عرض مشاركة مفردة
  #37  
قديم 27-09-2005, 05:54 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

رابعا : كيف ينبغي أن نعدّ المعلم ؟

إن إدراكنا لعظم الرسالة التي يحملها المعلم ، ومدى عمق التأثير الذي يحدثه في نفوس التلاميذ ، هذا التأثير الذي يحدد بدوره مستقبل الجيل الناشئ، وبالتالي مستقبل الأمة ، يفرض علينا أن نحدد الشروط الواجب توفرها فيمن يروم الانخراط في هذا المسلك ، وحمل هذه الرسالة بأمانة وإخلاص ، كي نستطيع أن نخلق جهازاً تربويا قادراً حقاً على أداء الرسالة .

فما هي الشروط التي ينبغي توفرها لدى الراغبين بهذه المهنة ؟
يمكننا أن نحددها ، على ضوء التجارب التي مررنا بها هذه الشروط بثلاثة أمور أساسية :

1 ـ توفر الرغبة الصادقة للمتقدم لهذه المهنة .
2 ـ الإيمان بهذه الرسالة ، والقدرة على حملها .
3 ـ الإيمان بالأخلاق والمثل الإنسانية العليا .

ولابدَّ لنا أن نوضح هذه الأمور بشيء من التفصيل للتعرف على مدى تأثيرها على العملية التربوية:

أولاً ـ توفر الرغبة الصادقة :

إن من المسلم به أن كل إنسان لا يمكنه أن يحقق نجاحاً تاماً في عمله ما لم تكن له الرغبة الكافية فيه ، لأن الرغبة عنصر حاسم في دفع المعلم إلى التتبع والدراسة ، بغية الوقوف على أحدث الأساليب التربوية من جهة ، والإخلاص في أداء الواجب من جهة أخرى .

كما أن الاندفاع والرغبة تنعكسان بكل تأكيد على التلاميذ الذين يتولى تربيتهم وتعليمهم ، فتدفعه لتحضير مادة الدرس ، ووسائل الإيضاح اللازمة ، ويتعب نفسه من أجل إيصال المادة لهم ، ويهتم بالواجبات البيتية والصفية ، وتصحيحها ، وبذلك ينشّط التلاميذ ، ويجعلهم يقبلون على الدرس بجد واشتياق .

وإن عدم الرغبة ، والعزوف عن هذه المهنة له بالطبع عوامل ومسببات لابدَّ لنا من دراستها ، والوقوف عليها ومعالجتها ، وإذ ذاك نستطيع تهيئة الآلاف المؤلفة من المثقفين الشباب الذين سيندفعون إلى الانخراط بهذه المهنة المقدسة .


ثانياً ـ المنزلة الاجتماعية :

إن المعلم كما هو معلوم ، جندي مجهول في ميدان المعركة التي تخوضها الشعوب ضد الجهل والفقر والمرض، وتربية الجيل الصاعد وإعداده لتحمل مسؤولياته المقبلة ، نعم إنه جندي مجهول بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، إنه الشمعة التي تحترق لتنير الطريق للأجيال الصاعدة نحو عالم أفضل ، وحياة اسعد وأرفه ، ولقد أجاد الفرنسيون حين وصفو التعليم بأنه {مهنة بلا مجد }، فالمهندس يتحدث عنه الناس بأنه مصمم هذه العمارة ، والطبيب يقولون عنه بأنه نجح في العملية الطبية ، والمحامي برع في تبرئة أو إدانة المتهم ، أما المعلم ...فهو بصمت ... معلم ...!!

وبعد كل هذا يحق لنا أن نتساءل : "هل تتناسب المنزلة الاجتماعية للمعلم وعظم الرسالة التي يحملها ، والواجب الذي يؤديه ؟"

ولاشك أن هناك بوناً شاسعا في المنزلة الاجتماعية للمعلم بين البلدان المتقدمة وبلدان ما يسمى بالعالم الثالث ، فما أكثر ما أهين المعلم في معظم بلدان العالم الثالث ،وأخيراً لا يسعني إلا أن أردد قول المربي الكبير خليل تقي الدين : [ أيها المعلمون حسبكم شرفاً أن العالم من صنع أيديكم ].

ثالثاً : مدى إرضاء الطموح :

طوال حياته من أجل التقدم والسمو ، ولن يتوقف هذا الطموح حتى النهاية .وعلى هذا الأساس يحق لنا أن نتساءل : "إن من الحقائق المسلم بها أن الإنسان ذا طموح لا حد له ، إنه يعمل هل تحقق هذه المهنة لصاحبها الطموح المنشود ؟ "
ونعود فنجيب أن المعلم [ خلق معلماً ويبقى معلماً ] .
إن مسألة إرضاء الطموح هي التي دفعت الكثير من الشباب المثقف القادر إلى العزوف عن هذه المهنة لكننا لا يمكن أن نسلم بهذا الواقع ، بل ينبغي لنا أن نعالجه ، ونعمل ما أمكننا التخفيف من آثاره السلبية إذا ما روعي ما يلي :

1 ـ ضرورة إدخال نظام المعلم الأول في المدارس ، حيث أن لهذا النظام تأثير بالغ الإيجابية في تحفيز المعلم ، وتحسين أساليب عمله ، وجعله يشعر بالتقدم بترقيته إلى درجة معلم أول في المدرسة .

2 ـ ضرورة اختيار مديري المدارس من بين المعلمين الذين اثبتوا جدارتهم في عملهم ، وإخلاصهم في أداء مهنتهم ، وحبهم لأبنائهم التلاميذ ، وبذلك نكون قد حققنا هدفين معاً :

أ ـ اختيار المدير اللائق والجدير ، الذي يعتبر عنصراً هاماً في نجاح المدرسة .
ب ـ شعور المعلم بأن جهوده وأتعابه لم تذهب سدا ،وإنما هي موضع تقدير وتثمين .

3 ـ ضرورة اختيار المشرفين التربويين من صفوف المعلمين الذين مارسوا التعليم والإدارة معاً مدة من الزمن لا تقل عن عشر سنين ، حيث يكونوا قد اكتسبوا خبراً وتجارب جمة ، أدركوا المشاكل والمصاعب التي تواجه المدرسة ، وأساليب حلها ، ذلك أن الذي يعيش مشكلة ما هو أدرى بطبيعتها وطرق معالجتها من أي شخص آخر . إن هذا التدرج في الخدمة التربوية والتعليمية سيثير بلا شك الطموح لدى المعلم .
ولابدَّ أن أشير هنا إلى أن التدرج في الوظيفة ، وفي الترفيع ،ينبغي أن يسبقه اختبار خاص للمرشحين لكي يكون الاختيار دقيقاً وأميناً .

4 ـ إن غاية ما يطمح إليه الإنسان هو أن يحيا هو وأفراد عائلته في سعادة ورفاه ، وإن هذا لا يمكن أن يتم إلا بتأمين القدر الكافي من الدخل الذي يمكّنه من تأمين حاجاته المادية ، فالجانب الاقتصادي له دور حاسم في خلق الرضا والسعادة للإنسان .

في هذا الرد بعض التصرف

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
الرد مع إقتباس