عرض مشاركة مفردة
  #11  
قديم 26-10-2001, 01:25 PM
صالح عبد الرحمن صالح عبد الرحمن غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
المشاركات: 192
Post

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ ميثلوني في الشتات حفظك الله ورعاك
أدعو الله تبارك وتعالى لك ولزملائك السنونو المهاجر وأبي طه بالسداد والتوفيق في عملكم الجديد كمراقبين في هذه الخيمة ، وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه .

أخي الفاضل ورد في مشاركتك : ( لم يكن الفكر الإسلامي عقيما فقد ولد من رحمه آلاف المفكرين والدعاة والإصلاحيين الذين آمنوا بأن الحرية تخدم دعوتهم لأن دعوتهم هي الحق المبين , فدعوا للحريات العامة وحقوق الإنسان المسلم والتعددية جنبا إلى جنب مع دعوتهم لمبادئ وأفكار الإسلام ).


بداية أحمد الله تعالى أن أخي ميثلوني في الشتات يرى أن الحريات العامة والتعددية وما يسمى بحقوق الانسان ليست من مبدأ الاسلام ولا من أفكاره، وهذا ما يفهم من قولك ( تخدم دعوتهم لأن دعوتهم هي الحق المبين ) ، ومن قولك ( جنبا إلى جنب مع دعوتهم لمبادئ وأفكار الإسلام ) ما يعني أن الحريات العامة والتعددية وحقوق الانسان شيء آخر غير مبادىء الاسلام وأفكاره . وبناء على ذلك أعقب على ما ورد في الفقرة المذكورة أعلاه بما يلي:

1- بما أن الحريات العامة والتعددية وما يسمى بحقوق الانسان ليست من مبدأ الاسلام ولا من مفاهيمه فكيف يقال بأن المفكرين والدعاة والاصلاحيين الذين دعوا إليها جنبا إلى جنبا مع دعوتهم للاسلام قد ولدوا من رحم الفكر الاسلامي ؟!

2- إلى جانب أن هذه المفاهيم ليست من الاسلام نجد أنها تتناقض تناقضا تاما مع العقيدة الاسلامية، فلا إله إلا الله تعني لا معبود إلا الله، وأما الحرية فضد العبودية، فالدعوة إلى الحرية دعوة لرفض العبودية، فإما أن نكون سادة أنفسنا أو أن تكون السيادة لشرع الله ، فالمسلم الذي يقبل بفكرة الحرية يكون قد تنازل تلقائيا عن فكرة العبودية، وإذا دعا للحرية فإنه إنما يدعو للانعتاق من العبودية ، فمثله لا يصح أن يقال عنه أنه قد ولد من رحم الفكر الاسلامي.

3- أفكار الغرب ومفاهيمه عن الحياة منبثقة عن عقيدة فصل الدين عن الحياة التي يؤمن بها الغرب قاطبة، والفكر الغربي فوق ذلك يتناقض مع أفكار الاسلام تناقضا تاما، فلا يمكن للفكر الغربي أن يولد من رحم الفكر الاسلامي إلا من خلال عملية اصطناعية وغير شرعية، كطفل الأنابيب غير الشرعي حيث تتم الزراعة في غير رحم الأم. فالصواب أن نطلق على مثل هذه الأفكار اسم أفكار الأنابيب غير الشرعية. وعلى المفكرين الذين ينتجونها ، اسم مفكري الأنابيب غير الشرعيين.

4- انثى الانسان تلد إنسانا ، وأنثى الحيوان تلد حيوانا، وكون أنثى الانسان لا تلد حمارا لا يعني أن رحمها عقيما ، وكذلك الفكر الاسلامي لا يولد من رحمه إلا فكرا إسلاميا، فكونه غير قادر على ولادة أفكار الغرب ومفاهيمه عن الحياة لا يعني أنه عقيما، فإثبات أن الفكر الاسلامي ليس فكرا عقيما إنما يكون من خلال استنباط أحكام ومعالجات من نصوص الاسلام لكل ما يستجد من وقائع ومشاكل في الحياة، ومن خلال جعل العقيدة الاسلامية المقياس الذي تقاس به جميع الأفكار ، وليس من خلال مزج الدعوة للاسلام مع الدعوة لغيره من الأفكار والمبادىء ، ولا من خلال تأويل نصوصه لكي نجعلها تتفق مع الأفكار الأخرى سواء التي لم تنبثق عنه أو التي تتناقض مع عقيدته .

5- كيف يمكن أن نجعل من كون الاسلام هو الحق المبين مسوغا لأن نحمل الدعوة لغيره من الأفكار الباطلة ؟! وهل كون حامل الدعوة الاسلامية لا يخشى الأفكار الباطلة أن يقوم هو بتبنيها أو بالدعوة لها ؟!

6- قال تعالى : { إن تنصروا الله ينصركم } فهل ينصرنا الله تعالى إن نحن قمنا بالدعوة لأفكار غير إسلامية إلى جانب الدعوة إلى أفكار الاسلام وأحكامه ؟! لقد وقفت قريش في وجه الدعوة الاسلامية واستعملت ضد الرسول صلى الله عليه وسلم مختلف أسلحة المقاومة كالتعذيب، والدعاية الداخلية والخارجية، والمقاطعة، لكن هل تنازل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فكرة واحدة من الأفكار التي جاء بها أو تبنى فكرة واحدة من أفكار الشرك التي كان يؤمن بها أهل مكة في سبيل أن يدعوه وشأنه ؟! هل توسل بمفاهيم قريش البالية ومعتقداتها الفاسدة لتكف عنه أو لتخلي بينه وبين الناس ؟!

7- قال تعالى : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا. يعبدونني لا يشركون بي شيئا. ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون * وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون * لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض . ومأواهم النار ولبئس المصير }. ذكر الله تعالى في هذه الآيات صفة الذين وعدهم بالاستخلاف في الأرض : { الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات } الذين يقرنون الايمان بالعمل، الايمان بلا إله إلا الله محمد رسول الله مع العمل بما جاء به محمد رسول الله، { وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا } أي هم الذين يكونون قبل الاستخلاف في حالة خوف ، فليس هم الذين يكونون آمنين مطمئنين بالحريات التي يهبها لهم الحاكم، { يعبدونني لا يشركون بي شيئا } هم الذين يفردونه بالعبادة، فهل يمكن أن يكونوا ممن يتبنى فكرة الحرية ويدعوا لها ؟! { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون } هم الذين يتأسون برسول الله فيسيرون على نهجه ويترسمون خطاه، قال تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا { { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله . على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }. وأما قوله تعالى : { لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض . ومأواهم النار ولبئس المصير } فتطمين من الله تعالى لرسوله ولمن سار على هديه أن الكفار الذين يقفون في وجه الدعوة الاسلامية ويقاومونها لا يعجزون الله، بل الله قادر عليهم وسيعذبهم على ذلك أشد العذاب .
__________________
لا إله إلا الله محمد رسول الله