عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 16-08-2006, 05:26 PM
قناص الجزيره قناص الجزيره غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2006
الإقامة: جزيرة محمد
المشاركات: 254
إفتراضي جهاد أم مقاومة؟!

هل يقال مقاومه أو يقال جهاد
؟؟!
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.


وبعد...


للمصطلحات الشرعية بألفاظها المحفوظة المضبوطة هيبتها ومكانتها في القلوب، وقدرتها الوافيه الكافية لتحديد المطلوب، وذلك لأنها أدل ما تكون على المعنى المراد منها، وآصرة اللفظ بالمعنى آنذاك متينة وطيدة بحيث لا يتخللها ضعف ولا يوهنها تجاذب المرادات وتنازع الاحتمالات، لا سيما التي كثر تردادها في الكتاب والسنة وعلى ألسنة الفقهاء والعلماء وأجروها في ثنايا كتبهم ومصنفاتهم، فكيف إذا انضاف إلى ذلك تحديد المعنى وبيان المقصود، فيكون المبنى - اللفظ - مطابقاً للمعنى ودالاً عليه دلالة لا يداخلها لبس ولا يشوش عليها حدس.


وفي المقابل حيثما زعزعت قواعد المصطلحات الشرعية وقفز المستخدمون إلى سواها - سواء مع قيامها حيناً وحيناً أو مع إقصائها والتنكر لها رأساً - فإن إشكالات شرعية ستظهر وأحكاماً مُحكمة ستحوَّر، وحقائق ثابتة راسخة ستُغير، وأبواباً من المجادلات ستفتح، وذلك تبعاً لقوة إيجاد وطرح المصطلح الجديد المحدث أو ضعفه، خاصة إذا كان هذا المصطلح الناشئ قد لاكته ألسن الأمم الأخرى من المغضوب عليهم والضالين وتوابعهم، وأجرته لمعان تبنتها وحددتها، فلئن كان الأمر كذلك فسيؤدي إلى خلط واختلال واضطراب لا يُرجى زواله بيسر ولا انتهاؤه عند مدى.


قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 104]، تُرى لماذا نهى الله عباده المؤمنين أن ينادوا نبيهم صلى الله عليه وسلم ويخاطبوه قائلين له؛ "راعنا"، وهم يقصدون - ولا يريدون غيرها - أنظرنا أي من الرعاية، أوليسوا هم الذين امتلأت قلوبهم حباً لنبيهم وتوقيراً وتعزيراً وتبجيلاً له، فما عسى أن يخدش في حبهم له وتعظيمهم إياه وصيانتهم لجنابه أن ينادوه صلى الله عليه وسلم بـ "راعنا".


إن هذه الكلمة – راعنا - لما كانت حمالة أوجه، فتجري على الألسنة ويراد منها "الرعاية" و "النظر"، وهو وجه الخير هنا، فكذلك قد يقصد بها "الرعونة" و "الحمق"، وهو الوجه الآخر القاتم الخسيس، ولأن من ناطقيها من يطلقها ويُريد بها هذه أو تلك؛ سد الله هذا الباب في وجه مروجي الشر وقطع الوسلية إليه، فمنع من مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم بها صيانة له وقطعاً لدابر الخبث الذي كان يضمره له أعداؤه، وتنزيهاً للصحابة الكرام ومن بعدهم من أن يُشاركوا أعداءهم في استعمال "كلمة" مبطنة بالنقيصة والطعن على نبيه صلى الله عليه وسلم، وأرشدهم إلى كلمة نزيهة مصونة يستقلون بها ولا مسرب فيها لأهل الدسائس والخسة يلجون من خلاله لنيل مآربهم والتنفيس عما تُكنه قلوبهم وتخفيه صدورهم؛ {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَ! عٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 46].


إذاً للألفاظ مدخلٌ في النيل من الشريعة، وقد تحوي منافذ للطعن فيها وتحريف أحكامها وتزييف حقائقها وتلويث صفائها، فالتهوين من شأنها والتقليل من أهمية التقيد بها بأية حجة كانت ستُدفع ضريبته حتماً، وقلما موطن استبدل فيه اللفظ المحدث بالشرعي إلا كان لمقصد وغاية أرادها المُبدِّل المستعمل، ومهما أقيم لذلك من مسوغات وحجج فهي لن ترقى إلى مستوى المعارضة لأحقية المصلطح الشرعي في البقاء والإجراء، ولو لم يكن في تغييره إلا تناسي المصطلح الشرعي شيئاً فشيئاً لكفى، فكيف إذا انضم إلى ذلك توسيع المعنى أو تضييقه ورسم صورة جديدة له تُلائم اللفظ الجديد وتُناسبه، ومن ثم إدخال ما ليس من الدين فيه، أو إخراجه منه، وهو خطوة أولى لتبديل الشرع ومزجه بدخائل الأفكار وخسائس الأهواء.
__________________
تقبّل الله منك بيعك يا أبا مصعب، وألحقك بقوافل الشهداء والصالحين، طبتَ حيّا ًوميتاً، وجزاك الله عنا خير الجزاء، كم رأينا من ملك ورئيس أتبع المسلمون تراب قبره لعنات ودعوات بكل عذاب وعقاب ، وكان أخف الناس عليه من ترحم على موتى المسلمين يوري بكلماته ويتجنب بلعنه والدعاء عليه : ذكر ميت بسوء خوف المسائلة