عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 01-03-2001, 03:07 PM
المؤيد الأشعري المؤيد الأشعري غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 226
Post

بسم الله وبه نستعين

وبعد

نشرع في الإجابة وهي:
( أولاً ) : لا بُدَّ أن نبيِّن بأنَّ هناك طائفتين من الناس نقلوا الإسرائيليات أو التوراة المحرَّفة أو ما يسمى بالكتب القديمة لهذه الأمة !! لنبين بطلان تلك الأفكار المنقولة من تلك المصادر وما يتعلّق بهذه القضية .

( وثانياً ) : مناقشة أدلة الذين أجازوا رواية الإسرائيليات ، ومن أهم تلك الأدلة الحديث الذي فيه : (( حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج )) ونحوه وما يتعلّق بهذا .

أما القضية الأولى:
----------------
فهناك نوعان من الناس رووا الإسرائيليات ،
( النـــوع الأول ) : الذين أسلموا من أهل الكتاب ، مثل : عبدالله بن سلام ، وكعـب الأحبار ، ووهب بن منبه ، ونوف البكالي ابن امرأة كعب الأحبار .

( والنوع الثاني من الناس ) : هم المسلمون وعلى رأسهم بعض صغار الصحابة أمثال عبدالله بن عمرو بن العاص الذي رجع من غزوة تبوك ومعه زاملتان ( أي راحلتان ) من كتب أهل الكتاب فكان يروي للناس منهما --وهذا سوف نتطرق إليه بعد قليل--

فأما من أسلم من أهل الكتاب : مثل كعب وابن سلام فنقول لهما ولأمثالهما : لـمَّا تركتما الدين الذي كنتما تعتقدانه أولاً وتدينان به وهو اليهودية ودخلتما في الإسلام ، كان هذا الأمر منكما يعني : أنكما اعترفتما أنَّ الدين الذي كنتما عليه دين باطل محرَّف وليس هو الدين الصحيح الذي حُفِظَ كتابه من التبديل والتحريف ، فتركتما الدين القديم الباطل ودخلتما في الدين الصحيح المقبول عند الله تعالى في الآخرة وهو الإسلام تحقيقاً لقوله تعالى { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسريـن } آل عمران : 85 .

وقوله تعالى : { وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين } البقرة : 135 . إلى غير ذلك من الآيات المثبتة لهذه الفكرة المقررة في كتاب الله تعالى .

فإذا كان ما خرجتما منه هو الدين الباطل المحرَّف وما دخلتما فيه هو الحق الصحيح المحفوظ ، فالواجب عليكما الذي يقتضيه إسلامكما هو الإعراض عن أفكار وكتب ونصوص الدين القديم والإقبال على نصوص دين الحق الجديد القرآن الكريم والسنة النبويــة المطهرة ، فلماذا بقيتم عاكفين على نصوص الدين القديم تنشرونها وتحكونها للناس وتبثونها في الأمة ؟ حتى آل بثها إلى أن تدخل وتتخلل في الأحاديث والتفاسير كما هو ملموس ومشاهد ؟!

فبدل أن يقول كعب الأحبار قال الله تعالى في القرآن الكريم نراه يقول : قرأتُ في التوراة كذا وكذا !! ونراه يفسِّر القرآن بأفكار إسرائيلية ( أي يهودية ) يردّها كثيراً أهل العلم فيقولون : هذا الحديث من الإسرائيليات !! أو هذا التفسير خطأ وهو من الإسرائيليات !! ونحو ذلك !! ومن ذلك أمور مستشنعات جداً أتى بها هؤلاء القوم وخاصة فيما يتعلَّق بصفات الله تعالى ونعوته جلَّ جلاله !!

ولا بدَّ من ضرب الأمثلة على ذلك !! حتى نتبيَّن كيف أنهم كانوا يأتون بالأفكار اليهودية المستشنعة في المفهوم الإسلامي المخالفة لما هو مقرر في الكتاب والسنة والمفاهيم والأفكار المقررة فيهما فيمزجونها بالتفاسير ويبثونها في فكر الأمة المحمدية !!

وإليك الأمثلة :
نوف البكالي : وهو ابن امرأة كعب الأحبار : ثبت في صحيح البخاري (122) في كتاب العلم في قصة سيدنا الخضر عليه السلام : (( عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إنَّ نوفاً البكالي يزعم أنَّ موسى ليس موسى بني إسرائيل إنما هو موسى آخــر !! فقال : كذب عدو الله .... )) (!!)

قال الحافظ في شرحه هناك (1/219) : (( قلت : ويجوز أن يكون ابن عباس أتَّهم نوفاً في صحة إسلامه )) .

