عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 16-04-2003, 04:35 PM
ميثلوني في الشتات ميثلوني في الشتات غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 2,111
إرسال رسالة عبر  AIM إلى ميثلوني في الشتات
إفتراضي

استراتيجية صدام في القتال ..............3
من المعروف عن صدام عناده وصلابته ورفضه للإنصياع لما أنصاع إليه غيره من جحوش وأذناب جحوش العلوج ، ومن أهم أولوياته تحقيق المجد الشخصي له ولبلده مهما كلفه ذلك من ثمن ، ولعل هذا يقودنا للإجابة على السؤال التالي
ما هو أسلوب الحرب الذي اتبعته القيادة العراقية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى ؟؟؟

هل هو أسلوب اليائس العنيد ( المنتحر / الأرض المحروقة) ؟؟؟
والمحارب اليائس يعلم مسبقا بأنه سيهزم ولكنه يصر على الحرب وعلى تدمير ما يمكن تدميره من أعدائه ، كما يصر على تدمير كل ما يمكن أن يؤول لأعدائه.
وبافتراض هذا الأسلوب فإن على القيادة العراقية أن تكون عنيدة لدرجة التهور دون حساب لدماء العراقيين أو ممتلكاتهم أو ثروات العراق
فهل كان هذا هو الحال ؟؟؟
لنفترض ذلك لنجد أن من يفكر بهذه الطريقة في الظروف الموضوعية لحرب الأسابيع الثلاثة فإنه سيعمد إلى ما يلي :
إبعاد الحرب البرية عن العاصمة قدر الإمكان
تفجير كافة الجسور والممرات المائية التي توصل لبغداد
تدمير كل منابع البترول وآباره نظرا لكونه من أهم أهداف الحملة الأمريكية
تدعيم المقاومة في الجنوب ووضع العديد من خطوط الدفاع المتتالية حول بغداد وعلى الطرق المؤدية لها
تحصين القيادة في مواقع لا يصل إليها القصف وعدم الاهتمام بأية خسائر مدنية
القتال بشراسة دون اعتبار لتعريض الجيش لخسائر جسيمة بسبب التفوق الجوي الأمريكي
استخدام كل سلاح متوفر مهما كانت النتائج ويقع ضمن ذلك سلاح الطيران والدروع والصواريخ والأسلحة غير التقليدية (إن توفرت)
الانتحار عند اقتراب الهزيمة ليكون موتي بيدي لا بيد الأعداء

ويتراوح حجم ما سينفذه المحارب اليائس من هذه السلوكيات حسب درجة يأسه ومقدار حقده على من سيرث الأمر من بعده وأترك لكم تخيل ما كان سيفعله صدام من ذلك لو كان محاربا يائسا في ضوء معرفتكم لشخصيته التي قدمت ببعض من ملامحها
فهل لديكم الشواهد على أنه نحى هذا المنحى ؟؟؟


ويبدو لي من خلال متابعة الإعلام الأمريكي وما وضعه من سيناريوهات مفترضة قبل الحرب بأنه كان يرجح هذا الاحتمال بل وكان يتمناه لأنه سيكون مؤشرا على الهزيمة الداخلية لدى القيادة العراقية قبل بدء الحرب
ولكن بدا لي أن الأمريكان الذين لم يخفوا رغبتهم في الوصول لمنابع النفط ولبغداد بأسرع ما يمكن قد تفاجؤوا كما تفاجئ وتساءل الكثيرون لماذا لم يفعل صدام كل ذلك ؟؟؟
ولأننا نستشعر الهزيمة ونعلن عنها وعن قبولنا بها قبل أن تقع كان من الصعب أن نتصور أن العراق سينتصر ، وأنه قد بنى استراتيجيته على ذلك ، فرحنا نتخيل ما قد يفعله اليائس في تحليلاتنا التي سبقت ورافقت الحرب

والآن هل نستطيع التأكيد بأن صدام لم يحارب بيأس فهو لم يستخدم سياسة الأرض المحروقة كاستراتيجية واضحة لخططه العسكرية.
فهل كان ذلك غباء أم حفاظا على بلده وشعبه وثروات بلده لفترة ما بعد الحرب على أمل انجلائها بالنصر للعراق ؟؟؟

قد يقول البعض بأن صدام انتهج استراتيجة المجاهد الشريف الحريص على بلده وشعبه (القتال بعنف حتى الشهادة) ؟؟؟
وهذا يعني أن يكون لدى صدام علم مؤكد بحتمية خسارته ولكنه يفضل القتال على الاستسلام مع بذل الجهد لحماية شعبه وثروات بلده من الدمار كائنة ما كانت النتائج ، وحتى لو آلت ثروات بلده للمحتل الغاصب فيقاتل بشرف وإخلاص حتى اللحظة الأخيرة من حياته.

تختلف هذه الحالة عن سابقتها بالحرص والتخطيط المتزن لتقليل الخسائر في صفوف الجيش والشعب وكذلك الحرص على تقليل الخسائر المادية للبلد.وينتج عن هذا النهج مقاومة عنيفة مستميتة تكبد العدو خسائر هائلة قبل أن تبدأ هذه المقاومة بالضعف ، وعندما تضعف فإنها تضعف بشكل تدريجي يتناسب مع حجم خسائرها
ولا يتوقع البتة لمن هذه استراتيجيته أن يكون منحنى ضعف هذه مقاومته فيه قفزات انحدار مفاجئة ، بمعنى أن تتوقف فجأة بعد شدة وعنف.

ثم تتطلب هذه الاستراتيجية أيضا دفاعا محسوبا بدقة عن مركز القيادة وأعني بذلك العاصمة ، مما يجعل من خططها وضع العديد من خطوط الدفاع الصلبة حول العاصمة ، ومحاولة إبعاد المعركة عنها قدر الإمكان
فإن كانت هذه هي استراتيجية صدام فلماذا شارك في التركيز على معركة بغداد ولماذا تحدى الأمريكان على أسوار بغداد؟؟؟
ولماذا لم تقطع الطريق إلى بغداد ؟؟؟
وقد يكون كثير من مؤيدي العراق توقعوا استخدام صدام لهذه الاستراتيجية ، ولو حارب العراقيون حتى فني جيشهم تدريجيا لأرضوا أصحاب هذه الرؤية حتى لو كانت النتيجة هي الهزيمة .

إذا كانت صدمة هؤلاء بسبب هذا الانحدار الكبير المفاجئ في منحنى المقاومة ……….

وسبب سخط هؤلاء الذي أوصل البعض لحد توجيه تهم العمالة هو مخالفة هذا المنحنى لتوقعاتهم دون تمحيص وتفكير موضوعي .
وهنا لابد أيضا من الاستعانة بتحليل شخصية صدام فهل هو من هذا النوع من المقاتلين

وقد يقول قائل بأنه مقاتل فاشل لم يحسب النتائج جيدا فخدع نفسه وجنده وحارب ببسالة حتى تم تدميره وتدمير جيشه (يعني هزم بشرف ودون تنازل أو تخاذل)

وللهزيمة العسكرية مؤشرات وشواهد أهمها في حالة الانتكاسة المفاجئة للمقاومة انهيار الجيش وهذا الاحتمال فندناه في الجزء الأول من مبحثنا

وأخيرا يبقى احتمال الخيانة
ورغم قناعتي بسخافة احتمال الخيانة من قبل صدام لعدم وجود شواهد مادية عليه ،فلا بأس من بعض التحليل لهذا الاحتمال مساهمة في إظهار الحقيقة.
هل يعقل أن يكون صدام عميلا مأجورا نفذ فصلا من مسرحية نسج حوارها في البيت الأسود ؟؟؟
لماذا كل هذه التكاليف وكل هذه المعاناة ؟؟؟
فلو افترضنا قدم عمالته واستمرارها لكان بإمكانه أن يخدم أمريكا ويهود دون أن تسيل قطرة دم واحدة ودون أن يتعرض لكل ما تعرض له
فما الحكمة من هذا الخيار ؟؟؟
ولم هذا الطريق الطويل ؟؟؟
خوفا من الجماهير العربية والإسلامية ؟؟؟
سيقتلني الضحك حزنا على حالهم فماذا فعلوا للعملاء الذين تعج المنطقة بهم ؟؟؟


بعضهم دمر مدنا على أهلها ، فمن حاسبه ؟؟؟
وكلهم تعاونوا مع أعداء الأمة ونفذوا مخططاتها وأباحوا كل تراب بلاد الإسلام الطاهر لكل خنازير الدنيا فمن حاسبهم ؟؟؟

ولو سألت أيا ممن يروجون لهذا الاحتمال عن شواهده لكان الجواب محدودا في افتراض انهيار الجيش الشامل كتفسير لما أثبتنا بأنه انسحاب منظم

إذ لا بد من وجود شواهد مادية لا تختلف كثيرا عن تلك المذكورة في تشخيص احتمال انهيار الجيش بل إنها أشد في نسبة المأسورين والمنضمين للأمريكان من جيش العراق وكذلك في حجم الغنائم التي تقع بأيدي الأمريكان من سلاح العراق

قد يقول البعض بأنه لم يكن بالأصل عميلا ولكنه عندما أحس بقرب النهاية ضعف وساوم وباع لينجو برأسه

ولو افترضنا ذلك أفلا يحق لنا أن نتساءل :

كيف تقبل أمريكا أن تبيع انتصارها المفترض أو أن تهزه مرة ثانية بقصة قيادات تعجز عن الإمساك بها (المرة الأولى في أفغانستان) ؟؟؟
ثم هل تفلته أمريكا ، وإن فعلت فهل تفلت كل القيادات السياسية والعسكرية بل وجيشه كاملا ؟؟؟
ثم إن قبلت وعاهدته على ذلك فهل هي ممن يوفون العهد وخاصة إذا كان سريا كهذا المفترض ؟؟؟


إذا فهل تمت خيانة صدام من قبل بعض القيادات العسكرية ؟؟؟
فأين تلك القيادات التي خانته ؟؟؟
ولم لم يظهرها الإعلام الأمريكي بلسانه الأمريكي أو حتى بلسانه العربي (فضائيات العرب) لتنادي بالاستسلام ولتؤلف القصص والحكايا على فشل النظام ولتفضح ممارساته ……
ولا يخفى على أحد اهتمام الأمريكيين بالحرب الإعلامية ، بل قد تقفز لتحتل نسبة هائلة من فعاليات الحرب
فلماذا قصر الأمريكان في استغلال خونة كان بإمكانهم الإمعان في تصوير فشل النظام وهزيمته
ولكم أن تطلقوا العنان لخيالكم ليروي لكم كيف يمكن لخائن مفترض ذو منصب عسكري رفيع أن يشوه الحقائق وكيف يمكنه أن يسهم في تضليل الناس والدعاية لأمريكا وانتصارها في الحرب
فهل شاهدتم شيئا من ذلك ؟؟؟
وهل تتوقعون من أمريكا أن توفر شيئا كهذا ؟؟؟

ثم
لقد تحدث الأمريكان عن ماهر السفياني وعن بعض من قيادات الحرس الجمهوري ، فهل رآهم أحد غير الأمريكان ؟؟؟
لم لا يكون هذا المتهم قد استشهد وعلمت أمريكا بذلك فقررت اتهام من لا يمكنه الدفاع عن نفسه .


ألا ترون معي أن هذا كله يدعم فرضية الانسحاب المنظم بل ويجعلها هي الاستراتيجية الحقيقية للمعركة

إذا فلماذا كانت المقاومة الشرسة في بداية الحرب ؟؟؟
ولماذا في أول التماس (أم قصر) ؟؟؟
ولماذا كانت حرب الأسابيع الثلاثة ؟؟؟

إن كل ذلك هو أحد أهم مقومات الانسحاب المنظم الذي يمكننا تصنيفه على أنه كر أو انحياز ، وذلك كما أوضحنا في مثال معركة مؤتة وكما حدث في حرب أفغانستان

ويدعم ذلك في حالة العراق أقوى الشواهد التي أسقطنا بها عددا من الاحتمالات الأخرى ومن ذلك :
1- عدم وجود دفاعات فعالة على شكل أطواق متعددة تعمل على حماية بغداد أو على تأخير وصول الأمريكان لها على الأقل.
2- تحدي الأمريكان بأسوار بغداد والاستمرار بذلك .
3- عدم إشراك الكثير من قطعات الحرس الجمهوري في القتال
4- عدم استخدام الكثير من أسلحة العراق الثقيلة


ولو تمعنا في دوافع ذلك لوجدناها تصب في العمل على تجنب المواجهات المكشوفة الخاسرة (بفعل الطيران)
تجنيب المدن والمدنيين القصف الصاروخي المجرم من آلة الحرب الأمريكية
استدراج الأمريكان لانتشار أوسع في كل العراق ، وخاصة في بغداد
محاولة إيهام الأمريكان نجاح خطتهم ليسترخوا

والعجيب بعد كل هذا أمرين هما :
1-توقيت الانسحاب كان بعد ضربة الإعلاميين والمراسلين ، ولنا وقفة مع هذا في الجزء الرابع
2-صدور أوامر مشددة للأمريكيين من قيادتهم بعدم التوسع في الانتشار في المدن والاكتفاء بالمرابطة خارجها


يتبع إن شاء الله …….
__________________
الشعب الذي يرفض دفع ضريبة عزه من دماء خيرة أبنائه يدفع أضعاف أضعافها ضريبة لذله من دماء كل أبنائه