عرض مشاركة مفردة
  #17  
قديم 25-08-2001, 11:57 AM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الفاضل أسعد الأسعد

إليك ما يلي :


أولا- السؤال المطروح هو : العملية التفكيرية ما هي ؟ أي كيف نفكر ؟ ما هي شروط عملية التفكير ؟ ما هي العناصر أو الأدوات التي لا بد من وجودها حتى نفكر ؟
هذا هو موضوع البحث، وهذا بالضبط ما له علاقة مباشرة بمسألة الاستدلال العقلي على وجوب تعيين الامام. فأنت قد جعلت العقل دليلا على أن الواجب على الله تعالى هو أن يعين الامام من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه إذا لم يفعل ذلك يكون مقصرا، وأما حجتي في نقض دليلك فهي أن ذات الله سبحانه وتعالى لا تقع تحت الحس ، فلا يمكن التفكير فيها، ولا يصح قياسها على الانسان، فلا يصح أن نوجب على الله سبحانه وتعالى فعل الحسن واجتناب القبيح بحسب فهم الانسان للحسن وللقبح. وحجتي أيضا أن علم الله تعالى لا يقع تحت الحس فلا يمكن أن نعلم ان كان الله سبحانه وتعالى يريد أن يعين الامام أم أنه يريد أن يجعل امر اختياره للمسلمين، فكل محاولة للتنبأ بما في علم الله تعالى أو بما يريده الله أو بما لا يريده من دون أن يخبرنا الله تعالى به هي مجرد عملية تخيل لا أكثر ولا أقل فلا يعول عليها ولا يصح الاستناد إليها، وهذا بالضبط ما أوردته في أول تعقيب لي على طرحك، فالموضوع هو شروط عملية التفكير ، أي هل يمكن أن نفكر فيما لا يقع تحت الحس أم لا ؟ هل يمكن أن نصدر أحكاما على الله تعالى او على أفعاله او أن ندرك علل أفعاله أو حكمته من كل فعل ؟ هل يمكن أن تتصور عقولنا عللا ثم بناء عليها نوجب على الله تعالى أن يفعل أو أن لا يفعل الفعل ؟

فالسؤال المطروح هو شروط عملية التفكير أي الدماغ والواقع والحواس والمعلومات السابقة التي يفسر بواسطتها الواقع ، هل يمكن التفكير بدون أي واحد منها أم لا ؟ ومصطلح العقل معناه حسب استخدامي له نفس معنى عملية التفكير، فالتعريف الذي احتججت به عليك هو تعريف العملية التفكيرية ، والنقاش حول التعريف هو نقاش حول شروط عملية التفكير، فاستعمالي للعقل وللتفكير استعمال واحد، وهذا نص ما ورد في أول ردي لي على استدلالك العقلي على ايجاب التعيين على الله تعالى :
( العقل أو الفكر هو نقل الواقع الى الدماغ بواسطة الحواس ووجود معلومات سابقة يفسر بواسطتها الواقع، فالعملية الفكرية لا يمكن أن توجد إلا إذا توفرت أربعة شروط هي : الدماغ الصالح للربط، الحواس، الواقع الذي يراد التفكير فيه، والمعلومات السابقة التي يفسر بواسطتها الواقع . فإذا نقص عنصر واحد من هذه العناصر الأربعة لا يمكن اجراء العملية الفكرية، من هنا كان التفكير في غير الواقع المحسوس ليس فكرا ولا تفكيرا وانما هو تخيل وأوهام. فالعقل مجردا عن النصوص الشرعية لا يستطيع أن يدرك ان كانت الامامة ضرورة شرعية أم لا كما لا يستطيع أن يدرك ان كان الله تعالى سيعين الخليفة تعيينا أم سيوكل هذه المهمة للمسلمين أنفسهم أو أنه سيضع حلولا أخرى. وكل محاولة للتنبأ بما في علم الله تعالى أو بما يريده الله أو بما لا يريده من دون أن يخبرنا الله تعالى بذلك هي مجرد عملية تخيل لا أكثر ولا أقل فلا يعول عليها ولا يصح الاستناد إليها .)
فهذا النص يتحدث عن العقل بمعنى عملية التفكير، أي يتحدث عن شروط عملية التفكير، فقد ورد بعد تعريف العقل مباشرة ( فالعملية الفكرية لا يمكن أن توجد إلا إذا توفرت أربعة شروط هي : الدماغ الصالح للربط، الحواس، الواقع الذي يراد التفكير فيه، والمعلومات السابقة التي يفسر بواسطتها الواقع ).

فالاستدلال ووجه الاحتجاج بالتعريف هو استدلال بشروط عملية التفكير، وقد أكدت على ذلك في ردي الثاني عليك بتاريخ 15\8\2001 فقد ورد فيه ما نصه: ( وتعريف العقل الذي ورد في تعقيبي السابق هو نفس تعريف الطريقة العقلية في التفكير أو هو بيان واقع عملية التفكير). بل أني كررت النص على ذلك في أكثر من موضع حتى يكون تعريف العملية التفكيرية هو محل البحث والنقاش لأنه الأساس في الاستدلال على خطأ الايجاب العقلي للتعيين.


ثانيا- الشرط هو : ( ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ) فمثلا كون الطهارة شرط في صحة الصلاة، معناه أنه لا توجد الصلاة اذا لم توجد الطهارة ، ولكن قد توجد الطهارة ولا توجد الصلاة. فعندما نقول أن عملية التفكير لها أربعة شروط، فإن معنى ذلك أن عملية التفكير لا يمكن أن توجد إلا بوجود الشروط الأربعة مجتمعة، فلو نقص منها شرط واحد لم توجد عملية التفكير. وعليه فإن تعريف العملية التفكيرية بأنها ( نقل الواقع الى الدماغ ووجود معلومات سابقة يفسر بواسطتها الواقع ) هو نص على الشروط الأربعة التي يجب توفرها حتى يوجد التفكير مع بيان دور كل شرط من هذه الشروط الأربعة في عملية التفكير. فالدماغ والواقع والحواس والمعلومات السابقة التي يفسر بواسطتها الواقع هي الشروط الأربعة التي يجب توفرها حتى توجد عملية التفكير، فإذا نقص أي عنصر من هذه العناصر الأربعة لم يوجد التفكير. فطريقة اثبات صحة هذا التعريف تكون باثبات استحالة التفكير في حال عدم أي عنصر من هذه العناصر الأربعة ويكون ذلك بضرب مثل يكون خاليا من عنصر واحد من هذه العناصر، فإذا استحالت عملية التفكير يكون العنصر الغائب شرطا في التفكير، لأن الشرط يلزم من عدمه العدم.

وقد طلبت منك التفكير في مسألتين لأثبت استحالة التفكير سواء في غير الواقع المحسوس أو بدون وجود المعلومات السابقة التي يفسر بواسطتها الواقع. فقد ورد في ردي عليك بتاريخ 15\8\2001 ما نصه :

( من هنا يتبين أن العملية التفكيرية التي هي نفسها العقل ليست عضوا من أعضاء جسم الانسان وإنما هي عملية تتكون من أربعة أشياء هي : الدماغ الصالح للربط، الواقع الذي يراد التفكير فيه أو الحكم عليه، حاسة واحدة على الأقل من الحواس الخمسة، والمعلومات السابقة التي يفسر بواسطتها الواقع. فلو نقص عنصر واحد من هذه العناصر الأربعة فإن العملية التفكيرية لا يمكن أن تحصل .
فمثلا لو سألتك ما هو معنى النص التالي :

De wereld-ontvanger waarover u nu beschikt kan een aantal golfflengtebanden ontvangen .

فإذا لم يكن عندك معلومات سابقة عن اللغة التي كتب بها هذا النص فلا يمكن أن تدرك معناه . فمع أن الواقع محسوس ( النص ) وقد انتقل الى دماغك بواسطة حاسة البصر إلا أنك لا تستطيع التفكير فيه لعدم توفر المعلومات السابقة التي تفسره ، وبالتالي لا تستطيع ان تصدر حكمك عليه.

ومثلا لو سألتك الأسألة التالية المتعلقة بالجن :
ما هي صورة الجن ؟ هل هي كالانسان ام كالحيوان ام كالطير أم غير ذلك ؟ هل للجن أسنان وكم عددها ؟ هل التزواج والتناسل بين الجن كما هو عند الانسان ؟ الحليب هو غذاء طفل الانسان منذ ولادته وحتى فطامه ، فما هو غذاء الطفل الجني ؟ الانسان اذا جرح ينزف دما، الجني ماذا ينزف ؟

مثل هذه الأسألة المتعلقة بالجن لا تستطيع إعطاء أجوبة عليها لسببين : أولها لأن الجن واقع لا يقع تحت حس الانسان، وثانيهما لعدم وجود معلومات سابقة عن الأمور التي سألتك عنها. فكل محاولة للاجابة هي مجرد تخيل وأوهام ).

إلا أنك أخي الفاضل قد تجاهلت هذين المثالين في تعقيبيك الأخيرين تجاهلا تاما، مع أنهما البرهان الذي أقمته لاثبات شرط الواقع المحسوس وشرط المعلومات السابقة. وتجاهلهما معناه أنك قد عجزت بالفعل عن التفكير فيهما، فهذا دليل قاطع على أن الواقع المحسوس والمعلومات السابقة شرطان للتفكير. وأما الهروب من هذين المثلين من خلال ضرب أمثلة أخرى تحاول من خلالها اثبات امكانية التفكير من دون وجود الواقع المحسوس أو من دون وجود المعلومات السابقة لا قيمة له في تفنيد الحجة، لأن الدليل هو مثل تعجز عن التفكير فيه لا مثل تستطيع التفكير فيه، وأيضا جميع الأمثلة التي تأتي بها كأمثلة على امكانية التفكير بدون توفر جميع شروط عملية التفكير هي مجرد شبهة في خلوها من شرط صحة التفكير، بدليل أنني قد رددت على جميع أمثلتك التي ظننت أنها تخلو من شرط أو أكثر من شروط عملية التفكير، والشك أو الظن او الشبهة لا ترد الدليل القاطع بأي حال من الأحوال. على أن اثبات صحة تعريف العملية التفكيرية لا يتطلب وضع جميع عمليات التفكير الانساني محل بحث لأثبت منها جميعها أن الواقع المحسوس شرط أو ان المعلومات السابقة شرط أو أن نظل ننقاش هذه المسألة ما دام ذهنك أو مخيلتك تتفتق عن أمثلة جديدة، ولو قبلنا بهذه الطريقة المغلوطة في الاثبات فإننا لن نصل الى نتيجة أبدا. فالاستدلال الصحيح هو أن آتيك بمثل واحد فقط تعجز عن التفكير فيه بسبب خلوه من عنصر من العناصر الأربعة التي نص عليها التعريف فيكون عجزك عن التفكير دليلا على ان هذا العنصر هو شرط من شروط عملية التفكير لأن الشرط هو ما يلزم من عدمه العدم. ومع ذلك فسوف أناقش بإذن الله تعالى جميع أمثلتك الجديدة لأبين لك أنها جميعها لا تصلح لنقض التعريف ، ونقاشي لها حتى يحصل لديك الاطمئنان فقط وليس لاقامة الحجة، لأن الحجة قامت بثبوت العجز عن التفكير في حل لم تتوفر جميع شروط عملية التفكير.

وهاك سؤال آخر حول شروط عملية التفكير ، والسؤال هو : ما هي الروح ؟ ما هو شكلها ؟ لونها ؟ وزنها ؟ أي شيء يتعلق بماهيتها ؟


ثالثا- في نفس ردي عليك بتاريخ 15\8\2001 ورد ما نصه :

(( رابعا- على الرغم من غموض تعريفاتك وعلى الرغم من الخطأ الذي وقعت فيه إلا أن التعريفات التي أوردتها في تعقيبك تشترط أيضا توفر العناصر الأربعة حتى توجد العملية التفكيرية، فقولك ( فالعقل هو الملكة التي حبانا الله إياها لنكون قادرين على إدراك الأمور المنطقية ) اقرار بشرط وجود الحواس والواقع لأن المنطق يشترط انتهاء كل قضية من قضاياه الى الحس. وأما قولك ( فالعقل إذن ميزان يوزن به ما يتم نقله للدماغ لإصدار الحكم عليه وهذه العملية هي ما يعرف بالتفكير ) ففيه اقرار صريح بشرط وجود الدماغ ، وفيه اقرار ضمني بشرط وجود الواقع والحواس وكذلك المعلومات السابقة . أما الواقع فإنه إذا لم يكن هذا الذي يتم نقله إلى الدماغ هو الواقع فماذا يكون ؟ وإذا لم يكن الواقع هو ما نريد التفكير فيه واصدار الحكم عليه فبماذا سنفكر ، وعلى ماذا سنصدر الحكم ؟ وإذا لم تكن الحواس هي واسطة نقل الواقع إلى الدماغ فما هي هذه الواسطة ؟ وأيضا إذا لم تكن وحدة القياس أو وحدة التوزين هي المعلومات السابقة التي تفسر الواقع فماذا تكون ؟ فالواقع هو الذي يتم نقله الى الدماغ بواسطة الحواس ويجري التفكير فيه بربطه بالمعلومات السابقة التي تفسره فيصدر الدماغ حكمه عليه )).

