عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 23-09-2005, 04:06 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

تعليق يحتاج الوقوف قليلا :


اطلع أحد أصدقائي على ما أكتب في هذا المجال .. ووصل الى ما وصلت اليه في موضوع المصالحة . فما كان منه الا ان ابتسم وتطلع نحوي ، ولم يقل شيئا ، لكن استنتجت من ابتسامته الماكرة أنه قد اتهمني بأني في طريقي لأصبح طوباويا ( حالما) .. فبادلته الابتسامة .. متسائلا عن عدم تأييده لما قرأ ..

لقد دخل في موضوع ، لم أكن قد وضعته بالحسبان ، و أنا أحاول أن أنتهج أسلوبا مبسطا ، لطرح مادة للتفكير أمام القراء .. لقد فاجأني بعامل ، نحس به دون أن نراه واضحا ، بل نرى آثاره ماثلة عند قطاعات واسعة من أبناء الأمة .

استهل حديثه بإضافة عامل من عوامل الوحدة العربية .. وأنهاه بلكن .. لقد قال هل تعلم أنني أؤمن بأن الصحراء هي أحد عوامل الوحدة العربية ، أو على الأقل أحد عوامل القومية العربية .. لم ينتظر مني تساؤلا .. بل أضاف : لا تكاد مدينة عربية أن تبعد عن الصحراء أكثر من مائة كيلومتر .. وهذا مما جعل أثر الصحراء ماثلا على كل أبناء الأمة .. وعليه فإن مشروع المصالحة ، سيكون صعبا ان لم أجزم بأنه مستحيل ..

فيضيف ، ان الثنائيات المتضادة ، تؤثر تأثيرا هائلا على رؤى العرب ، فأثر قلة الماء جعل الصراع عليه شبه أزلي .. فقد كانت معظم صراعات العرب و هجراتهم قبل الاسلام نابع من الماء كمصدر للحياة ومصدر للصراع عند العرب .
فالعطش الشديد أوجد للماء طعم مختلف عما هو عليه عند أبناء الراين والدانوب ، فالتوجس من مشاركة الآخرين في ماء قليل ، جعلت العرب يهاجرون مسافات طويلة ، ولكن مع ذلك كانت الصحراء تمثل لهم مرجعا ووحيا لا يبتعدون عنه ، كما هي المركبة الفضائية تعتبر مرجعا لرواد الفضاء بابتعادهم عن الأرض .

لقد نفذ صبري .. فقلت له .. وما علاقة ما تقول بما أقترح في موضوع المصالحة ؟
عاد وابتسم ، و أخذ نفسا عميقا ثم قال : ان العلاقة وطيدة وواضحة .. شخصيتنا العربية مجبولة على الثنائية .. لقد أثر بها الاسلام لقرن أو اثنين أو ثلاثة في تهذيبها .. ثم عادت تلك الثنائية ، وما زالت ماثلة حتى اليوم ..

لن يقبل أحدنا بالآخر .. بل ينبذه ويتضاد معه .. فمن ليس معنا هو ضدنا .. لم يكتشف تلك المقولة بوش .. بل أجدادنا الذين خسروا خراسان و الأندلس وغيرها من البقاع ولا يزالوا يخسرون ..بفعل اختراعهم ثنائيات ( عدنان ـ قحطان ) .. واليوم أحفادهم يتفننون باختراع تلك الثنائيات ..

انظر : وطني عميل .. مسلم ملحد .. تقدمي رجعي .. يساري يميني .. متنور جاهل .. يصفن متأسيا .. ثم يسأل : هل تعتقد أن بلدا تنتج بمائة مليار دولار ، من النفط سيكون حاكمها عميلا ؟ ولمن ؟ .. هل تعتقد أن أحد يصلي ويصوم ويخرج زكاته ويحج البيت وطبعا هو يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله .. ان هذا الشخص اذا حاول ترشيد أو التفكير بالدور العملي للدين : تقوم عليه قيامة بعض المدعين بالحرص على الأمة بأنه خارج الملة وعلماني ، وملحد وكأنهم وكلاء الله في الأرض .. ان تلك الثنائيات يا عزيزي تحتاج مزيدا من الوقت والتمهيد لها حتى يستطيع هؤلاء أن يبدءوا حوارا مع بعض ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس