عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 20-08-2006, 07:09 AM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي أشعلوها نارا ولنتناحر سويا فالعدو ينتظر بفارغ الصبر !!!

الرؤية الشيعية في الاتهامات السنية*

نهال محمود مهدي

حسن الصفار

فيما يعد ردا من عدد من كبار علماء الشيعة على بعض فتاوى علماء السعودية التي نشرت مؤخرا - والتي تشير البعض منها إلى عدم وجود فتاوى تكفر الشيعة على الإطلاق، وتتضمن أيضا الفتوى التي نشرها الشيخ د. عبد الله بن جبرين في موقعه، مبينا فيها أن الفتوى التي نسبت له مؤخرا، وأثارت جدلا واسعا حول حزب الله لم تكن تتعلق بالحزب وأنها فتوى قديمة كان من الواجب قبل نشرها توضيح حكمها ومناسبتها.

ولقد جاءت ردود علماء ورموز الشيعة السعوديين: عادل أبو خمسين وحسن النمر وجعفر النمر والشيخ حسن الصفار والمفكر الشيعي اللبناني السيد هاني فحص -على موقع العربية- لتؤكد في مجملها على أن مساحات التقارب بين السنة والشيعة أكبر بكثير من مساحات الخلاف، وأن الوقت غير مناسب لإبراز تك الخلافات المذهبية ونبش جراحات الماضي، مطالبين بالتوقف عن هذه السجالات.

تلمس جهات الوفاق

بشكل أكثر تفصيلا اتفق العلماء على أن التقارب بين السنة والشيعة هو أكبر بكثير من الخلافات والفوارق الفقهية والمذهبية. وأن هناك بعض الفوارق التي تعتبر وهمية وليست حقيقية، مجرد اختلاف في المصطلح. أما المضمون فهو متفق عليه، وأن الخلافات كثيرة من هذا النوع، وبجهد من علماء الفريقين بالإمكان القضاء عليها.

وأشاروا إلى أنه يجب على الناس أن يعرفوا حقيقة وجهة النظر الأخرى من مصدرها، ولكن المشكلة – على حد قولهم - أننا نتعرف على المذهب الآخر ليس من أتباعه وإنما من جماعات أخرى. فمثلا هناك من يتعرف على المذهب الشيعي، ليس من علماء الشيعة وإنما من أناس عندهم شيء في نفوسهم عن الشيعة، وهؤلاء ليسوا مصدرا صحيحا، يوثق في الرجوع إليه، كذلك الشيعة يفترض أن يتعرفوا على المذهب السني من مصادره، أي من علماء السنة.

إلا أنه في ذات الوقت فإن المخلصين من الشيعة والسنة دأبوا على التأكيد على الوحدة والتقريب بين مؤسسات الطرفين؛ لتحقيق هذا الهدف السامي، وكان الأزهر الشريف عبر الإمام محمود شلتوت رحمه الله، من المبادرين إلى تلبية نداء الإمام البروجردي فتأسست دار التقريب التي ما يزال مقرها في مصر شاهدا على ذلك الجهد المبارك، وإن كنا أحوج إليه اليوم من أمس.

ونبه علماء الشيعة السعوديون إلى أنه: لا يعقل أن يتمكن غير المسلمين على اختلاف أديانهم من أن يتحركوا بسرعة قصوى نحو الوحدة بتشكيل الاتحادات والمؤسسات ذات الطابع العالمي، فيما يصر بعض علماء المسلمين على أن يفرضوا على جميع المسلمين الدوران حول نقطة واحدة.

مشددين على أنه أمر مؤسف جدا أن تثار مثل هذه السجالات وأن تنكأ جراح الخلافات المذهبية في الوقت الذي يتعرض فيه الشعبان الفلسطيني واللبناني لمسلسل عدوان وحشي، حيث يطول القصف الأبرياء والآمنين من النساء والأطفال والشيوخ، وترينا القنوات الفضائية أبشع الجرائم والمشاهد التي تحدث لأبناء أمتنا هناك.

ففي هذه الظروف التي تمر بها الأمة يجب على المسلمين كافة رصّ الصفوف وتلمس جهات الوفاق ونبذ جهات الخلاف واعتماد الإسلام بمعناه الشامل أساسا للعلاقة التي تنظم شتات الأمة لا أن ننشغل بالخلافات المذهبية الجانبية.

دعاوى بلا أساس

أما فيما يتعلق بدعاوى تكفير الشيعة لأهل السنة فقد أوضح العلماء أن هذه الدعاوى ليس لها أساس سوى ما يتعلق بالنواصب؛ وهم من يناصبون آل البيت العداء، فهم يخالفون ضرورة من ضرورات الدين، والسنة أيضا يقرون بهذا الشيء.

قائلين: إنه لا توجد في كتبنا على الإطلاق ما يقول بتكفير أهل السنة، فتكفير من تلفظ بالشهادتين واستقبل القبلة غير جائز لقوله صلى الله عليه وآله: (من كفر مسلما فقد كفر) ولقوله في حديث أنس الذي رواه البخاري في صحيحه: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته) ومن الواضح أن جميع المسلمين يشهدون الشهادتين، وهذا هو الأساس التشريعي الذي ينبغي أن يؤطر العلاقة بين المسلمين وما عدا ذلك فلا ينبغي أن يكون سببا للفرقة.

وفي توضيح أكثر لمسألة التكفير المتبادلة بين الطرفين يشير الشيخ حسن النمر: إلى مصطلحين: الأول: مصطلح الرافضة، والثاني مصطلح النواصب، قائلا: كلاهما مصطلحان يستعملان في الأدبيات الإسلامية، ولكن ليس بالضرورة أن يكون استعمالهما لدى جميع الأطراف بمفهوم واحد، كما أننا قد لا نجد الدقة العلمية لدى الجميع عند إيرادهم للمصطلحين. إلى أن أصبح المصطلحان (نبذا). يكثر استعمال (الرافضة) عند السنة للتعبير عن الشيعة، وكثر استعمال (النواصب) عند الشيعة للتعبير عن بعض السنة.

وأكد على أن الاستعمال قد لا يكون علميا عند الجميع، ولكن يترتب عليه سلبيات قد تكون كارثية معنوياًّ بل ماديًّا في بعض الأحيان.


الشيخ حسن النمر

وحول مآخذ بعض علماء السنة على بعض الفرق الشيعية التي تقول بحدوث تحريف في القرآن، وأنه حذف منه ما يخص آل البيت أوضح الشيخ أبو خمسين، واتفق معه الشيخ حسن النمر: أنه فيما يتعلق بتحريف القرآن أو النقص والزيادة فيه فهذان الأمران غير صحيحان، وهما افتراء على الشيعة، فغالبية علمائها، وفي كتبهم يؤكدون دائما على أن القرآن الموجود هو القرآن الصحيح والكامل والمتفق عليه فالشيعة يرون في القرآن الكريم المرجع الأول في التعرف على الإسلام الحق؛ لأنه (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).

أما فيما يتعلق بمسألة سب الصحابة: أوضح العلماء أن هذه المسألة مما يشنع بها على (الشيعة) دون وازع من ضمير ولا موضوعية علمية، ولا معرفة بخلفيات المسائل وجذورها. وأضافوا أن: الشيعة بحمد الله يتحلون بأدب رفيع وليس من أدبهم ولا أدبياتهم؛ (السباب) الذي هو استعمال الكلمات البذيئة والنابية في حق الأشخاص العاديين، فضلاً عن جيل الصحابة الذين هم أفضل جيل بشري حظي بتربية خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). فالواجب احترام الإنسان وإكرامه، فكيف إذا كان صحابياًّ.