فأنت من خلال تعريفك للعقل ، ومن خلال تعريفك للتفكير تثبت أن العناصر الأربعة الواردة في تعريفي هي شروط العملية التفكيرية، وهذا معناه أنك قد أسقط بنفسك حجتك العقلية على ايجاب التعيين على الله تعالى، ومعناه أيضا أنك كنت تتناقض مع نفسك في نفيك الدائم لشرط الواقع المحسوس ومع نفيك اللاحق لشرط المعلومات السابقة ولشرط الدماغ.


ثالثا- في تعقيبك الأخير تخلصت من النقطة الواردة في تعريفك للعقل والتي تدل على شرط الواقع المحسوس كشرط من شروط العقل، فقد قلت :
(وإذا كان هناك من مؤاخذة على هذا التعريف فهي المؤاخذة التي تفضلت بها وهي أنني حصرت عمل العقل في الأمور المنطقية وسوف أحاول الاطلاع على هذه النقطة وفهمها).

فأنت هنا تتخلى فقط عن جعل المنطق جزءا من تعريفك للعقل، وهي النقطة التي تشترط الحس بالواقع. واللافت للنظر أنك تراجعت عنها حتى قبل أن تطلع عليها وقبل ان تفهمها (وسوف أحاول الاطلاع على هذه النقطة وفهمها) فإذا لم تطلع عليها، بل إذا لم تفهمها فلماذا تتراجع عنها وتقر بأنها مؤاخذة على تعريفك ؟!
ولأهمية حذف هذا المقطع الذي تقر فيه بشرط الواقع المحسوس أكدت عليه مرة أخرى في نفس تعقيبك الأخير، فقد قلت :
( وأما ما جاء في ثالثا حيث أخذت علي أنني حصرت العقل أو التفكير بإدراك الأمور المنطقية فقط مع أن المنطق هو أسلوب من أساليب العقل فإن قولك هذا جميل وقد استفدت منه الكثير وجزاك الله خيرا على هذا التنبيه ) !!!

هذا بالنسبة للتراجع عما يدل في تعريفك للعقل على شرط الحس بالواقع ، أما بالنسبة لدلالة تعريفك للتفكير على شروط التفكير الواردة في تعريفي، فإنك في تعقيبيك الأخيرين قد تجاهلت الحجة التي أقمتها عليك من خلاله تجاهلا تاما . بل لم تأت على ذكر التعريف الذي وضعته للتفكير مطلقا، والتعريف هو : ( فالعقل إذن ميزان يوزن به ما يتم نقله للدماغ لإصدار الحكم عليه وهذه العملية هي ما يعرف بالتفكير )، ومع أنك لم تذكره إلا أنك لم تضع له بديلا. وها أنا أعيد وضعه هنا حتى يظل الاحتجاج عليك به قائما :
(( وأما قولك ( فالعقل إذن ميزان يوزن به ما يتم نقله للدماغ لإصدار الحكم عليه وهذه العملية هي ما يعرف بالتفكير ) ففيه اقرار صريح بشرط وجود الدماغ ، وفيه اقرار ضمني بشرط وجود الواقع والحواس وكذلك المعلومات السابقة . أما الواقع فإنه إذا لم يكن هذا الذي يتم نقله إلى الدماغ هو الواقع فماذا يكون ؟ وإذا لم يكن الواقع هو ما نريد التفكير فيه واصدار الحكم عليه فبماذا سنفكر ، وعلى ماذا سنصدر الحكم ؟ وإذا لم تكن الحواس هي واسطة نقل الواقع إلى الدماغ فما هي هذه الواسطة ؟ وأيضا إذا لم تكن وحدة القياس أو وحدة التوزين هي المعلومات السابقة التي تفسر الواقع فماذا تكون ؟ فالواقع هو الذي يتم نقله الى الدماغ بواسطة الحواس ويجري التفكير فيه بربطه بالمعلومات السابقة التي تفسره فيصدر الدماغ حكمه عليه )).
لاحظ أنك في تعريفك للتفكير تنص على أن شيئا ما يتم نقله للدماغ لاصدار الحكم عليه، فالتفكير يجري في شيء ما، والحكم يصدر على هذا الشيء الذي تم نقله الى الدماغ وجرى التفكير فيه، وأيضا التعريف ينص على عملية نقل، فمن أين تم نقل هذا الشيء الى الدماغ ؟ وما هي واسطة النقل ؟ ثم وحدة التوزين ما هي ؟


رابعا- في آخر فقرة من تعقيبك الآخر قلت :
(( وبناء عليه فقد تبين أن تعريف العقل بأنه ( نقل الواقع إلى الدماغ بواسطة الحواس ووجود معلومات سابقة تفسره ) غير صحيح على الإطلاق كما تبين أن القول بأن العقل والتفكير والفكر شيء واحد غير صحيح أيضا كما تبين أن القول باشتراط الواقع المحسوس في عملية التفكير غير صحيح ، وبذلك ينتفي الاحتجاج بتعريف العقل على عدم صحة الإيجاب العقلي على الله تعالى في موضوع الاستخلاف )).

فأنت هنا تقول أن التعريف غير صحيح على الاطلاق ، مع أن هذا التعريف كما هو واضح من جميع ردودي عليك هو تعريف عملية التفكير، مما يعني أنك تقول هنا أن العناصر الأربعة الواردة في التعريف ليست شروطا لعملية التفكير ، أي يمكن للانسان أن يفكر بدون دماغ ، أو بدون واقع يفكر فيه، أو بدون حواس يستعملها في نقل الواقع الى دماغه، أو بدون أية معلومات عن الواقع الذي يريد التفكير فيه . وهذا يعني أنك تتناقض مع تعريفك للتفكير المذكور أعلاه ، والذي هو: ( فالعقل إذن ميزان يوزن به ما يتم نقله للدماغ لإصدار الحكم عليه وهذه العملية هي ما يعرف بالتفكير ) .


خامسا- في تعقيبيك الأخيرين أوليت أهمية كبرى للتفريق بين العقل والتفكير، مع أن التفريق بينهما ليس له أية أهمية في الموضوع الذي نناقشه والذي هو الاستدلال العقلي على وجوب التعيين، وذلك لثلاثة أسباب : أولها أن مصطلح العقل أستخدمه بنفس معنى عملية التفكير وليس له أي استعمال آخر عندي ، فتعريف العقل بأنه ( نقل الواقع إلى الدماغ بواسطة الحواس ووجود معلومات سابقة تفسره ) هو نفس تعريف عملية التفكير. فمعنى العقل هو نفس عملية التفكير وهو الأمر الذي بينته بالنص. فكأني أستعمل لفظين للتعبير عن واقع عملية التفكير. فلا ضير عندي أن اقتصر في الاستعمال على لفظ واحد فقط هو عملية التفكير أو التفكير، لأن حجتي عليك هي مدلول عملية التفكير أي تعريف عملية التفكير وليس الكلمة سواء كلمة العقل أو كلمة التفكير. وثانيها أننا متفقان على وجود عملية التفكير، وأنها هي العملية التي تؤدي الى الفكر أو الادراك ، وحجتي عليك هي فيما نحن متفقان عليه أي بعملية التفكير وليست هي في أي شيء آخر. وثالثها أننا سواء اعتبرنا العقل أداة للتفكير أو اعتبرناه نفس عملية التفكير لا يؤثر مطلقا في الحجة عليك وهي أننا لا نستطيع التفكير فيما لا يقع عليه الحس كذات الله سبحانه وتعالى. فحتى لو اعتبرت أن العقل هو أداة التفكير أو هو المقدرة على التفكير ، وكان الواقع المحسوس أو المعلومات السابقة شرطا في عملية التفكير التي سيقوم بها العقل، فإن عدم وجود الواقع المحسوس أو عدم وجود المعلومات السابقة سيجعل العقل عاجزا عن القيام بعملية التفكير. فأساس البحث ، وموضوع النقاش، والحجة عليك هي عملية التفكير، وليست هي في تعريف العقل ولا حتى في تعريف الفكر.
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله