عرض مشاركة مفردة
  #86  
قديم 14-06-2003, 06:05 AM
عاشقة القرآن عاشقة القرآن غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
المشاركات: 101
إفتراضي

من كتاب الفوائد

أصل الأخلاق الممدوحة والمذمومة

أصل الأخلاق المذمومة كلها الكبر والمهانة والدناءة ، وأصل الأخلاق المحمودة كلها الخشوع وعلو الهمة ، فالفخر والبطر والأشر والعجب والحسد والبغي والخيلاء والظلم والقسوة والتجبر والإعراض وإباء قبول النصيحة والاستئثار وطلب العلو وحب الجاه والرئاسة وأن يحمد بما لم يفعل وأمثال ذلك كلها ناشئة من الكبر ‏.‏

وأما الكذب والخسة والخيانة والرياء والمكر والخديعة والطمع والفزع والجبن والبخل والعجز والكسل والذل لغير الله واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ونحو ذلك ، فإنها من المهانة والدناءة وصغر النفس ‏.‏

وأما الأخلاق الفاضلة كالصبر والشجاعة والعدل والمروءة والعفة والصيانة والجود والحلم والعفو والصفح والاحتمال والإيثار وعزة النفس عن الدناءات والتواضع والقناعة والصدق والإخلاص والمكافأة على الإحسان بمثله أو أفضل والتغافل عن زلات الناس وترك الاشتغال بما لا يعنيه وسلامة القلب من تلك الأخلاق المذمومة ونحو ذلك ، فكلها ناشئة عن الخشوع وعلو الهمة ‏.‏ والله سبحانه أخبر عن الأرض بأنها تكون خاشعة ثم ينزل عليها الماء فتهتز وتربو وتأخذ زينتها وبهجتها ، فكذلك المخلوق منها إذا أصابه حظه من التوفيق‏.‏

وأما النار فطبعها العلو والإفساد ثم تخمد فتصير أحقر شيء وأذله ، وكذلك المخلوق منها ، فهي دائما بين العلو إذا هاجت واضطربت ، وبين الخسة والدناءة إذا خمدت وسكنت ، والأخلاق المذمومة تابعة للنار والمخلوق منها ،والأخلاق الفاضلة تابعة للأرض والمخلوق منها ‏.‏ فمن علت همته وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل ، ومن دنت همته وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل‏.‏

أصل الغضب

قال الحسن البصري‏(4)‏:‏ إذا شئت أن ترى بصيراً لا صبر له رأيته، وإذا شئت أن ترى صابراً لا بصيرة له رأيته، فإذا رأيت بصيراً صابراً فذاك ‏:‏ قال تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون‏)‏‏)‏‏(‏ سورة السجدة، الآية 24‏.‏ ‏)‏ ، ولهذا تشبه النفس بالنار في سرعة حركتها وإفسادها وغضبها، وشهوتها من النار والشيطان من النار‏.‏

وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ‏"‏‏(‏رواه أحمد في مسنده 4/226‏.‏‏)‏، وفي الحديث الآخر‏:‏ ‏"‏الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم‏"‏، ألا ترى إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، وهو غليان دم القلب لطلب الانتقام‏.‏ وفي الحديث المتفق على صحته‏:‏ ‏"‏الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم‏"‏‏(5)

وفي الصحيحين‏:‏ ‏"‏أن رجلين استبا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد اشتد غضب أحدهما، فقال النبي صلى الله عليه‏:‏ إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال‏:‏ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‏"‏‏(‏رواه أحمد 5/240‏.‏ ‏)‏، وقد قال تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم‏)‏‏)‏‏(‏ فصلت : 34-36‏‏)‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏(‏‏(‏ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون، وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون‏"‏‏(‏المؤمنون‏:‏ 96 - 98‏.‏‏)‏‏.‏