عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 08-04-2005, 08:19 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
Post بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله.

من الدلالات العلمية للنص الكريم

يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ عن الشراب المختلف الألوان الذي يخرجه بقدرته من بطون الشغالات من إناث النحل ما نصه‏:‏
‏...‏ فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون
‏(‏النحل‏:69).‏


أولا‏:‏ الشفاء بين الاطلاق والتقييد



اعتبر غالبية المفسرين أن المقصود بهذا الشراب هو عسل النحل‏,‏ علما بأن ذكر الشراب مطلقا يشمل كل ما يخرج من بطون الشغالات ومنه العسل‏,‏ والغذاء الملكي‏,‏ وسم النحل‏,‏ وخبز النحل‏,‏ وشمع النحل‏,‏ وصموغ النحل وغراؤه‏,‏ والتي جمعها القرآن الكريم في كلمة واحدة هي‏(‏ شراب‏).‏ واختلف المفسرون بين تعميم الشفاء بهذا الشراب‏,‏ وتخصيصه‏,‏ فالمعممون أطلقوا الشفاء به لجميع الأمراض استنادا إلي أن لفظة‏(‏ شفاء‏)‏ بمشتقاتها جاءت ست مرات في القرآن الكريم بيانها كما يلي‏:‏
‏(1)‏ جاءت نسبة الشفاء إلي الله‏(‏ تعالي‏)‏ في قول نبي الله إبراهيم‏(‏ عليه السلام‏):‏
وإذا مرضت فهو يشفين
‏(‏ الشعراء‏:80).‏

‏(2)‏ في ثلاث آيات متفرقات ينسب ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ الشفاء للقرآن الكريم وذلك بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
‏*‏ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدي ورحمة للمؤمنين
‏(‏يونس‏:57).‏

‏*‏ وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولايزيد الظالمين إلا خسارا
‏(‏ الإسراء‏:82).‏

‏*‏ ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدي وشفاء والذين لايؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمي أولئك ينادون من مكان بعيد
‏(‏فصلت‏:44).‏

‏(3)‏ وفي آية خامسة يشير القرآن الكريم إلي الشفاء المعنوي لما في الصدور‏,‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين
‏(‏ التوبة‏:14).‏

‏(4)‏ والآية السادسة هي الآية الوحيدة في القرآن الكريم التي ربط فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ الشفاء بأمر مادي من أمور الدنيا وهو ذلك الشراب المختلف الألوان الذي يخرجه ـ بطلاقة قدرته ـ من بطون الشغالات من إناث النحل فقال‏(‏ عز من قائل‏):‏
وأوحي ربك إلي النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون‏.‏ ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون
‏(‏النحل‏:69,68).‏

وانطلاقا من ذلك اندفع بعض المفسرين وبعض المشتغلين بعلوم النحل وإفرازاته في فهم دلالة هذه الآية الكريمة‏(‏ رقم‏69‏ من سورة النحل‏)‏ إلي أن هذا الشراب المختلف الألوان هو علاج شامل لجميع الأمراض التي يتعرض لها الانسان‏,‏ وأن الله‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ قد جعل فيه عمومية الشفاء‏,‏ واستندوا في ذلك إلي عدد من أحاديث رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ من مثل أقواله الشريفة التي جاء فيها‏:‏
‏*‏ عليكم بالشفاءين العسل والقرآن
‏(‏رواه ابن ماجه مرفوعا‏).‏

‏*‏ إن كان في شيء من أدويتكم خير‏(‏ أو أن يكون في شيء من أدويتكم خير‏)‏ ففي شرطة محجم‏,‏ أو شربة عسل‏,‏ أو لذغة بنار توافق الداء‏,‏ وما أحب أن أكتوي‏.(‏ رواه البخاري‏).‏
‏*‏ الشفاء في ثلاثة‏:‏ في شرطة محجم‏,‏ أو شربة عسل‏,‏ أو كية بنار وأنهي أمتي عن الكي‏(‏ رواه كل من البخاري ومسلم‏).‏

وبرروا ذلك الفهم أيضا بورود لفظة‏(‏ شفاء‏)‏ نكرة غير معرفة في سياق الامتنان لتؤكد أن عسل النحل شفاء من كل داء‏,‏ وبرروا وصف رسول الله صلي الله عليه وسلم لبعض العلاجات الأخري بأنها بدائل في حال غيبة عسل النحل أو عدم توفره‏.‏
وذهب البعض الآخر من المفسرين وعدد من المشتغلين بعلوم النحل وإفرازاته إلي أنه نظرا لتباين الأمراض‏,‏ والأفراد‏,‏ والظروف‏,‏ والاختلافات بين أعسال النحل في صفاتها الطبيعية والكيميائية باختلاف نوع النحل‏,‏ ومصادر طعامه‏,‏ والظروف البيئية التي ينبت فيها هذا الطعام فإن كل خلية نحل تتميز بعسل خاص بها‏,‏ ويندر التشابه بين العسل المجموع من خليتين مختلفتين تشابها كاملا‏.‏

وانطلاقا من ذلك وصل هؤلاء إلي أن الآية‏(‏ رقم‏69‏ من سورة النحل‏)‏ قد ساقها الله‏(‏ تعالي‏)‏ في سياق التفكر والاعتبار‏,‏ قبل أن تكون للامتنان‏,‏ وأن النكرة في هذا السياق ليست قطعية في دلالتها علي العموم‏,‏ خاصة أن القرائن تدل علي التخصيص‏,‏ وأن هناك ارشادات نبوية شريفة للتداوي بغير عسل النحل من مثل التداوي بالحبة السوداء‏,‏ أو بالحجامة‏,‏ ويدعم ذلك رد رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ علي نفر من الأعراب حين سألوه‏:‏ يارسول الله أنتداوي؟ فقال‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ نعم يا عباد الله تداووا‏,‏ فإن الله عز وجل لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء‏,‏ علمه من علمه‏,‏ وجهله من جهله‏.‏
وقوله‏(‏ عليه الصلاة والسلام‏):‏ لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برئ بإذن الله عز وجل‏.‏

من هنا كان الاستنتاج المنطقي أنه لايلزم أن يكون العسل علاجا لكل داء‏,‏ علي الرغم من أن الدراسات المختبرية قد أثبتت أن الشراب المستخرج من بطون شغالات النحل له فوائد علاجية عديدة‏,‏ وأنه منظم لطبيعة الجسم البشري‏,‏ وأن الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد أعطاه القدرة علي إعادة هذا الجسد إلي توازنه الفطري كلما اختل هذا التوازن بالمرض أو بغيره‏,‏ خاصة إذا وجد الإيمان بذلك انطلاقا من اليقين الجازم في كتاب الله‏,‏ والتصديق الكامل بسنة خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏


يتبع بإذن الله..
الرد مع إقتباس