عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 09-03-2003, 12:23 PM
بريق الماس بريق الماس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2002
المشاركات: 481
إفتراضي


أشكرك أختي ... دلوعة بابا على مرورك

والظاهر البقيه كان لهذا الكلام وقع في أنفسهم ولامس أشياء كثيره
لدرجة صعب عليهم الرد أو التعليق على الموضوع بأي شئ .


لعبة التقمص:

وهي مختلفة عما سبق، وغير منفصلة عنه في الوقت ذاته؛ لأن الواحد منا يضع لنفسه مثالاً يريد أن يكونه في المستقبل، أو يعجز أن يكونه في الحاضر، ولكن تقمص هذا المثال ممكن جدًّا في الاتصال الإليكتروني، وفي حالة سابقة على الصفحة حكت أستاذة جامعية أنها تتقمص دور فتاة في العشرينيات، وأن هذا التقمص يشعرها بسعادة شديدة، ونوع من الترويح أو التسرية عن الذات.

والتقمص فيه بعض الكذب طبعًا، ولكنه كذب منهجي محسوب أو مبرمج على مقاس مثال موجود في الذهن فعلاً، وقد تجدين امرأة لديها بعض المواهب في الطبخ أو الكتابة تتقمص دور مديرة الطهاة في أشهر المطاعم، أو تتقمص الأخرى دور الفيلسوفة التي لم تلد مثلها النساء، وتبدأ في التنظير لكل شيء من الإبرة إلى الصاروخ، أو من الجرة إلى المجرة، وهؤلاء جميعاً بدلاً من السعي الحثيث لتحقيق المثال فإنهم يتقمصونه.

والحقيقة أن الحوار الذي يدور على الإنترنت إنما يجري فعلاً بين هذه المحاولات أو الشخصيات المتقمصة منزوعة التشويش والألم والتداخل، منزوعة الكوابح والإعاقات الإنسانية الفعلية؛ فالإنسان المتحفظ، الخجول، غير الاجتماعي، ثقيل الظل، العاجز جنسيًّا أو نفسيًّا عن إقامة علاقة مستمرة وناجحة مع شريك واقعي بكل ما تحمله هذه العلاقة من تكاليف، وما تمليه من واجبات وحقوق، وما يترتب عليها من تبعات، هذا الإنسان يكون عذبًا رقراقًا، وجدولاً صافيًا، وخطيبًا مفوهًا، وشجاعًا لا يهاب ولا يتردد، ولطيفًا حلو المعشر، وسريع النكتة، وعلاوة على ذلك دونجوانًا رقيقًا، وفحلاً قادرًا، وكل ما يتمناه، وكل ما يحلم أن يكونه، ويعجز عن إنجازه في واقعه الفعلي.

والمرأة الفاترة النكدة، حادة الطبع، سريعة الغضب، قليلة البضاعة في الخلقة والخلق تكون حارة وضحوكة، لينة الجانب، ورائعة في كل شيء، كما وصفت أنت صاحبك الإليكتروني في المرة السابقة.

والتقمص هو ذروة تبلور مركب الصدق/ الكذب الذي حاولت شرحه لك هنا؛ ففيه من الصدق أنه قد يحتوي على أشياء حقيقية قد تكون موجودة في الشخص، ولكن بقدر أقل بكثير مما يبدو في الصورة التي تظهر، أو المثال الذي يحاوله، وفيه من الكذب أنه ليس الواقع كله، بدرجات تختلف من شخص لأخر، فقد تكون في هذه الأستاذة الجامعية روح شابة تحب التجدد، وربما التمرد، ولا تحصل على فرصة لاستثمار هذه النزعة التي يمكن أن تكون إيجابية، وقد تكون في الأخرى بدايات كتابة جيدة تحتاج إلى رعاية وتطوير، وقد يكون في صاحبنا ثقيل الظل مواهب أخرى فيها بعض الشبه من المثال الذي يطمح إلى أن يكونه، وبدلاً من الصبر على مسار التطوير يتم القفز إلى مساحة التقمص، وبدلاً من العلاقة المركبة بين إنسان وإنسان تجري العلاقة بين كائنات مصنوعة أو مصطنعة كل علاقتها بالبشر أن البعض يتقمصها!!


يتبع
__________________
<CENTER>

الرد مع إقتباس