عرض مشاركة مفردة
  #27  
قديم 15-02-2004, 04:55 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

وذلك أن القاعدة أن لفظ الكفر إذا جاء في النصوص فإنه يأتي على وجهين:
الوجه الأول : يأتي مُعرَّفًا، والوجه الثاني يأتي منكراً بلا تعريف، فإذا أتى منكراً فإنه يكون معناه الكفر الأصغر، وإذا أتى معرفا فتكون (ال) فيه إما للعهد: عهد الكفر الأكبر … العهد الشرعي في ذلك ، وإما أن تكون للاستغراق، يعني: استغراق أنواع الكفر .
مثلاً- في الكفر المنكَّر قال -عليه الصلاة والسلام-: ( ثنتان في الناس هما بهم كُفْرٌ: الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت ) ( ثنتان في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن ) هذا حديث آخر .
قال أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم أعناق بعض ) وأشباه ذلك مِن ذكر كلمة الكفر مُنَكَّرَة (كفر) .
فإذا قيل في الكفر: كفر، فهذا الأصل فيه أنه كفر أصغر؛ لأن الشارع جعله منكراً في الإثبات، وإذا كان منكرا في الإثبات فإنه لا يعم، كما هو معلوم في قواعد الأصول، أما إذا أتى معرَّفاً فإن المقصود به الكفر الأكبر.
فإذًا نقول: الصحيح أن ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً كفر أكبر، لكن كفره باطن وليس كفره ظاهرا، وليس بباطن وظاهر جميعاً حتى يثبت عند القاضي؛ لأنه قد يكون له شبهة من خلاف أو فهم أو نحو ذلك.
ولهذا لا يحكم بردة من ترك الصلاة بمجرد تركه، وإنما يطلق على الجنس أن مَن ترك الصلاة فهو كافر الكفر الأكبر، وأما المعيَّن فإن الحكم عليه بالكفر وتنزيل أحكام الكفر كلها عليه هذا لا بد فيه من حكم قاضٍ يدرأ عنه الشبهة ويستتيبه حتى يؤدي ذلك.
وهذا هو المعتمد عند جمهور أهل السنة -كما ذكرت لك-، وغير الصلاة الأمر على عكس ما ذكرت .
جمهور أهل السنة على أن مَن ترك الزكاة تهاوناً وكسلاً أو من ترك الصيام أو من ترك الحج فإنه لا يكفر بتركها تهاوناً وكسلاً؛ لأنه ما دل الدليل على ذلك
وقالت طائفة من أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم: إن من ترك بعض هذه أنه كافر على خلاف بينهم في ذلك.
فعمر رضي الله عنه ظاهر قوله: أن ترك الحج مع القدرة عليه ووجود الاستطاعة المالية والبدنية أنه كفر، حيث قال لعماله في الأمصار: أن يكتبوا له مَن وجد سعة من المسلمين ثم لم يحجوا أن تضرب عليهم الجزية، قال: ما هم بمسلمين … ما هم بمسلمين.
وكَفَّر -أيضاً- بعض الصحابة كابن مسعود مَن ترك الزكاة تهاوناً وكسلاً، وهذا خلاف ما عليه الجمهور -جمهور الصحابة- ومن بعدهم في أن من تركها بلا امتناع وإنما ترك الزكاة أو ترك الصيام أو ترك الحج تهاوناً منه أنه لا يكفر، ومنهم من قال بكفره يعني: على عكس مسألة الصلاة .
فنقول: إذًا مسألة الصلاة الجمهور -جمهور أهل السنة- على تكفير من تركها تهاوناً وكسلاً .
وهناك من أهل السنة من لم يكفِّر من تركها تهاوناً وكسلاً ، وبقية الثلاثة الأركان العملية جمهور أهل السنة على أنه لا يكفر وهناك من كفَّره.
هذه الأركان منقسمة إلى ثلاثة أقسام، وخصت بالذكر لعظم مقامها في هذه الشريعة وعظم أثرها على العبد.
فالشهادتان نصيب القلب والإيمان، فبهما يتحقق الإيمان الذي هو أصل الاعتقاد والعمل، والصلاة عبادة بدنية محضة، والزكاة عبادة مالية محضة، والحج مركب من العبادة المالية والعبادة البدنية، وصوم رمضان عبادة بدنية محضة.
لهذا قال طائفة من المحققين من أهل العلم: إنه جاء في هذه الرواية تقديم الحج على الصوم فقال: ( وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ) وصوم رمضان في بقية الروايات قدم على الحج فقال: ( وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) .
وسبب تقديم الحج على الصيام: أن الأمر على ما ذكرت لك من أن الصوم من حيث جنس دلالته مُمَثَّلٌ في الصلاة، فالصلاة حق البدن المحض يعني: عبادة وجبت وتعلقت بالبدن محضة، والزكاة عبادة تعلقت بالمال محضة، والحج عبادة تركبت من المال والبدن فصارت قسماً ثالثاً مستقلاً، وأما الصوم فهو من حيث هذا الاعتبار مكرر للصلاة، وعلى هذا الفهم بنى البخاري -رحمه الله تعالى- صحيحه فجعل كتاب الحج مقدما على كتاب الصوم؛ لأجل أن الحج عبادة مركبة من المال والبدن؛ فهي جنس من حيث هذا الاعتبار جديد، والصيام جنس سبق مثله وهو إقام الصلاة .

إنتهى شرح الديث الثالث

تحياتي

__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }