عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 22-06-2006, 04:28 AM
*سهيل*اليماني* *سهيل*اليماني* غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,467
إفتراضي

ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا فانحروا ثم احلقوا فوالله ما قام منهم رجل واحد حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة يا رسول الله أتحب ذلك ؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما ..

ثم رجع إلى المدينة وفي مرجعه أنزل الله عليه ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا ) ..

فقال عمر أوفتح هو يا رسول الله ؟ قال نعم فقال الصحابة هنيئا لك يا رسول الله فما لنا ؟ فأنزل الله عز وجل ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ) ..

فلما وصل إلى المدينة جاءه أبو بصير رجل من قريش مسلما فأرسلوا في طلبه رجلين وقالوا : العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله إني لأرى سيفك هذا جيدا فاستله الآخر فقال أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد وفر الآخر يعدو حتى بلغ المدينة فدخل المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه " لقد رأى هذا ذعرا " فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير فقال يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد " فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فلا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله لا يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن فأنزل الله عز وجل ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ) ..


انتهت اهم احداث تلك القضية .. وتعلم المسلمون منها الكثير من الدروس والمواعظ .. واتضح لكثير من العلماء العديد من الفوائد .. فدعونا نبين بعض مايستفاد منها .. حسب ما اقره الكثير من اهل العلم ..

تفرغ المسلمون بعدها لمحاربة اليهود في خيبر , وكذلك وصلت الدعوة في زمن الهدنه الى كثير من البلدان المجاوره .. وأمنت المسلمون شر قريش ..

وأرهبت قوة جيش المسلمين قريشا عندما استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ان يباغتهم وعلى رأسهم خالد بن الوليد ..

كما انها دلت على ضرورة الاحتياط واخذ الحذر والحرص على السلامة بتغيير اتجاهه واتباعه مسلكا وطريقا وعر .. واقراره صلى الله عليه وسلم لصلاة الخوف . للحرص على حياة المسلمين

وكذلك بينت أنه لابأس بالاستعانة بالمشرك المأمون في الجهاد عند الحاجة . وفيه من المصلحة أنه أقرب إلى اختلاطه بالعدو وأخذه أخبارهم

وكذلك في قصة الحليس بن علقمة نجح عليه الصلاة والسلام في زعزعة صف العدو .. وتفكيك قوته ..


قال ابن القيم : ومن الفوائد في صلح الحديبية أن المشركين وأهل البدع والفجور والبغاة والظلمة إذا طلبوا أمراً يعظمون فيه حرمةً من حرمات الله ـ تعالى ـ أجيبوا إليه وأُعطوه وأعينوا عليه، وإن منعوا غيره، فيُعانون على ما فيه تعظيم حرمات الله لا على كفرهم وبغيهم، ويُمنعون مما سوى ذلك؛ فكل من التمس المعاونة على محبوبٍ لله ـ تعالى ـ مُرْضٍ له أجيب إلى ذلك كائناً من كان ما لم يترتب على ذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه، وهذا من أدق المواضع وأصعبها وأشقها على النفوس ..وكذلك .. أن مصالحة المشركين ببعض ما فيه ضيم على المسلمين جائزة للمصلحة الراجحة، ودفع ما هو شرٌّ منه، ففيه دفعُ أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما ..

وهكذا يكون الفقه في التنازلات تحقيق المصلحة الكبرى، وإن وقع مفسدة أقل ...

ولقد جاءته نساء مؤمنات منهن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط فجاء أهلها يسألونها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشرط الذي كان بينهم فلم يرجعها إليهم . وقيل لم يقع الشرط إلا على الرجال خاصة وأراد المشركون أن يعمموه في الصنفين فأبى الله ذلك ..

قال ابن هشام: «والدليل على قول الزهري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى الحديبية في ألف وأربعمائة ـ في قول جابر ـ ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف»


قال ابن القيم: «ومن حكم الصلح أن هذه الهدنة كانت من أعظم الفتوح؛ فإن الناس أمن بعضهم بعضاً، واختلط المسلمون بالكفار وبادؤوهم بالدعوة، وأسمعوهم القرآن، وناظروهم على الإسلام جهرة آمنين، وظهر من كان مختلطاً بالإسلام ..


كذلك .. انه لا ينبغي لاحد ان يغتر بقوته .. أويستهين بضعف غيره ايضا ..
(أبي سفيان) الذي هُرع إلى المدينة يستعطف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في استقدام أبي بصير والمؤمنين معه والغاء هذا الشرط ؛ حيث ألحقوا بتجارة قريش الأذى، وهزّوا اقتصادها، وأخافوا أتباعها...

كما دلت قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؟؟ على أهمية طاعة الله ورسوله والانقياد للشـــرع وإن خالف الهــوى. قال العلمـاء: لا يخفى ما في هذه القصة من وجوب طاعته والانقياد لأمره ولو خالف ظاهر ذلك مقتضى القياس، أو كرهته النفوس، فيجب على كل مكلفٍ أن يعتقد أن الخير فيما أمر به، وأنه عين الصلاح المتضمن لسعادة الدنيا والآخرة، وأنه جارٍ على أتم الوجوه وأكملها؛ غير أن أكثر العقول قصرت عن إدراك غايته وعاقبة أمره

كما أثنى الله سبحانه وتعالى على المؤمنين الذين بايعوا تحت الشجرة (يوم الحديبية) وسميت بيعتهم (بيعة الرضوان)( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْـمُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ )

وكان الصحابة الذين شهدوها يعدونها (فتحاً)؛ ففي صحيح البخاري من حديث البراء ـ رضي الله عنه ـ قال: (تعدُّون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعدُّ الفتح (بيعة الرضوان) يوم الحديبية)

فلما أقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- راجعاً، فقال رجل من أصحابه، ما هذا بفتح؛ لقد صدونا عن البيت وصُدَّ هَدْيُنا، وردّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلين من المؤمنين كانا خرجا إليه، فبلغه ذلك -صلى الله عليه وسلم- فقال: بئس الكلام، بل هو (أعظم الفتوح) قد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألونكم القضية، ويرغبون إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا، وأظفركم الله عليهم، وردكم سالمين مأجورين؛ فهو (أعظم الفتوح) ..
أنسيتم يوم (أُحُد) إذ تُصعِدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أُخراكم؟
أنسيتم يوم الأحزاب؛ إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون؟
فقال المسلمون: صدق الله ورسوله هو (أعظم الفتوح) والله! يا نبي الله!
ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولأنت أعلم بالله وبأمره منا.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: ومن فوائد صلح الحديبية أن المُعاهَدين إذا عاهدوا الإمام فخرجت منهم طائفة فحاربتهم وغنمت أموالهم، ولم يتحيزوا إلى الإمام، لم يجب على الإمام دفعهم عنهم، ومنعهم منهم وسواءٌ دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه أو لم يدخلوا، والعهد الذي كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم، وعلى هذا فإذا كان بين بعض ملوك المسلمين وبعض أهل الذمة من النصارى وغيرهم عهدٌ جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزوهم، ويغنم أموالهم إذا لم يكن بينه وبينهم عهد، كما أفتى شيخ الإسلام في نصارى مَلَطْية وسبيهم مستدلاً بقصة أبي بصير مع المشركين ..

يقول الله تعالى ... ( قل ماكنت بدعا من الرسل وما أدري مايفعل بي ولابكم ) ... فهل احد يعرف الغيب غير الله اذن .. ان كان رسوله عليه الصلاة والسلام لايعلم ذلك كما بينته الاية الكريمة السابقة ..

افلا نتقي الله اخوتي واخواتي واحبتي .. ونخافه في تكفير وتفجير وتخريج وتهويد اخواننا المسلمين .. فلنتفكر قليلا ولنتدارك انفسنا قبل فوات الاوان .. ولنحكم عقولنا وقت الازمات .. فان يد الله مع الجماعة .. ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) ... ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شئ قدرا ) ..


واستغفر الله لي ولوالدي ولكم ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين .. وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا ...