عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 13-10-2003, 02:52 AM
مسلم فاهم مسلم فاهم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
المشاركات: 518
إفتراضي

المقام الأول:

المسرد التاريخي لهذه النظرية وتشخيص وقائعها

إنها نظرية اليهود والنصارى ، وهي حديثة بصنع شعاراتها ، والعمل من أجلها على كافة المستويات - كما سيأتي - لسَحب المسلمين من إسلامهم ، لكنها قديمة عند اليهود ، والنصارى ، في كوكبة تدابيرهم الكيدية ومواقفهم العدائية للإسلام ، والمسلمين .

وبتتبع مراحلها التاريخية ، وجدتها قد مرت في حقب زمانية أربع هي :

1- مرحلتها في عصر النبي صلى الله عليه وسلم :

قد بين الله - سبحانه - في محكم كتابه ، أن اليهود ، والنصارى في محاولة دائبة ؛ لإضلال المسلمين عن إسلاميهم ، وردهم إلى الكفر ، ودعوتهم المسلمين إلى اليهودية أو النصرانية فقال - تعالى - : { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شئ قدير } [البقرة / 109] .

وقال - تعالى - : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } [ البقرة / 111 ، 112 ] .

وقال - تعالى - : { قالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين } [ البقرة / 135 ] .

وهكذا في عدد من آيات الله ، يتلوها المسلمون في كتاب الله ؛ ليحذروا الكافرين من اليهود ، والنصارى ، وغيرهم ، فخمدت حيناً من الدهر حتى انقراض القرون المفضلة .

2- مرحلة الدعوة إليها بعد انقراض القرون المفضلة :

ثم بدت محاولاتهم مرة أخرى تحت شعار صنعوه ، وموهوا به على الجهال ، وهو : أن الملل : اليهودية ، والنصرانية ، والإسلام . هي بمنزلة المذاهب الفقهية الأربعة عند المسلمين كل طريق منها يوصل إلى الله - تعالى - . (2)

وهكذا فيما يثيرونه من الشبه ، ومتشابه القول ، وبتر النصوص ، مما يوهمون به ، ويستدرجون به أقواماً ، ويتصدون به آخرين ، من ذوي الألقاب الضخمة هنا وهناك ؟

ثم تلقاها عنهم دعاة : " وحدة الوجود " و " الاتحاد " و " الحلول " وغيرهم من المنتسبين إلى الإسلام من ملاحدة المتصوفة في مصر ، والشام ، وأرض فارس ، وأقاليم العجم ، ومن غلاة الرافضة وهي من مواريثهم عن التتر ، وغيرهم حتى بلغ الحال أن بعض هؤلاء الملاحدة يجيزون التهود ، والتنصر ، بل فيهم من يرجح دين اليهود والنصارى على دين الإسلام .. وهذا فاشٍ فيمن غلبت عليهم الفلسفة منهم ، ثم انتقلوا إلى أن أفضل الخلق عندهم هو : " المحقق " وهو : الداعي إلى الحلول ، والاتحاد . وقد كشفهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في مواضع من كتبه (3) .

وقد قُمِعَت هذه الدعوة الكفرية بمواجهة علماء الإسلام لها ، والمناداة عليها ، وعلى منتحليها ، بأنها كفر وردة عن الإسلام .

وكان لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - مواقف إسلامية مشهورة خالدة ، ولغيره من علماء المسلمين الذين ردوا على هؤلاء الغلاة، مثل الحلاج : الحسين بن منصور الفارسي ، المقتول على الردة 309 (4) ، وابن عربي محمد بن علي الطائي ، قدوة السوء للقائلين بوحدة الوجود ، في كتابه : الفصوص ، المتوفى سنة 638 ، وابن سبعين . ت سنة 699 ، وغيرهم كثير (5) .

3- مرحلة الدعوة إليها في النصف الأول من القرن الرابع عشر :

وقد خمدت حيناً من الدهر محتجرة في صدر قائليها ، المظهرين للإسلام ، المبطنين للكفر والإلحاد ، حتى تبنتها " الماسونية " (6) وهي : " منظمة يهودية للسيطرة على العالم ، ونشر الإلحاد والإباحية " . تحت غطاء الدعوة إلى وحدة الأديان الثلاثة ، ونبذ التعصب بجامع الإيمان بالله ، فكلهم مؤمنون . وقد وقع في حبال دعوتهم : جمال الدين بن صَفدَر الأفغاني ، ت سنة 1314 بتركيا (7) وتلميذه الشيخ محمد عبده بن حسن التركماني . ت سنة 1323 بالإسكندرية (8) .

