظْهَـرَ بَشائـِرَ الفــرَجِ عَلى يـَـدِ جُنـْدِه وصَفْوتـِـه ، وَرَفـَـع رايَةَ الإسلامِ بِفْضْلِهِ ، ونِعْمَتـِه ، وَقَمَـعَ كيدَ الأعْداءِ بِبَطْشِـه ، وَنِقْمَتـِه .


الحَمْدُ لله وفاءً لنعمِهِ ، واسْتجْلاباً لمزيـدِهِ ، وَقياماً بِحقـّـهِ ، والصلاةُ والسّلامِ عَلى الرّحمْةِ المُهداةِ ، وَالنّعْمَةِ المُسْداةِ ، حامِلِ لواءِ النّصرِ المُبين ، سيّـدِ وَلدِ آدَمَ المصُطْـفَى عَلى العَالمين ، مُحَمّد بنِ عَبْدالله وَعَلى آلهِ وصَحْبِهِ أَجمعيـن ،،


وَحُقّ لأَهل الإسْلامِ أنْ يَسْتبشرُوا مِنْ هَذه السّاعةِ بِنصرِ اللهِ تَعالى ، فَمـَا بَعدَ هَذا العِزّ والظُّهور ، وَانْدِحَارِ الصّهايِنـةِ مِنْ غـزّة ، وَانْكِسارِ الصّليبيـّن فيِ العِراقِ بالذل والعَاثـُـوُر ، وَرُجوعِ القوّةِ والهَيْمَنة لجُنْدِ طَالبانِ في أَفْغَانِسْتانِ ، إِلا إِعْلانِ النصْرِ المُؤَزّرِ ، وَالمجـْـدِ المُظَفـّـرِ ، تَحْتَ رَايةِ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله ، وَاللهُ أَكْبـَـرْ ،،


وهذه آيات الهزيمة على وجوه الأعداء لائحة ، وعلى ألسنتهم بادية واضحة ، لاتخفى منها خافية ، ولا تستـر منها فاضحــة .


غير أنـه يجب أن ننبّـه اليوم على أمر في غاية الأهمية ، وهو أن هذه الأمة قد أثبتت في تاريخها ، أنْ قــد أودع الله فيها من القوة المعنوية ، والطاقة الإيمانية ، والجلد في الجلاد ، والصبر عند ملاقاة أهل الكفر والعناد ، مايمكنها من إلحاق الهزيمة ، بكل من غزاها ، وجميع من عاداها ، فهي على دحر الأعداء مهما بلغت قوتهم ، وعظم مكرهم ، قادرة بقوة الله ، منتصرة بحول الله ، منصورة بنصر الله ،،


هذا إذا قام فيها من حقق التوحيد ، الذي هو حق الله على العبيــد ، واهتدى بهداية الوحـي المجيــد ،


ولهذا يجب أن ننقح المفاهيم المغلوطة الدخيلـة على الإسلام ، ونزيّف المزيف منها ، ونوضّح السديــد ،


غير مغترين بكثرة الخائضين في الباطـل ، القائلين على الله بغير علم ، الكاذبين على دينهم ، المفترين عليـه بغير الحق ، الصائليـن على دلائل الكتاب والسنة ، الساعين بالفساد فيها ، المبتغين لها عوجــا ، الناكبين عن الصـدق .


هذا وقد كثر اللغـط ، واختلط العدل بالشطط ، في ثلاثة مفاهيم مهمة ، قــد أدّى الخلط فيها إلى فساد عريض ، فاختلط الحق بالباطل ، واغـتر بكثرةِ المبطلين الغـرّ والجاهل ، وهـي :


مفهوم الوطن ،


والبيعة ،

والإمام الواجب الطاعــة ،،

ولما كانت هذه المفاهيم غاية في الخطورة ، إذ قـد ينبني عليها سلامة العقيدة ، وحفظ رسالة الأمة ، وصون دينها ، وتوجههـا الحضاري ،،

فالأمّة إن جعلت الوطن وثنا يعبـد من دون الله ، وشريعة تحادّ شريعة الله ، وجعلت بيعة الإمامة الشرعية ، وسيلة لتسلط المفسدين على رقاب المسلمين بإسم الديــن ، وجعلـت السلطة بيد الخائنين ، زاعمـة أنها هداية الكتاب المبين ، فأيّ بقاء لها بعد هذا ، فقــد تُودّع منها إلا أن يتداركها الله برحمته ،،

