عرض مشاركة مفردة
  #25  
قديم 07-10-2003, 12:58 AM
مسلم فاهم مسلم فاهم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
المشاركات: 518
إفتراضي

ومن الشبه التى يطرحها بعض الجهال قولهم في مسألة الملل :

وهل ينسب الملل الى الله عز وجل .

قبل ان نرد هذه الشبهه لابد ان نبين ان الصفات تأتي على ثلاثة اقسام :

1- صفات كمال مطلق وردت مطلقة كصفة العلم المحبة والرحمة .

2- صفات نقص محض ورد نفيها في كتاب الله كنفى النوم والسنة( لاتأخذه سنة ولانوم ) والولادة ( لم يلد ولم يولد ) والنسيان ( وما كان ربك نسيا ) .

الثالث : صفات وردت مقيدة على وجه المقابلة فلايجوز ان تورد الا على وجه المقابلة وهي تكون صفة كمال اذا كانت على وجه المقابلة .

كقوله تعالى ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) فهذه الصفة لايجوز ان تطلق على الله تعالى مفردة فنوقل عن الله انه ( ماكر ) عياذا بالله لكن نقول ( ان من يمكر بالله فان الله يمكر به وهو سبحانه خير الماكرين ) .

لان المكر اذا جاء على جهة المقابلة فهو صفة كمال دال على القدرة التامة .

وهذا يكون حتى عند البشر فان الخدعه صفة مذمومه فالمخادعه تعتبر صفة ذم غير انها في الحرب تكون صفة مدح كما قال عليه الصلاة والسلام ( الحرب خدعة ) اي مكر ودهاء ومخادعة .

فماجاء مقيدا لايورد الا مقيدا .


قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
وتمتنع في الحال التي تكون نقصاً وذلك كالمكر والكيد والخداع (1) ونحوها فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها لأنها حينئذ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد وتكون نقصاً في غير هذه الحال (2) ولهذا لم يذكرها

قالت الاخت الفاضلة : كاملة الكوارى في كتابها الماتع شرح القواعد المثلى :

(1) المكر والكيد والخداع ألفاظ متقاربة ومعناها هو التوصل بالأسباب الخفية إلي الإيقاع بالخصم فيوصل الشر والأذى بالغير خفية وبغته
ولهذا عندما مكر اليهود بعيسى وأرادوا قتله مكر الله بهم وألقى الشبه على من أراد أن يقتله فقُتل ورفع الله عيسى إليه فسلم من مكرهم 0
وكذلك عندما كاد أخوه يوسف له فإن الله كاد ليوسف وخلص منهم أخاه في قصة سواع الملك بطريقة منظمة من السماء فالله أسند الكيد لنفسه وليس هذا ظلماً 0
انظر تفسير الطبري ( 3/289) ، والفتاوى ( 7/111)

وليس مكر الله كمكر المخلوق
انظر تفصيل ابن القيم للمسألة في مختصر الصواعق ص 288

(2) أي إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلماً له وإذا فعلت بمن يستحق العقوبة كانت عدلاً ولهذا قال شيخ الإسلام في الفتاوى (7/11):
وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن كلفظ " المكر " و" الاستهزاء " و" السخرية " المضاف إلى الله وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز وليس كذلك بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلماً له وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله كانت عدلاً ، كـما قـال تعالى : { كذلك كدنا ليوسف ) فكاد له كما كادت أخوته لما قال له أبوه : { لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيداً } وقال تعالى : { انهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً } وقال تعالى : {ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون فأنظر كيف كان عاقبة مكرهم } وقال تعالى : { الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون غلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم } ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلاً يستحق هذا الاسم ا0هـ0
وانظر الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (1/168) 0

الله تعالى من صفاته على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها كقوله تعالى : { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } [ الأنفال : 30] وقوله : { إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً } [ الطارق 15،16] وقوله : { والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين } [ الأعراف : 182-183] وقوله : { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم } [ النساء : 142] وقوله : { قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزيء بهم } (1) [ البقرة : 14،15]



ثم قال الشيخ رحمه الله :

ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه فقال تعالى : { وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم } [ الأنفال : 71] فقـال : { فأمكن منهم } ولم يقل : فخانهم لأن الخيانة خدعة في مقام الائتمان وهي صفة ذم مطلقاً (3)

وقال رحمه الله : إن المكر في محله محمود يدل على قوة الماكر وأنه غالب على خصمه ولذلك لا يوصف الله به على الاطلاق فلا يجوز أن تقول " إن الله ماكر " وإنما تذكر هذه الصفة في مقام ويكون مدحاً مثل قوله تعالى { ويمكرون ويمكر الله } وقوله { ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهو لا يشعرون } ومثل قوله تعالى { أفأمنوا مكر الله } ولا تنفى عنه هذه الصفة على سبيل الإطلاق بل أنها في المقام التي تكون مدحاً يوصف بها ، وفي المقام التي لا تكون مدحاً لا يوصف بها 0
وكذلك لا يسمى الله به فلا يقال : إن من أسماء الله الماكر والمكر من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه 0


بعد ان تقرر هذه القاعدة نأتي لذكر مسألة الملل ان شاء الله
__________________
اللهم ألحقنا بحبيبنا نبى الرحمه صلى الله عليه وسلم وارزقنا قفوا آثاره واتباع سنته ,,,,

هذا وأصل بلية الاسلام ** تأويل ذي التحريف والبطلان

وهو الذي فرق السبعين ** بل زادت ثلاثا قول ذي البرهان