وكان من جهود محمد عبده ، في ذلك ، أن ألف هو ، وزعيم الطائفة ميرزا باقر الإيراني ، الذي تنصر ، ثم عاد إلى الإسلام ، ومعهم ممثل جمال الأفغاني ، وعدد من رجال الفكر في : " بيروت " ألفوا فيه جمعية باسم : " جمعية التأليف والتقريب " موضوعها التقريب بين الأديان الثلاثة . وقد دخل في هذه الجمعية بعض الإيرانيين ، وبعض الإنجليز ، واليهود ، كما تراه مفصلاً في كتاب : " تاريخ الأستاذ الإمام : 1 / 817 - 829 " تأليف محمد رشيد رضا . المتوفى سنة 1354 .

ومن جهود محمد عبده في ذلك ، مراسلات بينه ، وبين بعض القساوسة ، كما في كتاب : " الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده : 2 / 363 - 368 " جمع محمد عمارة .

وقد جالت مطارحات في هذه النظرية ، بين عدد من المؤيدين ، والمعارضين ، بين محمد عبده ، ومحمد حسين هيكل ، والطبيب حسن الهراوي ، وعبد الجواد الشرقاوي ، وذلك في مجلة : " السياسة الأسبوعية بمصر " في الأعداد / 2821 لشهر صفر عام 1351 ، وما بعده .

وفي : " صحيفة الهلال " في الأعداد / 484 ، 485 لعام 1357 ، 1358 ، مقالات بعنوان : " هل يمكن توحيد الإسلام والمسيحية ؟ " بين كل من / محمد فريد وجدي ، ومحمد عرفة ، وعبد الله الفيشاوي الغزي ، وبين القساوسة ، وكان الحوار ، وكانت المراسلات جارية في هذه المقالات في الجواب على هذا السؤال : هل يمكن التوحيد بين الإسلام والمسيحية من جهة الأسلوب الروحي فقط ، أو من جهة الأمور المادية ، وكان النصراني إبراهيم لوقا يستصعب توحيد الإسلام والمسيحية في كلا الأمرين جميعاً ، ولكنه استسهل الجمع بين المسلمين والنصارى في مصالح الوطن ، ثم قال :

" لا سبيل إلى الوحدة الكاملة إلا بأن تعتنق إحداهما مبادئ الأخرى ، فإما إيمان بلاهوت المسيح ، وتجسده ، وموته ، وقيامه ، فيكون الجميع مسيحيين ، وإما إيمان بالمسيح كواحد من الرسل النبيين ، فيصبح به الجميع مسلمين " .

4- مرحلة الدعوة إليها في العصر الحاضر :

في الربع الخير من القرن الرابع عشر هجري ، وحتى عامنا هذا 1416 . وفي ظل " النظام العالمي الجديد " : جهرت اليهود ، والنصارى ، بالدعوة إلى التجمع الديني بينهم ، وبين المسلمين ، وبعبارة أخرى : " التوحيد بين الموسوية ، والعيسوية ، والمحمدية " باسم :

" الدعوة إلى التقريب بين الأديان ". " التقارب بين الأديان " . ثم باسم : " نبذ التعصب الديني ".

ثم باسم : " الإخاء الديني " وله : فتح مركز بمصر بهذا الاسم (9) .

وباسم : " مجمع الأديان " وله فتح مركز بسيناء مصر بهذا الاسم (10) .

وباسم : " الصداقة الإسلامية المسيحية " .

وباسم : " التضامن الإسلامي المسيحي ضد الشيوعية " .

ثم أخرجت للناس تحت عدة شعارات :

* " وحدة الأديان " . " توحيد الأديان " . " توحيد الأديان الثلاثة " . " الإبراهيمية " . " الملة الإبراهيمية " . " الوحدة الإبراهيمية " . " وحدة الدين الإلهي " . " المؤمنون " . " المؤمنون متحدون " . " الناس متحدون " . الديانة العالمية " . " التعايش بين الأديان " . " المِلّيُون " . " العالمية وتوحيد الأديان " (11) .

ثم لحقها شعار آخر ، هو " وحدة الكتب السماوية " . ثم امتد أثر هذا الشعار إلى فكرة طبع : " القرآن الكريم ، والتوراة ، والإنجيل " في غلاف واحد .

ثم دخلت هذه الدعوة في : " الحياة التعبدية العملية " (12) ؛ إذ دعا " البابا " إلى إقامة صلاة مشتركة من ممثلي الأديان الثلاثة : الإسلاميين والكتابيين ، وذلك بقرية : " أسِيس " في : " إيطاليا " . فأقيمت فيها بتاريخ : 27 / 10 / 1986 م .

ثم تكرر هذا الحدث مرات أخرى باسم : " صلاة روح القدس (13) .

ففي : " اليابان " على قمة جبل : " كيتو " أقيمت هذه الصلاة المشتركة ، وكان - واحسرتاه - من الحضور ممثل لبعض المؤسسات الإسلامية المرموقة .
__________________
اللهم ألحقنا بحبيبنا نبى الرحمه صلى الله عليه وسلم وارزقنا قفوا آثاره واتباع سنته ,,,,

هذا وأصل بلية الاسلام ** تأويل ذي التحريف والبطلان

وهو الذي فرق السبعين ** بل زادت ثلاثا قول ذي البرهان