مشيرين إلى أنه من الواجب التنويه والتنبيه على أن الحق والشريعة فوق الأشخاص، فـ(الحق أحق أن يتبع)، والصحابة ليسوا معصومين، كما يؤكده القرآن والوقائع التاريخية {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما}. وقد روي في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد الحوض فيذاد عنه جماعة من الصحابة فيقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أصحابي، أصحابي، فيجاب بأنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.
فإذن حصل من بعضهم ما يكون سبباً لبعده عن الله تعالى، وعليه، فالصحابة يحصل من بعضهم ما يستوجب التحفظ عليه، وقد فعل الصحابة أنفسهم ذلك في حق بعضهم بعضاً إلى حد الاحتراب والاقتتال.

ومن ثم فأن يكون بعض المسلمين - يعنون الشيعة - (متحفظين) على بعض الصحابة ليس مسوغاً لأن (ينبزوا) بما يؤدي إلى سفك دمائهم والتشهير بهم.

وبطريقة أوضح أكد الشيخ أبو خمسين على نفس المعنى مستنكرا شتم الصحابة وسبهم وتعميق الفجوة بين المذاهب بهذه الطريقة، إلا أنه ألمح إلى أن فعل ذلك لا يستوجب أبدا إخراج فاعله عن الدين والملة.

وحول أن هناك من الشيعة من يقول إن جبريل عليه السلام خان الأمانة ونزل بالوحي على الرسول بدلا من علي، أشير إلى أن هذا الادعاء على الشيعة: غير صحيح وغير موجود، وهو من ضمن الأمور التي يجري استخدامها في الصراع المذهبي.

وليس هناك عالم كبير أو صغير من علماء الشيعة يستطيع القول بهذا الرأي، ولا يوجد كتاب أيضا معتمد عند الشيعة يقول بذلك، ومن يقوله يكون قد خرج عن الدين؛ لأنه يشكك في النبوة التي هي أصل من أصول الدين وضرورة من الضرورات التي يمنع التشكيك والخدش فيها عند كل مذاهب المسلمين.

ليس تراجعًا

ورغم توضيح علماء الشيعة للكثير مما يثار حولهم من شبهات في محاولة منهم لتقريب الهوة بين مذهبهم والمذهب السني، إلا بعضا منهم تشكك كثيرا في تراجع الشيخ بن جبرين عن فتواه فالشيخ حسن النمر يرى أن ما ذكر ونسب إليه –الشيخ بن جبرين- من تراجعه عن الفتوى المتضمنة لعدم مناصرة حزب الله، ليس تراجعاً لا في الشكل ولا في المضمون، وهو إن صدق يمارس التقية التي يعيبها على الشيعة، بل إنه يؤكد ليس على عدم مناصرة حزب، بل على وجوب محاربته.

ودلل على صدق رأيه بأن التراجع كان عن توقيت الفتوى وليس عن نصها، كما أن نفيه لتعلق الفتوى بحزب الله وحده ما هو إلا توسيع للدائرة التي تشملها، هذا إلى جانب انتقاده لمجموعة من آراء الشيخ بن جبرين المتعلقة بالشيعة بشكل عام.

في حين يرى الشيخ جعفر النمر أن هذه الفتوى وقعت محل استهجان عامة المسلمين لاسيما مع وقوع المجازر الإسرائيلية يوميا على مرأى الجميع وسمعهم مما أثار حفيظة المسلمين كافة، ويضيف أن محاولة التراجع عنها وتغييرها جاءت باهتة لا لون لها ولا طعم؛ لأن التغيير كان سطحيا على مستوى العبارة ولم يكن جوهريا، بل كان بعضه أشبه بالزيت المسكوب على النار لكونه مكرسا لمقولة التقسيم التي كانت هي سبب الاستهجان.

ومن الواضح أن ردود علماء الشيعة على ما يثار بشأنهم من جانب بعض من علماء السنة جاءت حاسمة وواضحة، إلا أن الأكثر وضوحا هو أنه ثمة شيئا من التشكيك في صدق النوايا ما زال يخيم على الأجواء بين الطرفين، وهذا ما بدا في رؤية بعض من علماء الشيعة لتراجع الشيخ ابن جبرين عن فتواه.