عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 09-11-2006, 02:31 AM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي

(5) كاد المريب أن يقول خذوني

إن الاتصال غير الشفهي عملية معقدة تشمل الكلمات ونبرة الصوت وحركات الجسد، فالمتكلم لا يعبر دائما بالكلمات عن كل ما يفكر فيه، فجزء كبير من الرسالة يصل بأسلوب غير لفظي. لذلك من الأهمية بمكان أن يعرف الشخص كيف يحسن استغلال لغة الجسد وأن يتمكن من قراءة الإشارات الجسدية للطرف الآخر.
ولننظر إلى حالة الارتباك التي أحاطت بإخوة يوسف عندما ائتمروا وجاءوا أباهم:" قالوا يآ أبانا مالك لا تأًَمَـْــّنا على يوسف وإناّ له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب إناّ له لحافظون". كان في كلامهم ما يدل على كيد دبروه ليوسف وقد لاحظ ذلك سيدنا يوسف عليه السلام مما جعله يتردد في إرسال يوسف معهم "قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون"
إذا فتحنا القرآن وتأملنا في كلمة "لا تأمنا" نجد علامة الإشمام على حرف الميم والتي تدل على ضم الشفتين عند حرف الميم كمن يريد النطق بضمة إشارة الى أن الحركة المحذوفة ضمة من غير أن يظهر لذلك أثر في النطق وكأن النطق بها قريب من –لا تأممم نا- وهو ما يكون دالا على لتردد، وعدم انسجام القول مع ما هو مضمر في النفس –ممم. وهذا هو موضع الإشمام الوحيد في القرآن الكريم، وهو من أسرار القرآن وإعجازه وقد قيل: كاد المريب أن يقول خذوني.

جيء إلى ابن سينا بشاب هزيل أصابه السقم فلما كشف عنه وجده معافى جسديا، فوضع يده على رسغ الشاب وسأله أن يعدد أحياء المدينة، فذكرها وعندما وصل إلى حي معين زاد نبضه، فطلب منه أن يعدد شوارع ذلك الحي، فعددها حتى إذا مر بشارع زاد نبضه وزاد نفسه وارتفعت حرارته، فطلب منه أن يذكر بيوت ذلك الشارع حتى إذا ذكر بيتا برقت عيناه وتوترت أعصابه وخفق قلبه، فطلب منه ذكر أفراد تلك العائلة فذكرهم حتى إذا ذكر فتاة تسارعت دقات قلبه وارتعشت يداه وتصبب عرقا فقال ابن سينا: دواء ابنكم عند المأذون.

و عندما نقول إن لدينا إحساسا بان فلانا يكذب فإننا نعني أن لغة جسد المتكلم لا تنسجم مع كلماته، وهذا الأمر ينسجم مع الخديعة الثانية التي أراد إخوة يوسف أن يظهروا بها لإخفاء جريمتهم إذ تظاهروا بالحزن على ضياع أخيهم ظنا منهم أن هذا سينهض بحجتهم.
إن الصعوبة في الكذب هي أن العقل غير الواعي يعمل مستقلا عن الكذبة الشفهية إذ يرسل طاقة عصبية تبدو كإيماءة يمكن أن تعارض ما قاله الشخص. والملاحظ، أن الذين نادرا ما يكذبون يفضحون بسهولة غير أن الذين قد تنطوي أعمالهم على الكذب مثل السياسيين ومقدمي برامج التلفزيون قد صقلوا إيماءات جسدهم إلى الحد الذي يصعب معه رؤية الكذب.
قال تعالى:"ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول" سورة محمد: 30

ولفهم لغة الجسد ينبغي التركيز على العينين، والحاجبين، والفم، والجبهة، والكتفين، والذراعين، والأصابع. وقد وضع علم يهدف إلى تحليل الإشارات والإيماءات.
عن محمد بن كعب القرظي قال: جاء رجل إلى نبي الله سليمان عليه السلام فقال: إن لي جيران يسرقون إوزي، فنادى: الصلاة جامعة، ثم خطبهم فقال في خطبته: وأحدكم يسرق إوز جاره، ثم يدخل المسجد و الريش على رأسه فمسح رجل برأسه، فقال سليمان: خذوه فإنه صاحبكم".


يتبع
الرد مع إقتباس