عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 22-06-2004, 02:54 PM
اش بك ياشيخ اش بك ياشيخ غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: الكويت بلاد العرب
المشاركات: 899
إفتراضي أيهما أخطر الفساد في العقيدة أم الفساد في الأخلاق ؟

وقبل أن نجيب عليه ، ننبه إلى قضية في غاية الأهمية ، وهي أنه يجب أن نضع المعاني الشرعية في قوالبها الشرعية وهي الألفاظ التي نزل بها الوحي ، لكي نضبط دلالاتها فأحكامها ضبطا شرعيا صحيحا ، وأما المصطلحات الحادثة فلا نبحثها إلا بعد تحرير معانيها في إطار الألفاظ الشرعية ومعانيها الشرعية ، لئلا يزيغ بنا الفهم ، وكم زاغ الفهم بسبب الغفلة عن هذه القاعدة .
-------
ثم نقول : ـ

أولا العقيدة ليست من ألفاظ الكتاب والسنة ، بل الإيمان هو اللفظ الذي نزل به الوحي ، والفرق بينهما أن الإيمان هو الاعتقاد المقتضي للإنقياد ، وليس الاعتقاد المجرد ، فالله تعالى إنما أمر باعتقاد الجنان مع انقياد القلب والجوارح ، وهو الإيمان ، وإلا فالاعتقاد المجرد بوجود الله واستحقاقه للربوبية والألوهية قد يكون مع الكفر ، بل مع أعظم الكفر ، فابليس وفرعون رمزا الكفر الشيطاني الجني والإنساني ، كانا مقرين بوجود الرب واستحقاقه للربوبية والعبودية ، لكنهما أبيا الإنقياد لذلك بالقلب والجوارح ، استكبارا وجحودا وعنادا ، وقد يكون ترك الإنقياداتباعا للهوى وإيثار الحياة الدنيا ، فيكون كفرا أيضــــا .
------
ثانيا : لفظ الأخلاق في دلالته الشرعية العامة، اسم يشمل كل الدين ، كما قال تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ـ أي على دين عظيم كما قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان خلقه القرآن ) ـ
-------
وإنما يشمل كل الدين ، لأنه كما قال العلما ء: عبادة الله تعالى إنما هي شكر المنعم ، والشكر خلق عظيم ، وكما قالوا : الدين نصفه صبر ونصفه شكر ، صبر على الطاعات ، وعن المعاصي ، وعلى القضاء والقدر ، وشكر على نعم الله بمقابلتها بالعبادة ، والصبر والشكر خلقان عظيمان
كما أن ترك الكبائر إنما هو تخلق بالأخلاق الحميدة ، فترك القتل ، تخلق بخلق العدل والرحمة ، وترك الزنا تخلق بخلق العفة ، وترك الربا تخلق بخلق الإحسان ، وترك التولي يوم الزحف تخلق بخلق الشجاعة وهكذا فالإنسان أصلا لاينطوي قلبه على عمل ولا تنقاد جوارحه لشيء ، إلا في قالب أخلاقه التي يتخلق بها، وهي الباعث على ذلك كله .
-------
وبهذا يعلم أن معاني لفظ الإيمان ، ومعاني لفظ الأخلاق متداخلان أصلا ، فعندما نقول لإنسان مثلا : تخلق بأخلاق الإسلام فيشمل أمرنا هذا ، كل الدين ، الإيمان بالله وتوحيده والصلاة والصيام والزكاة والحج وترك الكبائر والإحسان إلى الخلق ، وبر الوالدين وصلة الأرحام.. إلخ
---------
وحينئذ فلا يقال الفساد في العقيدة أخطر من الفساد في الأخلاق بإطلاق .
----------------
ذلك أن مطلق هذا القول إن قصد أن العقيدة هي ما انطوى عليه القلب من التصورات ، والأخلاق هي فساد السلوك والتعامل الإنساني : يستدرك عليه أن الخطأ في العقيدة ، ربما يكون في فروعها، أو قد يكون في مسائل اجتهادية ، والخطيئة في الأخلاق ربما كانت من السبع الموبقات ، وما سميت سبع موبقات إلا لأنها تغمس صاحبها في النار ، وهل الفرار إلا من هذه ، وهل أرسل الله الرسل إلا لإنقاذ الناس من النار عافنا الله تعالى منها
--------------
ولهذا فالصحيح أن يقال أن الفساد في الكليات التي هي ( أم الكتاب ) ـ سواء في العلــم والعمل ، اشد فتكا، وأعظم خطــرا من الفساد في الجزيئات ، فالزنا والربا أشد جرما وفتكا في الفرد والمجتمع من بدعة تفضيل عليّ على عثمان رضي الله عنهما مثلا .
----------
وترك الصلاة أعظم جرما من إنكار خروج المهدي عليه السلام .
------
ولكن ـ على سبيل المثال ـ زندقة رد تحكيم الوحي في كل شيء لمعارضته للعقل أو اتباعا لأقوال الرجال أو وساوس الصوفية ، أو القوانين الوضعية ، أو القول بأن بعض العباد يجوز لهم الخروج عن الشريعة المحمدية ، أو أن نصوص الكتاب والسنة لاتفيد اليقين مطلقا ، ونحو ذلك من البدع العقائدية الزنديقية ، هــي أشد جرما من القتل والزنا وشرب الخمر وأكل الربا وكبائر الذنوب ، وهذه امثلة عليها يقاس ، وبهذا يزول الإلتباس والله أعلم

منقول عن الشيخ حامد بن عبدالله العلى
__________________
يدنو فيرحب بي سم الخياط كما** يضيق بي حين ينأى السهل والجبل