عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 25-07-2001, 07:04 PM
سسامر سسامر غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 11
Post

الحلقة الخامسة:

ت - الإصرار والمطالبة دون كلل أو ملل.

نلاحظ أنه إذا كان لليهود مطلب، حتى ولو كان غير عادل، فإنهم لا يتوقفون أبدا عن المطالبة به.

المثال الأول: افتضح أمر الجاسوس اللأمريكي اليهودي جوناثان بولارد، الذي كان يعمل في البحرية الأمريكية، وحوكم وأدين وسجن بتهمة التجسس لمصلحة الدولة العبرية. وقد شاركته زوجته في نقل الأسرار، التي يعتبرها الخبراء العسكريون الأمريكيون من أخطر ما سرب عبر جاسوس، وعلى هذا فقد حوكمت ولكنها تلقت حكما أخف.

ومنذ ذلك الحين ولم تفتر محاولات اليهود، سواء كانوا ساسة أو رجال دين أو غيرهم، لإطلاق سراح الجاسوس اليهودي المذكور وذلك بمطالبة رئيس الولايات المتحدة بإصدار عفو عنه. وهذه نقطة مهمة لأنه إن تلقى عفوا رئاسيا فإن سجله الإجرامي سيمحى وسيصبح في إمكانه الهجرة إلى فلسطين المحتلة. وإن أطلق سراحه نتيجة لحسن سلوك أو بإعادة محاكمته والاكتفاء بمدة محكوميته الحالية فإنه لن يسمح له بمغادرة الولايات المتحدة، ولذلك فإن الجاسوس المذكور يرفض باستمرار عرض قضيته على محكمة التمييز.

المثال الثاني: إنشاء دولة فلسطين بعد خمسين عاما من عقد المؤتمر الصهيوني العالمي في بازل بسويسرا عام 1897. لم تفتر عزائم اليهود عن العمل لتحقيق هدفهم إطلاقا، وقد عملوا على ذلك على جميع الأصعدة العالمية والمحلية في فلسطين.

المثال الثالث: جهد اليهود الذي لا يكل ولا يمل في متابعة وتصيد كل من كانت له صلة بألمانيا النازية (وأحيانا يقرر اليهود أن لأحدهم صلة دون أن يكون لهم دليل على ذلك، ويكتفي الرأي العالمي بالمصادقة على وجهة النظر اليهودية دون تمحيص). وليس أشهر من تعقب اليهود لإيخمان في الأرجنتين وخطفه ثم محاكمته وإعدامه.

المثال الرابع: قام كل من روجيه جارودي والأب بيير الفرنسيان بنشر إعلان، عبر صفحة كاملة، في جريدة Le Monde الفرنسية لإدانة الاجتياح اليهودي للبنان عام 1982. واضطروا لهذه الطريقة لأن كل الجرائد رفضت نشر مقالاتهم التي تدين الاجتياح المذكور، رغما عن أن الأول هو أشهر مثقف فرنسي معاصر والثاني هو أهم رجل دين فرنسي معاصر. ورفع اليهود عليهما دعوة في المحاكم الفرنسية واتهموهم بالتشهير والإساءة. ولكن المحكمة لم تنصر اليهود. ثم نشر جارودي كتابا عن قضية إسرائيل عام 1983 وآخر عن فلسطين عام 1986. فسعى اليهود عبر الجهاز التشريعي الفرنسي لتعديل الدستور وجعل التهجم على اليهود أو التشكيك في أمور متعلقة بهم، وخاصة فيما يتعلق بالإبادة الجماعية التي تعرض لها بعضهم على يد ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، أمرا غير شرعي ومخالفا لنص الدستور. وبالفعل نجحوا في ذلك فصدر في 13/7/1990 قانون جيسو-فابيو الذي جعل من التشكيك في صحة المعلومات التاريخية اليهودية، التي يقرها اليهود، جريمة يعاقب عليها القانون. وبناء على هذا القانون حوكم جارودي وصدر الحكم عليه بالغرامة لإصداره كتاب الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية (مرجع رقم 2).

المثال الخامس: مطالبة الزعماء اليهود ومنهم ايهود باراك وشمعون بيريز (وغيرهم كثير من الساسة ورجال الدين ونجوم المجتمع) كتابيا وهاتفيا للرئيس كلينتون بالعفو عن مارك ريتش. ومارك ريتش يهودي أمريكي من أصل بلجيكي، وقد حوكم في نيويورك قبل سبع عشرة سنة بتهم الفساد والرشوة وتهريب أموال بطريقة غير قانونية والتهرب من دفع الضرائب. وأدانته المحكمة وحكم عليه بغرامة مقدارها خمسين مليون دولار، ولكنه هرب إلى سويسرا ثم حصل على الجنسية الاسرائيلية. ومن خدماته للدولة اليهودية تقديمه مساعدات لتهريب يهود الفلاشا وتبرعه بمائة مليون دولار للدولة اليهودية وبملايين الدولارات للسياسيين اليهود. وقد استجاب كلينتون أخيرا للمطالبات اليهودية وعفا عن مارك ريتش قبل ساعتين فقط من نهاية فترة حكمه (مجلة المجلة، العدد 1022، 25-31/3/2001).

ث- حسن التعامل مع الإعلام.

الإعلام في العالم عامة، وفي العالم الغربي خاصة، أهم من الحقيقة. وقد وعى ذلك اليهود جيدا، فلذلك تجدهم قد شحذوا أقلامهم للرد فورا على أي انتقاد يوجه لهم. ويهاجمون دون هوادة المصادر الإعلامية التي تجرؤ على مخالفة المنهج المقبول بالنسبة لهم، حتى ترضخ.

المثال الأول: عندما تتحدث وسائل الإعلام العالمية الآن عن مقتل محمد الدرة فإنها تقتصر على أنه قتل أثناء تبادل لإطلاق النار بين اليهود والفلسطينيين، وسبب ذلك أن اليهود قاموا بإجراء دراسة مفصلة عن الموضوع خلصت إلى نتيجة (معروفة مسبقا) وهي أن محمد الدرة لم يقتل برصاص يهودي. النتيجة كانت أن الإعلام العالمي، رغما عن أنه لم يتبن الموقف اليهودي، أصبح محايدا في الحديث عن قصة مصرع محمد الدرة. ومن أهم أسباب ذلك أن اليهود دأبوا على تكرار أن القيادة الفلسطينية تدفع بالأطفال إلى الصف الأمامي كدروع بشرية، فصدقهم العالم. وكان أن صرحت ملكة السويد أن المجرم الحقيقي في قتل الدرة وغيره من الأطفال الفلسطينيين هم الفلسطينيون أنفسهم.

المثال الثاني: سرعة التجاوب مع ما ينشر أو يذاع أو يبث. عرضت محطة WGN التي تصدر عن مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية فيلما عن الانتفاضة في فلسطين المحتلة من وجهة نظر فلسطينية في أواخر عام 1989 وشوهد هذا الفيلم في جميع أنحاء أمريكا. وقد حاول اليهود بشتى الطرق منع الفلم من العرض، ولكن اضطرت المحطة لعرضه تحت طائلة المقاضاة من منتجة الفيلم. ولم يعرض الفيلم إلا بعد موافقة المحطة على بث نقاش مباشر عن الفيلم قبل العرض وبعده من قبل الطرفين اليهودي والفلسطيني، مع أن الإعلام الأمريكي يعرض وجهة النظر اليهودية كل يوم دون استشارة الرأي الفلسطيني.

اتصلت ليلتها مشاهدة أمريكية، تعمل في منظمة تنصيرية في الضفة الغربية، لشكر المحطة على عرض الفيلم. وكانت مفاجأتها الشديدة أنها كانت هي الوحيدة التي اتصلت حتى تلك الساعة للشكر في حين أنه زاد عدد الذين اتصلوا محتجين على عرض الفيلم عن ألفين.

المثال الثالث: كانت هناك أنشطة كثيرة في الجامعة التي درست فيها للمنظمات الطلابية. كان أحسنها تنظيما وأجملها عرضا وأدومها هو ما يقدمه اليهود، رغما عن تفاهة المادة العلمية المقدمة.

المثال الرابع: من الخطأ أن نعتقد أن اليهود يملكون وسائل الإعلام العالمية. فهم لا يملكون CNN ولا Reuters ولا Associated Press ولا NBC، على سبيل المثال. ولكن المتابعة الدائمة وعدم السكوت عن المقالة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية والاحتجاج عليها بكل الطرق، بالإضافة لتأثير المال ومشاركة اليهود في عمل وسائل الإعلام هذه (كغيرهم)، هو الذي جعل وسائل الإعلام هذه تحجم عن الإساءة لهم.

ج- التضامن.

التضامن مفهوم سهل يعرفه الجميع وينادي به جميع القادة، ولكن من يطبقه حقا قليل. وأهم خصائص التضامن، في نظري، هي العمل على إنجاح الفكرة قبل الشخص، حتى ولو كان ذلك على حساب النجاح الشخصي.

المثال الأول: يذكر الدكتور غازي القصيبي في كتابه "حياة في الإدارة" أن اليهود في الولايات المتحدة كانوا يسعون لنجاح أي كتاب ينشره أحدهم ويعتبرونهم ذا أهمية لقضيتهم. وطريقتهم في ذلك كما يلي: إذا نشر أحد اليهود كتابا، أيا كان محتواه طالما أنه مهم للهدف الرئيس، فإن اليهود -كل في مدينته أو قريته- يتوجهون إلى المكتبات الموجودة في البلد أو القرية ويطلبون الحصول على نسخة من هذا الكتاب، الذي لن يكلف أيا منهم سوى بضعة دولارات. وغالبا لن يكون هذا الكتاب موجودا مما يؤدي إلى أن يطلبه صاحب المكتبة من الناشر. وفجأة تصل إلى ناشر الكتاب طلبات من آلاف المكتبات في جميع أنحاء الولايات المتحدة لهذا الكتاب بالذات، فيعمد الناشر إلى طبع آلاف النسخ. ثم يؤدي هذا الطلب المتزايد إلى اهتمام الجرائد ووسائل الإعلام به مما يجعله أحد أكثر الكتب طلبا ويقرؤه الجميع. ومن الضروري أن نشير إلى أن غالبية القراء في المجتمع الأمريكي يتأثرون بما تعلنه الجرائد، خاصة New York Times، من شهرة الكتاب، وفي أكثر الأحيان يقصرون قراءتهم على هذه الكتب.

المثال الثاني: إذا احتاجت إحدى القضايا السياسية التي تهم اليهود في أمريكا، مثلا، أن تدعم شعبيا فإن منظمة American Israel Public Affairs Committee (AIPAC)، أو غيرها من المنظمات اليهودية، تقوم بتنسيق الجهد الشعبي لذلك. ويتركز الجهد على إيصال رسالة موحدة من جميع اليهود تقريبا وممن يساندهم إلى أعضاء الكونجرس أو الرئيس الأمريكي بغرض إقناعهم بمطلب ما أو لصرف نظرهم عن قضية معينة. وهذا التنسيق هدفه التأكد من أنه لا يمر أمر صغير أو كبير إلا وقد وصل صوت اليهود الجماعي لمن يهمه الأمر، رغما عن أن الكثير -إن لم يكن معظم- اليهود يقومون بهذا الأمر طواعية.

المثال الثالث: يساعد اليهود بعضهم البعض في السيطرة على الأماكن المهمة مثل أقسام العلوم السياسية في الجامعات، أو في الإنتاج التلفزيوني والسينمائي. ولا يعني هذا أنهم يجلبون أقرانهم ويفضلونهم على من هم أكثر تفوقا من أديان أخرى، ولكنهم يسهلون لأبناء ملتهم، إذا أثبتوا جدارتهم، الالتحاق بالأماكن ذات التأثير على المجتمع والرأي العام.

المثال الرابع: لا تسلم الدولة اليهودية أي يهودي لجأ إليها حتى ولو كان مطلوبا لجريمة قتل في الولايات المتحدة الأمريكية.

ح- تسجيل كل واقعة تسيء لليهود للاستفادة منها مستقبلا، ولا يتم هذا بالضرورة من قبل هيئات رسمية.

المثال الأول: رشح بات بيوكانن نفسه في الانتخابات المبدئية للحزب الجمهوري الأمريكي لانتخاب الرئيس الأمريكي عام 1996 وكان عمره وقتها فوق الستين (فيما أذكر). ونظرا لأن وجهات نظره لا تؤيد اليهود تأييدا كاملا، فقد واجهه اليهود بصورة له ومقال نشرا له عندما كان مجندا في البحرية له من العمر عشرون عاما تقريبا. وكانت تصريحات بيوكانن في ذلك المقال غير مهذبة تجاه اليهود مما أساء لحظوظه في الانتخابات التي خسرها آخر الأمر. الأمر المهم أن هذه المعلومة عثر عليها عند الحاجة لها، وفي مصدر غير مهم (لم تكن منشورة في جريدة رئيسة). وهذا يدل على أن اليهود بشكل عام يسجلون بدقة المعلومات التي قد تهم هدفهم في المستقبل، بشكل فردي وجماعي. كما يذكر المراقبين اتهامهم لهيلاري كلينتون بإساءتها إلى أحد اليهود عندما كان زوجها حاكما لولاية أركنسا.

المثال الثاني: يسعى اليهود الآن لتوثيق ممتلكاتهم السابقة وأنشطتهم الاقتصادية السابقة في البلدان العربية التي هاجروا إليها بكل دقة (وربما مبالغة). والهدف من هذا مطالبة الدول العربية التي هاجر منها اليهود، مثل اليمن والعراق والمغرب، بتعويض اليهود المهاجرين عن فقد ممتلكاتهم وأنشطتهم الاقتصادية إبان هجرتهم إلى فلسطين عندما يتم توقيع اتفاقيات سلام مع الدولة العبرية. ومن الضروري معرفة أن هجرة اليهود من الدول العربية والإسلامية بدأت، بشكل جدي، مع بداية هذا القرن (مرجع رقم 6 لعام 1999) مما يعني استرجاع معلومات قارب عمرها المائة عام.

المثال الثالث: بعدما تقاضى اليهود مبالغ طائلة، تزيد على آلاف المليارات، من الحكومة الألمانية وغيرها كتعويضات عن المذابح (المبالغ فيها جدا) التي ارتكبت بحقهم في الحرب العالمية الثانية، بدؤوا الآن يطالبون ألمانيا والنمسا وسويسرا وغيرها من الدول، باستخدام القضاء الأمريكي، بإرجاع الأموال اليهودية التي تركها اليهود المشردين والمقتولين. كما أنهم يطالبون، عن طريق القضاء الأمريكي أيضا، بتعويضات عن الأعمال التي كانوا يقومون بها في معسكرات الاعتقال. والملاحظ هنا أن المطالبة، بما يفترض أن يكون إرثا ماليا لليهود خلفه المقتولون منهم في البنوك أو بأجور العمالة في معسكرات الاعتقال، لم تبدأ إلا بعد مضي سنين طويلة من التعويضات التي دفعت لليهود دون الاعتماد على أساس قانوني لها.
__________________
لا بد من صنعا وإن طال الزمن