عرض مشاركة مفردة
  #36  
قديم 27-08-2005, 11:12 AM
noureddinekh noureddinekh غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
الإقامة: europe
المشاركات: 855
إفتراضي

من أجل مصالحة جزائرية حقيقية



· الشيخ الدكتور عباسي مدني



بسم الله الرحمن الرحيم



قال تعالى "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون" الحجرات10



تعرف الجزائر بحمد الله تعالى مرحلة حتمية الحل العادل الشامل المناسب لمستوى نضج القضية الجزائرية وتطورات أحوال العالم؛ حيث أن الأزمة آلت الى نقيضها مما يلزم الجزائريين بالمصالحة الوطنية لفض النزاع نهائيا على أساس العدل الذي لا جور فيه، لتحقيق التراضي الذي لا إكراه فيه. آن الأوان لوضع نهاية لمأساة الشعب؛ خاصة وقد صارت الأزمة ذاتها تعمل على نهايتها، وأمسى الداعي لها غير قادر على ضمان استمرارها، وحانت ساعة الفرج واليسر بحول الله وقوته. قال تعالى: " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" الانشراح 5،6.



وإذا كانت المصالحة الوطنية نقلة نوعية ومصالحة مع الذات فإنه لا بد من الاجراءات التي يتطلبها المبدأ حتى يمتنع التناقض ،وهي:



1) إصدار العفو الشامل الذي لا يترك أي مظلمة، ولا غبن تعسفيا في جزائر المصالحة الوطنية الجادة. لأنه إجراء عملي لا بد منه لفتح صفحة جديدة، لعهد جديد، تلغى فيه كل المظالم ابتداءا. وهو المخرج السياسي من هذه الأزمة، الذي يدل على جدية الدعوة الى المصالحة الوطنية، به يُطلق سراح المساجين، ويُوقف متابعة المتهمين، ويُسمح بعودة المطلوبين سالمين. علما أنه لا يعقل الحديث الجاد عن المصالحة الوطنية ويبقى المعتقلون مسجونين والمطاردون متابعين والمفقودون مجهولي الوضعية دون فك لعقد إشكاليتهم وتسوية وضعية ذويهم، وترك المشردين يصارعون مآسيهم في غربة مفروضة عليهم!!

فالمطلوب هو وضع حد لمعاناة الشعب، وإزالة كل المآسي التى تطال الجزائريين في بلادهم وخارجها. بل المطلوب أن يشمل العفو الشامل حتى مخلفات الحقبة الاستعمارية.



2) إعادة القرارإلى يد السياسي المنتخب وفق الطرق العصرية الديمقراطية الحقة، لتتولى المؤسسة العسكرية وظيفتها الدستورية المشروعة ، والمنصوص عليها في قرارات مؤتمر الصومام والتي سارت عليه الثورة إلى نهايتها.ولذلك فإننا نثمن مسعى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الإجراءات الأخيرة لإصلاح المؤسسة العسكرية .



3) رفع حالة الطوارئ لإفساح المجال للحريات التى قدم الشعب الجزائري من أجل استرجاعها التضحيات العظيمة بسخاء ولإعادة روح الثقة والأمان.



4) التكفل بضحايا المأساة الوطنية دون تمييز أو انتقاء من طرف الدولة والمجتمع وضرورة مراعاة العدل والقسط.



وننبه أنه إذا كان المكسب عظيما فإن جودة توظيفه أعظم. وحتى لا تضيع هذه الفرصة المصيرية الغالية بالنسبة لجزائر اليوم والغد هناك محاذير لا بد من أخذها بعين الاعتبار فــــ :

أ) عليك أيها الشعب الجزائري ألا تغفل هذه المرة فيقع الذي حصل بعد استفتاء 5 جويلية 1962 عند انتهاء حرب التحرير وعودة السيادة، حين تركت زمام الأمر لغير أهله. قال عليه الصلاة والسلام : ((إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)). رواه البخاري



ب) نحذر من افتعال حلول مزيفة تقوم على إقصاء طرف من الأطراف الوجودية الحقيقية فتنتكس المصالحة الوطنية لاقدر الله.



ج) نحذر من شخصنة المسعى التغييري حتى لا تتعرض الفرصة إلى الانحراف أو الاجهاض، حيث كانت المسؤولية الجماعية من أهم ما تحلى به رواد الثورة التحريرية وسارت عليه إلى النهاية.



د) نحذر من ربط إشكالية اللا عقاب بالمصالحة الوطنية فهذا تعسف لا مبرر له منطقيا واجرائيا؛ والتاريخ بيَّن لنا كيف أن الأزمات المتعفنة لا تنتهي إلا بالحلول السياسية الجادة المشروعة.



هـ) نحذر من الوقوع في مصيدة الكائدين الذين يتخذون من قضية المختطفين والمفقودين ذريعة لسد طريق المصالحة الوطنية المصيرية ، دون أن نجحف في حق المتضررين بل نلح على ضرورة مساعدتهم و رفع المعاناة عنهم .



إن المصالحة الوطنية مشروع مصيري يحتاج إلى مساهمة الجزائريين كل الجزائريين؛ ولذلك فإننا ندعوك أيها الشعب للتعاون مع أخينا الرئيس بوتفليقة ما دام ماضيا في طريق إخراج البلاد مما هي فيه، في إطار المصالحة الوطنية الحقيقة مبدئيا وإجرائيا دون تعارض.



أيها الشعب الجزائري المسلم الأبي،

آن الأوان اليوم أن تفتح عينك على المستقبل كي تتعاون على بناء بلادك، آن أوان القلم، آن أوان العبقرية البناءة، آن أوان دولة الرشد، آن أوان الحكمة.



آن الأوان لك، بنصر الله وبعونه وبفضل الله وتوفيقه، وبما قدمت من تضحية وجهد وصبر، أن تحقق الأمن والاستقرار والتطور والإزدهار، بالتعاون والتآخي وبالتسامح والتراضي .



قال جل جلاله:"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا". آل عمران 103





هذه كلمتي من على وسادة فراش العلاج أرسلها لك يا شعبنا الكريم كوصية لك قد تكون هي الأخيرة .والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الشيخ عباسي مدني



يوم الإثنين 8 ربيع الثاني 1426 هـ ، الموافق لـ 16 ماي 2005 م