عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 27-03-2001, 05:37 AM
عبد اللطيف عبد اللطيف غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2000
المشاركات: 109
Lightbulb قصة الشيخ محمد الحامد مع الشيخ أبي النصر خلف - رحمهما الله-

يقول الشيخ عبد الحميد طهماز في كتابه عن شيخه
(الشيخ محمد الحامد رحمه الله ) :

إني أعتقد أن أعظم كرامات الشيخ أبي النصر - رحمه الله - احتلاله لهذه المكانة العالية في قلب سيدي* - رحمه الله - فقد كان سيدي يقول : لم يكسر رأسي من الشيوخ غير أبي النصر . ولهذا قصة .
كان سيدي - رحمه الله - في أول نشأته العلمية وقبل سفره إلى حلب ، على مشرب يخالف السادة الصوفية ، متأثرا في ذلك بخاله الشيخ سعيد الجابي - رحمه الله - وبمساعي الشيخ سعيد غلب على حماة هذا المشرب ، ومما ساعد الشيخ سعيد في نشر آرائه إخلاصه وتقواه ، فقد كان - رحمه الله مخلصا ، ورأى كثيرا من الدخائل والبدع عند متصوفة ذلك الزمان ، فشن عليهم حملات عنيفة ، لم تقف عند البدع والدخائل ، بل كان فيها إفراط وتحامل كبيران من الشيخ رحمه الله تعالى .
في هذا الجو نشأ سيدي - رحمه الله - ولما كان الإخلاص لما يعتقد من حق طبعاً له ، حمل أفكاره إلى حلب بكل ما يحمل من إخلاص وحماس .
وكان الشيخ أبو النصر - رحمه الله - متربعاً فيها على عرش قلوب أكثر علمائها وجمهرة عامتها ، وكان يتردد عليها كثيرا ، وكان سيدي رحمه الله تعالى ، على معرفة بالشيخ وثيقة ، وقد سبق أن تلقى منه الذكر ، إلا أن أفكار خاله كانت لا تزال متمكنة من قلبه ، راسخة في وجدانه ، وقد عرف بذلك بين أقرانه من طلاب المدرسة الشرعية ، واشتهر بكثرة المناقشات التي كان يخوضها معهم ،
وفي إحدى الليالي العامرة بالذكر ، التي كانت تشهدها حلب حين مجئ الشيخ إليها ، ذهب سيدي مع رفيق دراسته ، الشيخ أحمد الحصري - رحمه الله تعالى - وهو شيخ المعرة وعالمها - ذهب معه لرؤية الشيخ أبي النصر والسلام عليه ، لما عرف من وفاء سيدي وحفظه للمودة ، ولما دخل الدار ، خشي رفاقه في المدرسة من أتباع الشيخ أن يسبب لهم بعض المشاكل ، لما يعرفون عنه ، ولكن الشيخ أبا النصر - رحمه الله - ما إن وقع بصره عليه حتى استدعاه وأجلسه أمامه ، مع صاحبه الشيخ أحمد الحصري ، وأمر المنشد بالإنشاد ن وبدأ المنشد بقصيدة مطلعها :
كان لي ظل رسوم ****** فاستوت شمسي فزالا
عشت بالمحبوب حقا ***** بعد ان كنت خــــــيالا
انا في مقعد صدق ******* أجـتني مــنه وصالا
كل أوقاتي منه ****** فـرحات تتوالــــــــى
هكذا العشق وإلا ***** كان- والله - انفعالا
وأخذ الشيخ يتوجه بقلبه الكبير إلى سيدي - رحمه الله تعالى - وما مرت فترة حتى اشتعل القلب التقي النقي بالأحوال والمواجيد ، فطغت عليه ، وقام مأخوذا هو ورفيقه يصيحان ، وسيدي يردد اثناء ذلك :
أشهد انك يا ابا النصر على حق ..
ثم أكبا على حجر الشيخ ، فتلقاهما رحمه الله بهدوء وسرور ، كما تتلقى الأم أطفالها، وبعد أن سكنا وعادا إلى صحوهما ، آخى رحمه الله بينهما أخوة روحية ما زادتها الأيام بعد ذلك إلا قوة وغخلاصا وصفاء
حتى إن سيدي رحمه الله تعالى كان يقول : الشيخ أحمد الحصري هو الإنسان الأول في حياتي وهو أخي الروحي
هذا اليوم من اليام المشهودة في حياة سيدي ، وفيه حصل له التحول العظيم ، والانتقال الكبير ، ببركة شيخه ومرشده أبي النصر - رحمهما الله - وإلى هذا أشار بقوله :
إنه الذي أخرجني الله تعالى به من ظلمات الغفلة والقسوة والشرود ، إلى نور الذكر والرقة والوقوف بباب الله سبحانه وتعالى ، في ذلة وضراعة لهذا الرب الكريم ، إنه الذي ملأني بتوجهات قلبه الشريف ....


..................................
* - يعني بها دائما : الشيخ محمد الحامد رحمه الله تعالى .
من كتاب ( العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد رحمه الله تعالى ) ص 197-200
تأليف : محمد محمود طهماز
دار القلم - دمشق
سلسلة أعلام المسلمين - 11