فالسؤال هنا : لماذا أعرض نوف البَكَالي الذي دخل من اليهودية إلى الإسلام عن نصوص الكتاب والسنة الصريحة المقررة أنَّ الذي حدثت قصة سيدنا الخضر معه هو سيدنا موسى المعروف الذي لا نعرف أحداً من الأنبياء غيره يطلق عليه موسى عليه السلام ؟!

ولماذا أخذ بالإسرائيليات القائلة بأنَّ موسى هو موسى آخر وليس نبي بني إسرائيل المعروف عليه السلام ؟!

الجواب : لينزّهوا سيدنا موسى عن الاستفادة من سيدنا الخضر ، وليبينوا بأنَّ سيدنا موسى نبيهم عليه السلام أعلى مرتبة من أن يتعلَّم من الخضر عليه السلام !!

فلا بدَّ للمسلم الحريص على دينه أن يفكّر في هذه المسألة جيداً ، وكذا في مثل هذا المثال متجرّداً عن التأثيرات الجانبية ، لأنَّ غايتنا وقصدنا هو الوصول للحق والتمسك بالقرآن والسنة لا الحيد عنهما تعاطفاً مع فلان أو فلان !! أو تحسين الظن بفلان وفلان حتى يؤدي ذلك إلى إدخال كوارث وأفكار باطلة إلى هذه الشريعة الغراء !!

كعب الأحبار : ثبت في صحيح البخاري (13/333) عن معاوية وكان يحدّث رهطاً من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال : ( إن كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب ، وإن كنَّـا مع ذلك لنبلوا عليه الكذب ).

من الأقوال من هذه البابة من قول كعب الأحبار التي تثبت أنه يخرط خرطاً بليغاً : مــا رواه النسائي ( في السنن الصغرى برقم 1346) بسنده :
عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه أنَّ كعب ( الأحبار ) حلف له بالله الذي فلق البحر لموسى إنَّا لنجد في التوراة أنَّ داود نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته قال : (( اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي اللهم أعوذ برضاك من سخطك ... )) الحديث !

: والمتأمِّل في هذا النص يعرف أنه كذب من وجهين :
الأول : أنَّ كتاب التوراة نزل على سيدنا موسى وليس على سيدنا داود الذي جاء بعد سيدنا موسى بمئات السنين ، فكيف يقول : كان داود وهو بعد لم يكن ؟! وسيدنا داود نزل عليه الزبور !!

الثاني : هذا الخبر هو من حكايات سير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام !! ومحال أن يقول الله تعالى لنا في كتاب التوراة ماذا كان يدعو سيدنا داود بعد انصرافه من الصلاة لأنَّ هذه الأمور إنما يحكيها صحابة سيدنا داود وأتباعه ولا تكون مسطورة في كتاب منـزل !!

ومثال ذلك أنَّ ما كان يقوله نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عقب صلاته لا يكون مثبتاً في القرآن وإنما يكون في كتب الأحاديث والسير !!
فافهم ولا ينطلينَّ عليك ما يقوله كعب الأحبار !!

وسوف نتطرق لما جاء به كعب الأحبار.

281 ] ما نقله كعب الأحبار من التوراة حيث قال : (( فما من السموات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرحل في أول ما يُرتحل .... )) وقال الذهبي عقبها : (( وذكر كلمة منكرة لا تسوغ لنـا )).

والكلمة الشنيعــة المنكرة التي لا تسوغ هي كما في كتــاب (( العظمة )) في هذه الرواية : (( من ثِقَلِ الجبار تبارك وتعالى فوقهنَّ )) !! وهذه لفظة شنيعة بمرَّة !!

وسيتبيَّن كم من النصوص التي ظنَّها بعض الحفاظ أحاديث نبوية وهي في الحقيقة من نقولات كعب الأحبار من الكتب الإسرائيلية ( اليهودية ) !!

فالسؤال هنا لكعب : لماذا تركت نصوص الكتاب والسنة المنزهة لله تعالى وأتيت بنص إسرائيلي ( يهودي ) فيه إخضاع الله تعالى للجاذبية الأرضية وإثبات ( الثِّقَل ) له جلَّ جلاله وسبحانه عمَّا يصفون؟!!!

لا سيما وقد انغرَّ بهذا النص وبمثله سذج المنتمين إلى الإسلام فذكروه مستحسنين ومستدلين بــه أمثـال ابن القيم في (( اجتماع الجيوش الإسلامية )) ص (164) !!

ولم يحذف ابن القيم من كتابه الكلمة الشنيعة المنكرة التي لا تسوغ بنظر الذهبي !! .

تابعونا نكمل البحث .