عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 19-02-2002, 08:25 AM
بوشامك بوشامك غير متصل
اسامه رمز الكرامه غصب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 275
إفتراضي قصة قصيرة ( ولــم تمد يدهـــا ) ..

كانت فاطمة جالسة حين استقبلت والدتها جارتها التي قدمت لزيارتها ، كادت الأم تصعق ، وهي ترى ابنتها لا تتحرك من مقعدها فلا تقوم للترحيب معها بالجارة الطيبة الفاضلة التي بادرت ــ برغم ــ ذلك إلى بسط يدها لـمصافحة فاطمة ، لكن فاطمة تجاهلتها ولم تبسط يدها للجارة الزائرة ، وتركتها لحظات واقفة باسطة يدها أمام ذهول أمها التي لم تملك إلا أن تصرخ فيها : قومي وسلمي على خالتك ، ردت فاطمة بنظرات لا مبالية دون أن تتحرك من مقعدها ، كأنها لم تسمع كلمات أمها . !

أحست الجارة بحرج شديد تجاه ما فعلته فاطمة ورأت فيها مسا مباشرا بكرامتها ، وإهانة لها ، فطوت يدها الممدودة ، والتفتت تريد العودة إلى بيتها وهي تقول : يبدو أنني زرتكم في وقت غير مناسب !

هنا قفزت فاطمة من مقعدها ، وأمسكت بيد الجارة وقبلت رأسها وهي تقول : سامحيني يا خالة .. فوالله لم أكن أقصد الإساءة إليك ، وأخذت يدها بلطف ورفق ومودة واحترام ، ودعتها لتقعد وهي تقول لها : تعلمين يا خالتي كم أحبك وأحترمك !؟

نجحت فاطمة في تطيب خاطر الجارة ومسح الألم الذي سببته لها بموقفها الغريب ، غير الـمفهوم ، بينما أمها تمنع مشاعرها بالغضب من أن تنفجر في وجه ابنتها .

قامت الجارة مودعة ، فقامت فاطمة على الفور ، وهي تمد يدها إليها ، وتمسك بيدها الأخرى يد جارتها اليمنى ، لتمنعها من أن تمتد إليها وهي تقول : ينبغي أن تبقى يدي ممدودة دون أن تمدي يدك إلي لأدرك قبح ما فعلته تجاهك .

لكن الجارة ضمت فاطمة إلى صدرها ، وقبلت رأسها وهي تقول لها : ما عليك يا بنتي .. لقد أقسمت إنك ما قصدت الإساءة .

ما إن غادرت الجارة الـمنزل حتى قالت الأم لفاطمة في غضب مكتوم : ما الذي دفعك إلى هذا التصرف ؟

قالت : أعلم أنني سببت لك الحرج يا أمي فسامحيني .

ردت أمها : تمد إليك يدها وتبقين في مقعدك فلا تقفين لتمدي يدك وتصافحيها !؟

قالت فاطمة : أنت يا أمي تفعلين هذا أيضا ! صاحت أمها : أنا أفعل هذا يا فاطمة !؟

قالت : نعم تفعلينه في الليل والنهار .

ردت أمها في حدة : وماذا أفعل في الليل والنهار ؟

قالت فاطمة : يمد إليك يده فلا تمدين يدك إليه!

صرخت أمها في غضب : من هذا الذي يمد يده إليّ ولا أمد يدي إليه ؟

قالت فاطمة : الله يا أمي .. الله سبحانه يبسط يده إليك في النهار لتتوبي .. ويبسط يده إليك في الليل لتتوبي .. وأنت لا تتوبين .. لا تمدين يدك إليه ، تعاهدينه على التوبة . صمتت الأم ، وقد أذهلها كلام ابنتها .

واصلت فاطمة حديثها : أما حزنت يا أمي حينما لم أمد يدي لـمصافحة جارتنا ، وخشيت من أن تهتز الصورة الحسنة التي تحملها عني ؟ أنا يا أمي أحزن كل يوم وأنا أجدك لا تمدين يدك بالتوبة إلى الله سبحانه الذي يبسط يده إليك بالليل والنهار . يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :

(( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها )). رواه مسلم .

فهل رأيت يا أمي : ربنا يبسط إليك يده في كل يوم مرتين ، وأنت تقبضين يدك عنه ، ولا تبسطينها إليه بالتوبة !

اغرورقت عينا الأم بالدموع .

واصلت فاطمة حديثها وقد زادت عذوبته : أخاف عليك يا أمي وأنت لا تصلين ، وأول ما تحاسبين عليه يوم القيامة الصلاة ، وأحزن وأنا أراك تخرجين من البيت دون الخمار الذي أمرك به الله سبحانه ، ألم تحرجي من تصرفي تجاه جارتنا .. أنا يا أمي أحرج أما صديقاتي حين يسألنني عن سفورك ، وتبرجك ، بينما أنا محجبة .!

سالت دموع التوبة مدراراً على خدي الأم ، وشاركتها ابنتها فاندفعت الدموع غزيرة من عينيها ثم قامت إلى أمها التي احتضنتها في حنو بالغ ، وهي تردد : (( تبت إليك يا رب .. تبت إليك يارب )) .

قال تعالى :

(( ومن يغفر الذنوب إلا الله ))

لقد رآك الله وأنت تقرأ هذه الكلمات ويرى ما يدور في قلبك الآن وينتظر توبتك فلا يراك حبيبك الله إلا تائبا


بوشامك
__________________
دعني حراً... أرجوك لا تصادر رأيي ..