وفيما يلي بيان الحـق ، مصدوعا به بغير خفــاء :

الوطن في الأصل هو الأرض التي يستوطنها الإنسان ، كما في لسان العرب ( المنزل الذي تقيــم بـه ) ، لكنه قــد يُطلق اليوم على النظام السياسي الحاكــم بقوانين على حدود جفرافيّة وشعب ، أيْ الدولة ، وكثيــرا مـا يخُلط بين مفهوم الوطن ، ومفهوم الدولة ، وثمة خلط آخر بين النظام والدولة ،


وغالبا في بلادنا العربية يفرض النظام الحاكــم نفسه أنـّه الدولة كلها ، ويختزل الشعب ، فلا قيمـة لـه ـ مالم يكن رقيقا للنظام فقيمته على قدر رقّه ! ـ إلاّ في الخطابات السياسية !! ويجعل القوانين تابعةً للنظــام الحاكــم ، والحدود السياسية ملكُه الشخصي !! ثم يخلط بين مفهوم الوطن ومفهوم النظام الحاكم ، فيجعل الخيانة للنظام الحاكم ، خيانة للوطن ، وخيانة للدولة ، بينما يكون هو خائنا للوطن والدولة والشعـب معــا ، أما خيانة الديــن فتلك السابقة دائما ، والتي لزم منها كل هذه الخيانــات !!


والخلاصة أن المفهوم السياســي للوطن في الإعلام العربي والخطاب السياسي ـ غالبا ـ ينتهي إلى أنه الكذبة الكبرى التي اصطلح الجميع على إستعمالها للوصول إلى أطماعه الخاصة ، الحزب الحاكم يستعملها مادامت توصله إلى أطماعه ، وطبقة التجار كذلك ـ إن كانت ثمة طبقات تجار خارج السلطة التنفيذية ـ مادموا يحصلون على الصفقات الكبرى ، والأحزاب الساعية للسلطة يمتطــون هذا المفهوم للوصول إلى السلطة .


ولهذا ينكشف الأمـر عندما يتخلى الزعيم عن الأرض هاربا عندما يفقد سلطته ، وتعيش الأحزاب السياسية خارج الوطـن ، وهي تتاجر سياسيا بشعاره ، ويُخرج التجار أموالهم ليهربوا إليها عندما تتهدد مصالحهم التجارية في الوطــن ، بينما كانوا يجعلون الأرض سوقا استثماريا فحسب ، ويبقى فيها الشعب المسكين الذي كان مخدوعا بهذه الكذبة ، حبّ الوطن ، إنه حقـا زمــن الزيــف والخــداع .


لقد أصبح مفهوم الوطن ـ معذرة ـ كالعاهرة التي يزنون بها جميعـا ، ويستر الجميع على الجميع ، وقوّادهـا هـو الأطماع الشخصية لكل فئــة !


ثم إنــّه من الواضح أن علاقة الإنسان بالأرض إنما هي تبع لغريزة البقاء بحثا عن الغذاء ، الطعام والماء ، لايمكن أن يكابر الإنسان فيدعي خلاف ذلك ، ولهذا فهو يهاجر من أرضه إن لم تمـدُّه بأسباب البقاء ، مدفوعا بغريزته .


وعلى أية حال فهذا كلّه وصف للواقع العجيـب ، في هذا المفهوم الغريـب !



أما الإسلام فإنـّـه :



1ـ يجعل الأرض تابعة للعقيدة ،ولهذا يقسّم الإسلام الأرض إلى : دار إسلام ، ودار كفـر ، فالأرض التي تعلوها أحكام الله تعالى ، هـي وطن لكل مسلم ، إتباعــاً لعقيدتــه ، وضدها هدف للمسلمين لإعلاء كلمة الله تعالى عليها بالجهاد ، فالأرض كلها لله يورثها من يشاء من عباده ، وقـد أمرنا أن نُعلي في الأرض كلّها كلمة الله تعالى .



2ـ أرض المسلم الأصليّة هي الجنة ، كان فيه أبونا آدم وأمّنا حواء ، فأخرجتهما المعصية ، ويُردّ إليها وبنوه ، بطاعة الله تعالى وعبادتــه ، قال تعالى ( وأورثنا الأرض نتبوء من الجنـّـة حيث نشاء ) ، ولهذا فحتّـى ذلك الوطن ، إنما يرتبط مفهومـه بالعقيدة التي أصلها أنّ عبادة الله تعالى هـي السبب الحقيقـي لكلّ خير وفلاح في الحيــاة ، وهي هدفهــا الأعظــم ، والضــدّ بالضـد .



ونحن في هذه الأرض السفلية غرباء ، نقضي فيها زمنا يسيرا ، لايَكاد يُذكر ، في عمر الحيــاة الدنيا ، أمّا في عمر الحياة الأبدية فلا شيء البتة ، ثم نرجع إلى أوطاننا ، وفي الحديث ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) رواه البخاري.



3ـ لما كان دين الإسـلام هو الأصل ، والأرض تبـع ، وجب على المسلم الهجرة من الأرض التي لايمكنه أن يعبد فيهـا ربـّه ، ويظهر دينـــه ، فالهجرة سنـّة الأنبياء ، ( إني مهاجر إلى ربـّي سيهدين ) ، ولهذا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكّـة إلى حيث يقيمون دينهم ، قال تعالى ( إنّ الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيمن كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض ،قالوا : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) وقال تعالى (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبــدون ) .



4ـ تقديم حبّ الأرض ـ أو القومية أوالعشيرة أو النظام السياسي ..إلخ ـ على نصرة الدين ، شرك بالله ـ تعالى عما يشركــون ـ وهو مــن شرك الأنداد ، قال تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ) وقد بيـّن القرآن المحابّ التي تتخذ أندادا مع الله ، في سورة التوبة قال تعالى ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربّصوا حتى يأتي الله بأمره والله لايهدي القوم الظالمين ) .



وإلفُ الإنسان للأرض التي يعيش عليها أمــر فطري مباح ، كما يحبّ أهله ، و قومه ، وكراهيته التغرب عن أرضــه كذلك ،ولاتثريب عليه أن يتمسك بمحابـّه ، ويدافع عنها مالم يخالف شريعة الله ، غيـرَ أن كلّ محبوب للإنسان يجب أن يكون بعــد حــبّ الله ، ورسوله ، ونصر دينه .



5ـ أرض المسلمين ومنهــا التي عليها يـدٌ عادية من نظام مرتد ، أو كافر أصلي محتـل ، يجب تخليصها بالجهاد ، لادفاعا عن مجرد الأرض ، بل لأنها أرض المسلمين ، وعن نسبتها إلى العقيدة ، ولإقامة شريعة الله فيها ، فهذا هو الأصل الذي يُجاهد من أجلـه ، وقتال المسلم دون أرضه التي يملكها من جنس القتال دفاعا عن ماله .



وثمة فرق كبيـر بين الحدود السياسية لنظام ، وبين المال الخاص ، والحدود السياسية الشرعية تابعة في الأصـل لمفهوم سيادة الأمة بكلمة الله على الأرض ، وتُقسّم بناء على ذلك دار الإسلام ، ودار الكفـر كما بينا ، وليست تابعة لسلطات الأنظمـة ،فالنظام يزول ، أو يُزال ، ويأتي غيره ، والأمة برسالتها باقيـة ، وأرضها المحكوم عليها بشريعتها حق عام لها ، لايملكها أحـد كائنا من كان .



6 ـ ومن قاتل لكي ينصر نظاما سياسيا لايخضع لأحكام الشرع ، أودفاعا عن الحدود التي يسيطر عليها هذا النظام ، فهو يقاتل تحت راية جاهلية عمياء ، سواء سماه دفاعا عن الوطن والأرض وغير ذلك ، ومن غرر المسلمين بأن أفتاهم بغير هذا ، فقد أوردهم دكادك النار ، وهو قائدهم إليها ، وبئس الورد المورود .



7- جميع الحدود السياسية التي تفرّق الأمة ، حدودٌ جاهلية ، وجعلها أساسا لأحكام الولاء ، والجهاد ، والإمامة ، والبيعة ، ضلال مبين ، وسبب في ضعف المسلمين ، وتسلط الكافرين ، ويجب على الأمة السعي لإزالتها ، وإلـى نظم الإمة في خلافة واحدة تحكمها ، وترك السعي لذلك تفريط فيما هو من أعظم واجبات الدين .


أما البيعة على الإمامة فهـتي عقد شرعي ، ينوب فيه الإمام عن الأمّـة في تنفيذ أحكام الله ، ولهذا نص الحديث ( اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله ) رواه البخاري .

ولهذا مضــت السنـة أن يُنـَصّ في البيعة على هذا الشرط ، كما في الصحيح أيضا قول عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه لعثمان رضي الله عنه : أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده.