عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 25-05-2003, 09:07 PM
الثائرة بلقيس الثائرة بلقيس غير متصل
ضيف
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2002
المشاركات: 34
إفتراضي

مع فتح حوار مفتوح ودائم عن المناهج لكان هذا كله أفضل من إحداث التجديد بعد الضغوط السياسية والحملات الإعلامية، ذلك التجديد الذي سيفتقد الكثير من المصداقية، فكل تعديل ولو كان حقاً سيفسر من كثير من أبناء المجتمع تفسيراً سيئاً ولكن الخشية من هذا التفسير ليس مبرراً في ترك التجديد إذا أردنا مصلحة الطالب، أما إن راعينا مصالحنا وسمعتنا عند الغلاة فهذا شيء آخر لكننا نربأ بالمخلصين عنه، وثقتنا في الوزارة وجهات التعليم الأخرى أن يسيروا في طريقهم في التجديد الجاد، دون التفات لضغط خارجي ولا اتهام داخلي.
12- ولا بد من فتح باب الحوار الدائم عن المناهج والمقررات وأن يلتقي أصحاب الأفكار المتضادة، حتى تتبين وجهات النظر بوضوح، وأن يصاحب ذلك حسن الظن بالناقد المسلم المواطن –وإنما خصصت الناقد لأن المغالي لا يتلقى الاتهامات في دينه ووطنيته كالذي يرى التجديد-، وألا نسارع مع المسارعين في الاستنكار على الناقد واتهامه في نيته وتصديق الغلاة في الناقدين للمقررات، فقد كان الناقدون للمناهج الدينية يواجهون وحدهم كل الحملات المحلية الصادرة ممن المغالين تلك الحملات التي- للأسف- تجد صدى من بعض جهات التعليم ومن جهات أخرى كوزارة الإعلام ووزارة الداخلية فيتم منع الحوار في مناهج التعليم وكأن نقدها من المحرمات.
فسكت الناقدون على مضض وبقي الغلو والحث على كراهية الآخر متوسداً بطون مقررات التوحيد، ثم بعد أحداث سبتمبر أبصرت العيون ما كانت تتجاهله وعاد التفتيش عن الغلو الذي قاله أبناء الوطن من قبل!
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى *** فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد!

13- مما سيحزن له غيرنا من المسلمين أيضاً أنهم كانوا يصيحون من ثلاثة قرون ويطلبون منا (نحن السلفيين في المملكة)، أن ننصفهم ونعترف بإسلامهم، وألا نرميهم بالشرك الأكبر المخرج من الملة ولا البدع المهلكة، وهذا موجود في فكرنا وكتبنا العقائدية ومناهجنا التعليمية، وسيأتي إثبات هذا كله بالأدلة -التي يغفل عنها التربويون لعدم تمكنهم من معرفة هذا لكونهم عالة على كتب الغلاة أنفسهم!- ولكنها معلومة عند المنصفين من أصحاب العلم الشرعي، ولكننا للأسف لم نستجب لصوتهم لأنهم كانوا الأضعف.
وقبل هذا كان المسلمون في أيام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله يشتكون من وجود تكفير ضمني لهم في كلام ابن تيمية وابن القيم ولم نستجب لهم.
وكان المسلمون في القرون الأولى (الثاني والثالث والرابع) يشكون من توسع الحنابلة في التكفير لسائر الفرق الإسلامية الأخرى كالأشاعرة وأهل الرأي والصوفية والإباضية والزيدية فضلاً عن المعتزلة والشيعة والمعتزلة والجهمية والقدرية والمرجئة ولم نستجب لهم.
وكان المسلمون في عهد بني أمية و بني العباس يشتكون من ظلم علماء السلطة لهم وإفتاؤهم بتكفيرهم وقتلهم وتحريض السلطان عليهم ولم تتم الاستجابة لهم.
ونحن اليوم تحت هذا كله، إذ اختلط التاريخ بالمذهب والعقيدة، وأصبح الإتهام ايسر من شرب الماء الزلال، يرمى به كل من يحاول تنبيه إخوانه المسلمين إلى الجذور الفكرية للغلو المعاصر.
14- إذن فنحن اليوم تحت هذا (البرج التكفيري) كله، فهل ترون من أمل بأننا في شجاعة كافية لمراجعة هذا كله؟ ونقده؟ والرد على من أخطأ من هؤلاء العلماء الذين نقلدهم؟ أظن هذا من الصعوبة الكبيرة، مع أن بعضنا متفائل ولا يستبعد أن يكون عندنا (الشجاعة الأدبية) لوضع حل (جذري) ينكر الغلو وينمو نحو الاعتراف بأن (المسلمين أخوة) سواء قال بهذا كبير أو صغير، سلفي أو خلفي، سني أو غير سني..الخ.
وبعضنا متشائم ويستبعد هذا لأنه إما يائس من الإصلاح لارتباط الإصلاح التربوي بالإصلاح العام وبعضهم يرى بنظره القاصر أن الرد على الغلاة أخطاءهم هو رد على الإسلام نفسه!! لأنه لا يستطيع أن يرى الإسلام إلا من خلال الغلاة وكأنه لم يخالفهم من هو أقدم منهم وأعلم؟ بل كأن اقوالهم لها شرعية النصوص الشرعية، وكأنها لنا قدوة تضاهي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه في التعامل مع المسلمين والكفار على حد سواء.

