عرض مشاركة مفردة
  #47  
قديم 18-01-2006, 06:45 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الفصل العاشر

المناهج الدراسية والكتب


أولاً : المناهج الدراسية في المدرسة القديمة .
ثانياً : تطور المناهج الدراسية في العصر الحديث .


*******************

أولاً : المناهج الدراسية في المدرسة القديمة :


يشهد عصرنا الحاضر تطوراً كبيراً في أساليب التربية والتعليم قلب المفاهيم السائدة رأساً على عقب ،فبعد أن كان الكتاب والمعلم ، وهو لا يزال مع شديد الأسف في الكثير من البلدان النامية هما المحور الذي تدور حوله عملية التربية والتعليم ، وجلّ هم المدرسة حشو أدمغة التلاميذ بالمعلومات النظرية التي تتضمنها الكتب المقررة من قبل وزارات التربية والتعليم ، والتي ليس لها علاقة بواقع حياتهم ، ولا صلة تربطها بالمجتمع ، وإجبار التلاميذ على استيعابها بكل الوسائل ومنها بكل تأكيد القسرية ، بما فيها العقاب البدني ،لكي يتم حفظها عن ظهر قلب ، وتأدية الامتحانات فيها .
لكن تلك المعلومات التي اُجبر على حفظها لا تلبث أن تتبخر من أذهانهم لأن التلميذ ينسى بسرعة ما تعلمه ، لكنه يذكر دائماً ما وجده بنفسه ، وإن التعلم الحقيقي هو أن يقوم التلميذ نفسه بتجاربه فهو يفهم أكثر إذا عمل بدل أن يصغي و يقرأ ، وإن كل المعارف التي يتلقاها التلميذ عن طريق الترديد والتلقين لا تعتبر معارف حقيقية ، فقد تكون الخطورة في الترديد من دون الفهم ، وقد يكون الفهم خاطئاً وهو ما يعتبر اخطر من الجهل كما يقول أفلاطون .

إن من الضروري أن يتملك التلميذ المعرفة ، ويمتصها بكيانه كله ،وبفكره وتجربته ،لكنه يعجز عن ذلك إذا لم نتح له الوقت المناسب ليدرسها ، وليستعيدها لنفسه وحسابه الخاص ، ولا يشك أحد أن معرفة كهذه هي أبقى من معرفة تلقن تلقيناً ، لأنها تبقى أبداً في حالة

استعداد لمجابهة مواقف ومشاكل أخرى حتى ولو نسيتها الذاكرة لأنها تتيح للتلميذ فرصة توسيع إمكانياته .

لقد أهملت المدرسة القديمة ميول ورغبات وغرائز الأطفال ، وضرورة إشباعها وتشذيبها وصقلها وأهملت ضرورة فسح المجال لإظهار التلميذ لقدراته وقابليته في مختلف الفنون الموسيقية والغنائية والتمثيلية ، وأهملت ضرورة إعطائه المجال الواسع للعب وإظهار طاقاته البدنية المكبوتة، واعتُبرت مسائل ثانوية في نظر القائمين على التربية لا تستحق الاهتمام.

ولقد أجاد المربي الكبير [ جون ديوي ] في كتابه [ المدرسة والمجتمع ] في وصف واقع المدرسة القديمة قائلاً:

{ لكي أوضح النقاط الشائعة في التربية القديمة بسلبيتها في الاتجاه ،وميكانيكيتها في حشد الأطفال ، وتجانسها في المناهج والطريقة ، من الممكن أن يلخص كل ذلك بالقول بأن مركز الجاذبية واقع خارج نطاق الطفل ، إنه في المعلم وفي الكتاب المدرسي، بل قل في أي مكان تشاء عدى أن يكون في غرائز الطفل وفعالياته بصورة مباشرة ، وعلى تلك الأسس فليس هناك ما يقال عن حياة الطفل ، وقد يمكن ذكر الكثير عما يدرسه الطفل ، إلا أن المدرسة ليست المكان الذي يعيش فيه ، وفي الوقت الحاضر نرى أن التغيير المقبل في تربيتنا هو تحول مركز الجاذبية ، فهو تغير أو ثورة ليست غريبة عن تلك التي أحدثها كوبر نيكوس عندما تحول المركز الفلكي من الأرض إلى الشمس ، ففي هذه الحالة يصبح الطفل الشمس التي تدور حولها تطبيقات التربية ، وهو المركز الذي ننظمها حوله }.

أما العالم الشهير [ جان جاك رسو ] فقد دعا في عصره إلى إجراء التغيير الجذري في مناهج المدرسة قائلاً :

{ حولوا انتباه تلميذكم إلى ظواهر طبيعية ، فيصبح اشد فضولاً ، ولكن لا تتعجلوا في إرضاء هذا الفضول . ضعوا الأسئلة في متناوله، ودعوه يجيب عليها ، ليعلم ما يعلم ، ليس لأنكم قلتموه له ، بل لأنه فهمه بنفسه ، ليكشف العلم بدلاً من أن يحفظه ، فعندما يجبر على أن يتعلم بذاته فإنه يستعمل عقله بدلاً من أن يعتمد على عقل غيره . فمن هذا التمرين المتواصل يجب أن تنتج قوة عقلية تشابه القوة التي يعطيها العمل والتعب للجسم . إن الإنسان يتقدم بالنسبة لقواه ، وكذلك الفكر فإنه مثل الجسد لا يحمل إلا ما وسع من طاقته } .

وهكذا إذاً ،كانت الدعوات من قبل العلماء والمفكرين تتوالى لإعادة النظر في المناهج الدراسية والتربوية من أجل تحويل المدرسة إلى صورة مصغرة من المجتمع الكبير المشذب والمهذب ، لكي يمارس التلاميذ حياتهم الفعلية فيها ، ويستنبطوا الحقائق بأنفسهم ، وليصبح الكتاب والمعلم عاملين مساعدين في تحقيق ما نصبو إليه في تربية أجيالنا الصاعدة ، ولتصبح المدرسة هي الحياة بالنسبة لهم ، وليست إعداداً للحياة ، حيث يمارس التلاميذ داخل مدرستهم مختلف أنواع المهن الموجودة في المجتمع الكبير ، ويمارسون كل هواياتهم الفنية ،والرياضية، والموسيقية ،وغيرها من الهوايات الأخرى .وبكل ثقة نستطيع أن نقول أنهم بهذا الأسلوب سوف يطلقون قدراتهم الذاتية في الاستطلاع،

والفهم، والاستيعاب ،واستنباط الحقائق بأنفسهم ،خيراً ألف مرة من تلقينهم الدروس المحددة والجامدة والتي لا تغنيهم شيئاً ولا تلبث أن تطير من أذهانهم .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
الرد مع إقتباس