عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 21-12-2006, 10:54 AM
alaa_abes2 alaa_abes2 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 96
إفتراضي

2 - التعاون التام مع كل القوى الوطنية في العمل الوطني المشترك:


الرئيس الراحل السادات

يحضرني في هذا ما رواه الرئيس السادات في مذكراته (البحث عن الذات) عن رغبته في العمل مع شباب الإخوان المنخرطين في الإعداد السري لمقاومة الاحتلال الإنجليزي في مصر، والعصابات الصهيونية في فلسطين، يذكر السادات أنَّ الأستاذَ البنا أرشده أن يذهب إلى عيادة طبيب في باب اللوق، ويدخل إلى الطبيب كمريض، وهناك سيجد من يوجهه.



وفعل السادات ذلك، وفوجئ بالفريق عزيز باشا المصري في حجرة الطبيب، حيث ضمَّه معهم في فصائل المجاهدين، والتي ضمَّت فيما بعد أسماء لامعة مثل: عبد المنعم عبد الرءوف، وجمال عبد الناصر وغيرهما.. كان الأستاذ البنا يسعي إلى تحرير وطنه من الاحتلال الإنجليزي، وكان يرى تدفق اليهود في هجرات جماعية إلى فلسطين، من أجل ذلك سعى عند كل القوى الوطنية في مصر والعالم العربي من أجل جمع الجهود وتنظيم القوى لمواجهةِ هذا الخطر في بلاد العرب والمسلمين، وكان يرحمه الله على صلةٍ بكل الزعماء الوطنيين في العالم العربي والإسلامي.



يحكي الدكتور توفيق الشاوي في مذكراته الذاتية أن بعثته الدراسية كانت في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أن استعد للبعثة ذهب يزور أستاذه البنا، وأخبره بشأن ابتعاثه، فاقترح عليه الأستاذ البنا أن يُغيِّر اتجاه البعثة من أمريكا إلى فرنسا، وأخبره أننا نحتاجك في فرنسا لمساعدةِ مجتمعاتِ المجاهدين هناك، والذين يحاولون أن ينظموا أنفسهم، ثم طلب منه بعد ذلك أن يلتقي هناك بالمجاهد الكبير شكيب أرسلان، وكان هذا ما تمَّ وذهب الشاوي إلى فرنسا، وقام بدور متميز في الإعداد لتحرير الشمال الأفريقي.



وعندما عاد الشاوي إلى مصر ودخل السجن عام 54 لم يُخرجه من السجن إلا رجاء الإخوة المجاهدين الجزائريين والمغاربة إلى الرئيس عبد الناصر بالإفراج عنه لحاجتهم الماسة إلى جهوده، وخرج الشاوي من السجن إلى المغرب، حيث ظلَّ يكافح مع إخوانه، حتى تحررت الجزائر، وكان يسكن في بيتٍ واحدٍ مع بن بيلا، ومحمد خيضر، وآخرين.



انظر إلى رؤية البنا وانفتاحه على كلِّ القوى الوطنية في عالمنا العربي والإسلامي، وتوجيه تلميذه الشاوي لتغيير وجهة بعثته من أجل الإعداد والمساهمة في معارك التحرير، بل يحكي لي المستشار عثمان حسين- رئيس المحكمة الدستورية الأسبق- أنَّ الأستاذ البنا أرسله هو وأخوين آخرين برسالةٍ إلى رجلٍ من الهند سيمرُّ بمطار القاهرة، ولم يكن هذا الرجل إلا القائد محمد علي جناح- مؤسس باكستان فيما بعد- والعجيب أنهم عندما التقوا بالرجل في المطار طلب منهم أن يحملوا إلى الأستاذ سلامًا عطرًا، ويبلغوه أنهم استفادوا كثيرًا من نصائحه الغالية، متى وأين كان يلتقي البنا الشهيد بإخوانه من قادةِ الجهاد في الهند وأندونيسيا وكافة أنحاء العالم الإسلامي، وانظر كيف يربي تلاميذه على أنَّ دارَ الإسلام دارٌ لنا جميعًا.



3- قيمة الوقت:

يروي أستاذنا فريد عبد الخالق أنَّ الأستاذَ البنا اصطحبه ومجموعة صغيرة من شباب الإخوان لزيارة بهي الدين بركات باشا في عوامته في النيل.. ذهب الأستاذ قبل الموعد بنصف ساعة، وانتظر هو وأصحابه على الشاطئ، ولما بقي من الوقتِ خمس دقائق نزل وحده، وظل ينتظر حتى حان الوقت تمامًا، فدق جرس العوامة فخرج الباشا لاستقباله، ونظر إلى ساعته، وقال مستغربًا شيخٌ ومنضبطٌ كل هذا الانضباط، استأذن الأستاذ أن يُدخل معه أصحابه، فأذن الباشا وانتهزها الأستاذ فرصة ليتحدث عن قيمة الوقت في الإسلام، حتى إنَّ الله أقسم به في آيات كثيرة من القرآن الكريم، كان هذا درسًا عمليًّا ونظريًّا لتلاميذه ولمعالي الباشا، ثم أضاف الأستاذ درسًا آخر لتلاميذه ولصاحب الدار عندما عرض عليهم الباشا أن يُقدِّم لهم طعام الغداء.



قال الأستاذ الإمام: إننا صائمون، وإنه صيام تطوع، فإن كان يسعدك أن نفطر فإن الإسلام يعطينا رخصةَ الإفطار من أجلِ إدخال السعادة على المضيف.. سأل الباشا في استغرابٍ وإعجابٍ: هل يقول الإسلام ذلك؟!



وهكذا استطاع الأستاذ الإمام أن يعلِّم تلاميذه ومضيفه الباشا بطريقةٍ عمليةٍ درسين في منتهى الأهمية الحضارية: قيمة الوقت، وقيمة إفشاء المودة والسعادة بين الناس.