عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 26-06-2007, 06:39 AM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي

على كل حال فحرب من هذا النوع هي بالتأكيد حرب كرّ وفرّ ليس الاحتفاظ في المناطق فيها أمر ثابت، وعليه فمن الطبيعي أن نسمع تصريحات كالتي أدلى بها الجنرال راي أوديرنو، الرجل الثاني في القيادة الأمريكية العسكرية في العراق، وهو يقول بأن: "80 بالمئة من كبار قيادات القاعدة بمدينة بعقوبة قد فروا، وأن 80 بالمئة من القيادات الأدنى مازالت هناك". وغني عن القول أن مثل هذه التصريحات التي تنطوي على غمز يرجى منه تحقيق أثر نفسي على العناصر المقاتلة؛ تؤكد من جهة أخرى على اعتراف صريح بخوض حرب عصابات، خاصة وأن الجنرال نفسه يستبعد استسلام المقاتلين في بعقوبة وهو الذي تشير توقعاته بأن المعركة ستطول حتى لو اعتمد الأمريكيون على تعدد محاور الهجوم كما فعلوا في خطتهم اقتحام الجانب الغربي من بعقوبة. وزيادة على ذلك فقد كان مراسل محطة البي بي سي أفصح في التعليق على مثل هذه التصريحات معتبرا إياها مفاجئة بالنظر إلى أن الهدف هو القضاء على تنظيم القاعدة، فإذا بالقادة الأمريكيين يتحدثون عن كر وفر. وهي مفاجأة لم ينفها عسكريون أرفع درجة من أمثال الجنرال مايك بدناريك الذي أقر بصريح العبارة أنهم يواجهون قتالا شرسا في بعقوبة، وأن "مسلحي القاعدة الذين يقدر عددهم بالمئات يقاتلون بشراسة ضد الآلاف من القوات الأمريكية، وهم مستعدون للموت في القتال"، فكيف يمكن، مثلا، الثقة ببيانات الجيش وهو يتحدث عن مقتل العشرات واعتقال آخرين؟
وبحسب البيانات العسكرية فالاعتماد الرئيسي في صد الهجوم الأمريكي يستند إلى ثلاثة دعائم كما توحي به بيانات الدولة: (1) الدفع بكتائب الاستشهاديين لاعتراض القوات المهاجمة وقطع خطوط سيرها وإمداداتها وإيقاع الخسائر بقوافلها وهو ما حصل في أكثر من موقع حتى في بغداد، و(2) استخدام القناصين والقنابل الحرارية داخل الأحياء السكنية للتربص بالجنود والقوات التي تدخل المناطق السكنية، و(3) الاعتماد بالدرجة الأساس على المفخخات والأشراك الخداعية والألغام المنتشرة في الأحياء والمباني المهجورة والشوارع والأزقة والخنادق الملغمة.
هذا الوضع من القتال اعترف به الجنرال الأمريكي بدناريك حين قال أن: "القتال يدور من منزل إلى منزل ومن مبنى إلى مبنى ومن شارع إلى شارع ومن بالوعة إلى بالوعة" مما دفع القوات الأمريكية إلى شن غارات جوية على الأحياء السكنية والمساجد تسببت بمقتل عدد كبير من المدنيين في محاولة منهم لتعطيل الألغام. ومع أنهم تحدثوا عن اختراق لأحياء الكاطون والمفرق والمعلمين إلا أن الحديث يجري حقيقة عن إنزال جوي لم تلبث فيه القوات الأمريكية أن انسحبت على الفور، بل أن بيانات الدولة حتى اللحظة تؤكد على ثبات دفاعاتها ونسف مقر القوات الأمريكية في بعقوبة.
أما على صعيد الخسائر الأمريكية فقد تكبدت هذه القوات خسائر في الجنود طالت عشرات الجنود وليس 14 جنديا في مواضع مختلفة من العراق كما اعترفت البيانات الرسمية فضلا عن كاسحة ألغام وعشرات الآليات وتدمير عدد من الطائرات أو إصابتها في هجوم منفصل بصواريخ جراد وقذائف الهاون شنه مقاتلوها يوم الجمعة (22 / 6 / 2007) على قاعدة بلد الجوية وتأخر الإعلان عنه إلى حين نجاح المجموعة المهاجمة بالانسحاب من موقع العملية بحسب ما أفاد به بيان رسمي، ومن جهتها أيضا كذبت دولة العراق الإسلامية ما سبق وبثته القوات الأمريكية عن مقتل العشرات (30) من عناصر القاعدة ولكنها اعترفت باستشهاد ثمانية مقاتلين من المجاهدين متحدية القوات الأمريكية أن تثبت عكس ذلك.
وعلى الجانب الأمريكي فالتصريحات تشير إلى مقتل نحو 55 – 80 مجاهدا وإلقاء القبض على عشرات منهم وهو ما لم يثبت حتى كتابة هذا التقرير، والحقيقة أن البيانات الصادرة عن القوات الحكومية هي التي تتحدث عن أسرى في صفوف القاعدة في حين تحدثت بيانات الأمريكيين عما أسمته بـ "مشتبه" بانتمائهم للقاعدة. والمرجح أن أحدا لا يمكنه الجزم بنسبة أي عملية اعتقال لأي من أفراد الدولة، فأجواء المواجهة بين المجاهدين والأمريكيين تكشف عن حالة مستحكمة من الغضب لدى الجنود والقادة الميدانيين الذين يشعرون أن المواجهة مع القاعدة غير عادلة خاصة وأنهم يقاتلون ما يشبه الأشباح، وهو ما عبر عنه أحد الجنود الأمريكيين.