صعوبات التجديد:
التجديد (تجديد المقررات وخاصة مقررات التوحيد) ليس بالأمر السهل ويمر بعدة عقبات كبيرة ليس من السهل تجاوزها ومن أبرز الصعوبات ما يلي:

1- عدم وجود النية (الجادة) –وأكرر الجادة- للتجديد من الجهات التعليمية، والمتابع يعرف هذا من خلال تتبع مسيرة التجديد، وأنها أقرب لجبر الخواطر وإرضاء المختلفين منها إلى استهداف المادة وفحصها، فالنية الجادة لها منهجها المتبع وأهدافها العملية وآثارها على المادة العلمية، فلذلك نجدنا بعد تشكيل اللجان والأسر والمجموعات لا زالت المقررات الدينية تنتقل من تخبط لآخر وستأتي الأمثلة.
2- افتقادنا لـ (المصارحة العلمية) في الكشف عن (جذور الغلو) الموجودة في بطون المقررات وهذا ما سأحاول الحديث عنه بصراحة ليقف التربويون على الجذور الأولى للغلو وتواصلها إلى أن وصلت لمقررات الصف الأول ابتدائي.
3- تمتع الغلاة بقاعدة خلفية قوية ومرجعية تمتد من القرن الثالث الهجري، وهذه المرجعية تحميهم ويحتجون بها للسلطات وبها يستطيع الفلاة استعداء السلطات ضد من يريد التجديد أو النقد لهذا الغلو، بل يتم الاحتجاج بهذه المرجعية على النصوص الشرعية المخالفة لها من باب (أن السلف أعلم وأحكم) ويعنون بالسلف مجموعة العلماء الذين نقلدهم مع إهمال الأكثرية من السلف.
4- عدم إتاحة الصلاحية الكاملة لجهات التعليم في تقرير المناهج المناسبة وخضوعها لجهات أخرى كهيئة كبار العلماء ووزارة الداخلية والسلطة العليا في البلاد وهنا تتداخل التخصصات والرغبات.
5- عدم اتباع السبل العلمية في تشكيل فريق علمي موحد متعدد التخصصات.
6- حساسية القائمين على المناهج من النقد والوصف بالقصور والجهل، فالقائمون على المناهج وتأليفها يظهر فيهم الضعف العلمي بالأمور الشرعية، لا يستطيعون نقد (الفكر المحلي) ومعرفة (الصواب فيه) من الخطأ، ولا يمتلكون الشجاعة العلمية لمخالفة الفتاوى والآراء السائدة لأنهم لا يرون الصواب إلا فيها.
7- الظن بأن (الفكر المحلي) هو الإسلام نفسه! بينما هو المذهب فحسب، فمقررات التوحيد مستقاة من المذهب السلفي المتشدد الممتزج بالغلو الحنبلي وغلو الدعوة السلفية.
8- التجديد بناء على الطلبات والمطالبات والإعتراضات والرغبات هذا في الأصل وليس على العلم والبرهان، والدليل على ذلك ظاهر فلا نتنبه لخطأ إلا عندما تأتينا التوجيهات أو الضغوط الكبيرة.
9- مراعاة الأقوى والسائد والمذاهب والغلو على حساب الأصوب والنص والاعتدال.
10- عدم فتح باب حوار ومناظرات عن المناهج وقصر صلاحية التعبير على فئة قليلة من المجتمع واهمال الأغلبية المطالبة بالنظر الجاد والمراجعة للمناهج.
11- عدم أهلية التطوير التربوي، لعدم توفر (البيئة العلمية) المنفتحة على النصوص الشرعية اللهم إلا من خلال الرجوع لفهم الغلاة لبعض النصوص الشرعية النصوص التي يفسرها الغلاة لتدعيم الغلو ويأخذون تفسيرها من كتب (المذهب) المغالية أيضاً.
12- جهلنا بأنفسنا، فلا نعرف عنها ما يعرفه الآخرون، ومن أبرز دلالات جهلنا بأنفسنا أننا لا نعرف أننا من الغلاة، ولو سألت أي مسئول له علاقة بالمناهج وقلت له: أليس المنهج ينبع من فكر المجتمع وفلسفته؟
لقال : بلى؟
ولو قلت له: فهل تعرف أن بيئتنا الدينية ومجتمعنا من البيئات المغالية؟ أم المعتدلة؟
لقال: بل من المجتمعات المعتدلة! هذا إن لم يقل أنت ضد البلد وضد الإسلام وضد الدولة ...الخ، ولا يطلب منك الدليل والبرهان، وهذا من أكبر دلائل الغلو، وهو أننا واثقون في غلونا بأنه هو الإسلام؟
15- مجرد التساؤل: هل مجتمعنا السعودي من المجتمعات المعتدلة أم المغالية هو عن الغلاة من أصعب الأمور ومن أجرأ الأقوال وأقبحها!!.
مع أنه لا يشك باحث متجرد أن مجتمعنا السعودي يغلب عليه الغلو في العقائد والأحكام، بل التيار السلفي من العصر العباسي يغلب عليه الغلو وتقرير شرعية كراهية المسلمين فضلاً عن سوء تطبيق الولاء والبراء مع الكفار[7].
وأكبر دليل على ذلك أننا نستبشع الدعوة لمراجعة عقائدنا ومذهبنا ومواقفنا من المسلمين، ولا نقبل مناقشتها ولو على اعتبارها فرضية، بل لا نجوّز ولو -بنسبة ضئيلة- أن لهذا القول نوع من الصحة ولو في جانب من الجوانب، ونشكك في وطنية من أقر بهذه الحقيقية أو رآها وقد نشكك في دينه أيضاً وكل هذا من دعائم الفكرة ولا يفيد نفيها.
16- هذا المنع من طرح مثل هذه الفرضية وهذه المراجعة يخالف منهج السلف الذي ننادي به فقد كان بعض كبار السلف يقولون (رحم الله من أهدى لنا عيوبنا) و (كلامك خطأ يحتمل الصواب وكلامي صواب يحتمل الخطأ) ونحو هذا مما نبثه في المقررات والخطب والمواعظ والدروس ثم إذا أتانا أحد محاوراً نسينا أهمية توطين النفس على قبول الحق إن حاول أحد أن يرشدنا لخطأ وقعنا فيه.
إذن فلنفترض من باب الفرضية القابلة للنقض أن (البيئة المحلية) هي في نتاج تراكمات من الغلو المذهبي وأنها الأصل مذهبية تقليدية، وأننا متابعون لهذا الغلو.

يتبع
.
__________________
لا تشتري العبد الا والعصا معه ان العبيد