أصداء من الداخل
أأنا على خطأ.. أم هو على صواب؟!
أسامة أحمد السباعي
شعرت أن شخصا يدنو مني، وأنا ادعو الله بصوت خافت، بعد فراغي من الصلاة. اخذ يحيل بأذنيه نحو شفتي. واصلت دعائي دون أن التفت اليه.. ما إن فرغت من الدعاء..
حتى بادرني قائلا: * يا أخي.. كيف تدعو وبكلام مسجوع؟..أما تعلم ان الدعاء المسجوع ممنوع؟ فالسجع كلام مقفى يشبه الشعر، فكيف تدعو شعرا؟.. فهذه بدعة تخالف ماهو مشروع؟
شكرته على ملاحظته، وأجبته: * الست حراً في أن ادعو الله بما اشاء.. بالسجع او بالشعر او بسواهما؟ ومع ذلك لم آت بدعاء من عندي.. فقد كنت ادعو بدعاء مأثور.. لم ابتدع، ولم اخترع دعاء من عندي، وان كان لي ان ادعو بما أشاء من مأثور أو من دعاء يخصني ( والمأثور أفضل).
قال: * تدعو بما تشاء، ولكن لا يجوز لك ان تدعو بالسجع.. فالسجع تكلف ومغالاة في الدعاء.
** من أين جئت بعدم الجوائز هذا؟ أنسيت أن كثيرا من الأدعية المأثورة تنتهي جملها بالسجع؟.
* ائتني بأمثلة..!
** ( اللهم لا تدع لي ذنباً الا غفرته، ولا هماً الا فرجته، ولا دينا الا قضيته).
( اللهم اني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك).
( اللهم اني اعوذ بك من علم لا ينفع، ودعاء لا يسمع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع).
( اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الاحياء منهم والأموات).
( اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن اضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مباعد لما قربت).
أرأيت؟!.. هل يرضيك ام ازيد؟
قال: * ما دام الدعاء مأثورا.. فلا بأس!
** أو سمعتني دعوت بغير ذلك؟
* لا.. ولكني رغبت نصحك، وأردت وعظك!.
** سامحك الله.. نصح في غير محله. تجسس فيما لا يعنيك. تطفل فيما لا يخصك. ما قلته لي ليس نصحا ولا وعظا.. إنه جهل مشوب بـ(تعالم) على غيرك، واحتجاج على من لا يستحق، واعتراض من اجل الاعتراض.. وحتى لو أن ما قلته نصيحة فهي ليست لوجه الله.
انتفض قائما يغادر المكان وهو يردد: ما أرخص النصحية لمن لا يستحقها..!.
ذهلت لقوله وكدت اتبعه.. ولسان حالي يقول: ما أخرص النصيحة من من ليس أهلا لها.. فمن يدلني أأنا على خطأ.. أم هو على صواب؟.
_____________________________
جريدة المدينة , يوم السبت , 19/5/1424 الموافق 19/7/2003
www.al-madina.com