الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #93  
قديم 04-09-2006, 03:47 PM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-449-

المبحث الثالث
حلف مشبوه
ظهر الى الوجود بعد نجاح الثورة الخمينية تكتل مشبوه بين ايران وكل من سورية والجزائر وليبيا ومنظمة التحرير .
وأثار هذا الحلف الجديد مجموعة من الأسئلة نختار منها ما يلي :

_ ما الذي يربط هذه الدول بايران وخاصة دول المغرب العربي ؟! .
_ الجزائر علمانية تحارب الاسلام والمسلمين ، وايران تزعم بأنها اسلامية فكيف نجمع بين اسلامية الخميني وعلمانية من جديد ؟؟! .
_ كيف تختلف الدول العربية في هذا الحلف فيما بينها وتتفق على ايران الخميني ؟! .
_ اذا كانت الثورة هي القاسم المشترك بين هذه الدول فأين العراق والسودان واليمن الجنوبي من هذا الحلف ؟! .

الصحف العربية التي تعرضت لهذا الموضوع قالت بأن الجزائر وقفت مع كل من سورية وايران لأن العراق وقفت مع المغرب ، وأما ليبيا ركبت هذه الموجة لتأخذ حسن سلوك من الخميني وتتخلص من مشكلة الصدر .

وأقوال الصحف العربية ليست مقنعة ، فالعراق ليست متحمسة للمغرب ضد الجزائر ، ولو بدر من العراق ميل نحو المغرب لكانت الجزائر قادرة على حل الموضوع بالحوار والاقناع وفي نهاية المطاف تبقى الجزائر الاشتراكية أقرب الى العراق من المغرب الملكية .

-450-

وأما ليبيا فصحيح أن قضية الصدر تقلق القذافي ولكن تعاونه مع جماعة الخميني وعطفه عليهم كان قبل تورطه في مشكلة الصدر ، بل ان هذا التورط جاء نتيجة لمجموعة من الأخطاء في التعامل ومنها أن الصدر ما كان يتقيد بالاتفاقات التي كانت تتم بينه وبين القذافي ، وليس سرا من الأسرار أن نقول بأن ثوار الخميني كانوا يتدربون في ليبيا ، ويتلقون المساعدات المادية وغير المادية من نظام القذافي ، وأن صادق قطب زادة هو المسؤول لدى أنصار الخميني عن اتصالاتهم مع القذافي .

أعلن شاه ايران عن هذه الحقيقة عدة مرات أثناء حكمه ، كما تحدثت دوائر المخابرات الغربية عن صلات زادة مع القذافي ، وسردنا الخبر عند حديثنا عن صادق قطب زادة ، وأخير ذكر هذه الحقيقة كلها ابراهيم يزدي وزير الخارجية فقال كانت ليبيا تدرب بعض ثوارنا"1" .

لهذا ولغيره نرفض الرأي القائل بأن حماسة ليبيا لثورة الخميني من أجل أن تتخلص من ورطة الصدر .. وبعد هذا نسجل فيما يلي ملاحظاتنا عن الصلة التي تربط ايران بكل من هذه الدول :

سورية :
تحدثنا في فصل خاص عن أسرار تقارب سورية النصيرية مع الرافضة بشكل عام وايران بشكل أخص ، فقيادة الثورة الخمينية ترى أن النصيرية من الشيعة واذن فآمالهم وآلامهم وأهدافهم واعتقادهم واحد في كل من البلدين ، ولم يعد مستغربا أن تقف سورية النصيرية مع شيعة لبنان ومع ثوار الخميني ضد العراق والخليج .

(1) انظر مجلة الشهيد الايرانية العدد 26 تاريخ 4/11/1399 .
-451-

منظمة التحرير :
هناك أسباب تدعو قادة منظمة التحرير الى التعاون مع قادة الثورة الايراينة ومنها :
خلافهم مع العراق ، وتحالفهم مع ايران من جهة وسورية من جهة أخرى يحرج موقف العراقيين الذين تحالفوا مع بعض فصائل المنظمة ضد فتح .

ومنها حرص المنظمة على تطويق حكام الخليج والضغط عليهم ليستمروا في دفع الأتاوات لهم ، ولتبقى منطقة الخليج مورد رزق للفلسطينيين بشكل عام ، وحتى لا يتخذ حكام الخليج موقفا لا ترضاه المنظمة في لبنان ، ومن أجل أن يشعر أهل الخليج بحاجتهم الدائمة للمنظمة للتوسط بينهم وبين ايران .

وفي الاطار العالمي تستغل المنظمة تحالفها مع ايران كورقة تضغط بها على الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية واسرائيل لعل هذه الدول تعترف بها ، وتساعدها في تحقيق دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة أو في جزء من هذه الأرض . ولهذا كان وفد منظمة التحرير أول وفد في العالم يصل طهران بعد نجاح الثورة ، وكان ياسر عرفات على رأس هذا الوفد وراح يعانق الخميني ويمطره بقبلاته ، والعناق هواية عرفات المفضلة ، وخاطب الخميني قائلا :

( ان ثورة ايران ليست ملكا للشعب الايراني فقط .. إنها ثورتنا أيضا فنحن نعتبر الامام الخميني ثائرنا ومرشدنا الأول الذي يلقي بظله ليس على ايران فحسب بل على الأماكن المقدسة والمسجد الأقصى في القدس"1" .


(1) الغارديان 21/2/1979 ترجمة الصحف العربية .

-452-

والتعاون مع منظمة التحرير له أهداف أخرى عند قادة الثورة الايرانية أهمها :
استفاد شيعة الخميني من المنظمة كثيرا قبل سقوط الشاه . لقد قامت المنظمة بتدريبهم على السلاح والقتال وقدمت لهم مساعدات مالية وشحنات أسلحة ، وبعد سقوط
الشاه وجد ثوار الخميني أن أفضل شعار يلجأون إليه من أجل الزحف على البلدان العربية : المناداة بتحرير القدس وفلسطين ..

لا يستطيع حكام قم وطهران أن يكاشفوا الناس بحقيقة أطماعهم ويقولوا لهم : نريد تثبيت الحكم النصيري في سورية ، ونريد الاطاحة بصدام حسين لتكون العراق بأيدي الشيعة ، ونريد الخليج وشبه الجزيرة العربية لنعيد امجاد القرامطة ، ونريد ان نعيد الحكم العبيدي الى ربوع مصر .

لا يستطيع الشيعة أن يسموا الأمور الأمور بمسمياتها ولهذا يقولون : نريد تحرير القدس وفلسطين وأن يكون أمر هذه الأمة للمحرومين _ أي الشيعة _ .

وسادة قم يحركون منظمة التحرير كما كان كسرى يحرك المناذرة من قبل والعكس غير جائز مطلقا . لقد حاول قادة المنظمة أن يستغلوا قضية احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية فيتوسطوا بين كارتر والخميني ولكن الأخير أغلق الأبواب بوجوههم ورد عليه أشد رد وأقبحه .

ويعلم ثوار الخميني أنه ما من طاغوت عربي إلا وقد استغل الفلسطينيين وقضية فلسطين ، وأن قادة وكوادر المنظمة لم تأخذ العبرة من استغلال البعثيين والشيوعيين والناصريين لهم .



-453-

والمنظمة مستعدة أن تسير مع حكام طهران الجدد الى نهاية الشوط ولو أعادوا لهم ذكريات تل الزعتر وجسر الباشا ، ومجازر صيدا والبقاع ولا ندري الى متى سيبقى هذا البوم _ عرفات _ ينعق أمام الفلسطينيين المسلمين ويقودهم الى هلاك ؟!

ليبيا :
معظم الذين يراقبون أحداث المنطقة السياسية كانوا يرون استحالة عودة العلاقات الليبية الايرانية بعد مجيء الخميني الى السلطة لأن في ايران ولبنان وسائر البلدان يتهمون القذافي باحتجاز الصدر في مكان ما من الصحراء أو بقتله ومن معه .

وفعلا حاول القذافي أن يزور طهران مهنئا فلم يسمح له بل حاول بعض من المتطوعين الايرانيين أن يسافروا الى طرابلس الغرب متظاهرين وباحثين عن الصدر فمنعتهم السلطة الايرانية ، وقامت حوادث مشابهة في لبنان فأخمدت .

ويبدو أن هناك جهودا كانت تبذل من وراء الستار ، كشف صادق المهدي شيئا منها في لقاءاته مع الصحف [ انظر المستقبل العدد 151 تاريخ 12_12_1980 ] . وهناك أشياء لم تكشف وان كان لها علائم كصلات القذافي مع بعض قادة الثورة الخمينية ، وأن الثوار ليسوا مجتمعين على رأي واحد في قضية الصدر .

ونتيجة لجميع هذه الأسباب قام عبد السلام جلود بزيارة ايران ، واستمرت الزيارة اثني عشر يوما ، وكان يرافق رئيس الوزراء الليببي خمسة وخمسون مسؤولا ليبيا ، وفي اجتماع مغلق !! بين الوفد الليبي وكوادر الحزب الجمهوري الاسلامي _ حزب الخميني _ ألقى جلود خطبة استمرت أكثر من ساعة وكان مما قاله :


-454-

( .. لقد جئنا لنضع الثورتين في تحالف استراتيجي حقيقي لاستئناف الاسلام لدوره الحضاري ) وتنكر للقومية العربية فقال :
( عندما قامت ثورتنا قلنا أنها اسلامية ، وقد لامنا العرب وقالوا يجب أن تقولوا أنها قومية !! ولكننا قلنا لا لأن ثورتنا اسلامية .

ثم أشار الى حسن علاقتهم مع شيعة لبنان ، وأنه من اجل مساعدتهم كانوا يشترون منهم التبغ والزيتون في جنوب لبنان .. فقال :
( قلنا إن المسلمين سنة وشيعة يجب أن يكونوا قوة واحدة ضد بعض المسيحيين في لبنان لأن الصهيونية والسادات وأمريكا والمسيحيين يريدون انهاء الثورة الفلسطينية وتجريدها من بندقيتها ) .

وأضاف قائلا :
( لقد كنا نشتري التبغ والزيتون في جنوب لبنان لمساعدة السكان على الصمود ) .

ثم كشف جلود عن سر خطير عندما قال :
( لقد انتصرتم لأنكم ورثتم الشهادة عن علي والحسين وهذا سر قوتكم .
ونحن هناك _ في الجاهيرية _ متأثرون بالدولة الفاطمية وان لم نكن شيعة فإننا أقرب الناس إليهم والمذهب الشيعي أكثر تقدمية من المذاهب الأخرى ) .

نقلت صحيفة الوطن بعض أسرار هذا اللقاء المغلق ، ولعلها الصحيفة العربية الوحيدة التي تواجدت في هذا اللقاء . انظر العدد الصادر في (1) يونيو 1979 .



-455-

والملاحظة الأولى على خطبة جلود أنه قال كلاما لا يعترف به ثوار طرابلس في أجهزة اعلامهم وفي أنديتهم وجلساتهم العلنية العامة ومن ذلك قوله :
( ان الصهيونية والسادات وأمريكا والمسيحيين يريدون انهاء الثورة الفلسطينية وتجريدها من بندقيتها ) . فبين القذافي والبابا والنصارى لقاءات وتعاون ودعوات الى التقارب .

أما الملاحظة الثانية والرئيسية فاعترف جلود بأن نظامهم متأثر بالدولة الفاطمية ، وإيمانه بأن المذهب الشيعي أكثر تقدمية من المذاهب الأخرى !! ، وأن سبب انتصار ثوار الخميني أنهم ورثوا الشهادة عن علي والحسين !!

والدولة العبيدية التي أسماها جلود الفاطمية قال عنها السيوطي :
( الدولة الخبيثة العبيدية ) .

وقال الذهبي عن حكامها :
( فكانوا أربعة عشر متخلفا ، لا مستخلفا ) .
انظر تاريخ الخلفاء السيوطي ص524 .

وقد أجمع علماء المسلمين من سلف هذه الأمة أن دولة العبيديين باطنية كافرة .

_ لماذا أنكر معمر القذافي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزعم أنه لا يجوز أن يقول المسلمون عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأن في الصلاة عليه دعوة إلى تأليهه وتعظيمه وهو بشر ؟!