عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 21-08-2003, 10:34 PM
المناصر المناصر غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
المشاركات: 396
إفتراضي د.الأهدل: الجهاد في سبيل الله (63) مرحلة الجهاد الأخيرة..

الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته الحلقة ( 63 )

مرحلة الجهاد الأخيرة

وتتضمن آيات سورة التوبة هذه المرحلة الأخيرة من مراحل الجهاد وتوضحها أكمل توضيح.

قال تعالى: (( بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )) [التوبة:1-7].

وأضيفت الجزية في قوله تعالى: (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )) [التوبة: 29].

فأصبح المسلمون مكلَّفين أن يقاتلوا كفّار أهل الأرض حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية – على خلاف في أخذها من الوثنيين.

وقد لخّص ابن القيم رحمه الله مراحل الجهاد – بمعناه العام – من حين بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن لقي ربه، فقال:

"أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى أن يقرأ باسم ربه الذي خلق، وذلك أول نبوته، فأمره أن يقرأ في نفسه، ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ، ثم أنزل عليه: (( يا أيها المدّثر قم فأنذر )) فنبّأه بقوله: (( اقرأ )) وأرسله بقوله: (( يا أيها المدثر ))..

ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين، ثم أنذر قومه، ثم أنذر من حوله من العرب، ثم أنذر العرب قاطبة، ثم أنذر العالمين، فأقام بضع عشرة سنة بعد نبوته بالدعوة بغير قتال ولا جزية، ويؤمر بالكف والصبر والصفح..

ثم أذن له في الهجرة، وأذن له في القتال، ثم أمره الله أن يقاتل من قاتله ويكف عمن اعتزله ولم يقاتله ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله لله".

ثم بين رحمه الله أقسام الكفار بعد الأمر بالجهاد وأحكامهم في الإسلام بعد توضيح آخر مرحلة من مراحل الجهاد، فقال:
"ثم كان الكفار معه بعد الجهاد ثلاثة أقسام:

أهل صلح وهدنة.

وأهل حرب.

وأهل ذمة.

فأمر أن يتم لأهل العهد والصلح عهدهم وأن يوفى لهم به ما استقاموا على العهد، فإن خاف منهم خيانة نبذ إليهم عهودهم.

ولما نزلت سورة براءة نزلت بيان حكم هذه الأقسام كلها، فأمر فيها أن يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوه الجزية أو يدخلوا في الإسلام، وأمره بجهاد الكفار والمنافقين بالحجة واللسان، وأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار ونبذ عهودهم إليه..

إلى أن قال:
"فاستقر أمر الكفار معه بعد نزول سورة براءة على ثلاثة أقسام:

محاربين له.

وأهل عهد.

وأهل ذمة.

ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام، فصاروا معه قسمين:

محاربين.

وأهل ذمة.

فصار أهل الأرض معه ثلاث أقسام:

مسلم مؤمن به.

ومسالم له آمن.

وخائف محارب". [زاد المعاد (2/90-92)].

ففرض المسلمين إذاً أن يجاهدوا حتى يحققوا هذه المرحلة من مراحل الجهاد في سبيل الله، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وامتثالاً لأوامر الله ولا يجوز لهم الوقوف عند المراحل السابقة عليها.

قال سيد قطب رحمه الله:
"والعبرة بنهاية المراحل التي وصلت إليها الحركة الجهادية في الإسلام بأمر من الله، لا بأوائل أيام الدعوة ولا بأوسطها، ولقد انتهت هذه المرحلة كما يقول الإمام ابن القيم: فاستقر أمر الكفار معه…" [في ظلال القرآن (9/1446) ويراجع أيضاً (10/1581) من نفس الكتاب ] إلى آخر الفقرة التي سبق ذكرها في كلام ابن القيم رحمه الله.
__________________
إرسال هذه الحلقات تم بتفويض من الدكتور عبد الله قادري الأهدل..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك..