عرض مشاركة مفردة
  #28  
قديم 05-06-2007, 11:49 PM
جهراوي جهراوي غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 309
إفتراضي


البرنامج اليومي من الصباح وحتى المساء
شجع المعتقلون بعضهم بعضا على تنظيم الوقت واستغلاله الاستغلال الأمثل لما في ذلك من رفع للمعنويات وطرد للهموم ووساوس الشطان. فكان البرنامج اليومي حافلاً بالفقرات، فيبدأ بصلاة الفجر ثم الأذكار والتسبيح حتى الشروق ثم نصلي صلاة الضحى حتى وقت الإفطار، ومن بعد الإفطار يبدأ برنامج حفظ القرآن والتلاوة والمراجعة والتسميع. ثم نقوم بمزاولة بعض التمارين الرياضية في المساحة المتاحة لنا داخل الزنزانة، ثم تبدأ فقرة التواصل والدردشة بين المعتقلين حتى وقت صلاة الظهر ثم الغداء ثم القيلولة وأخذ قسط من الراحة حتى وقت صلاة العصر. ومن بعد صلاة العصر يبدأ البرنامج الرياضي والثقافي حيث نقوم بحفظ بعض الأحاديث النبوية والأشعار والأقوال، ثم نبدأ بتلاوة أذكار المساء المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقت صلاة المغرب. ومن بعد الصلاة تبدأ البرامج العامة في كل عنبر كالنشيد الجماعي والاستماع إلى الكلمات والمواعظ والدروس الفقهية وغيرها من العلوم الشرعية التي يقدمها بعض طلبة العلم حتى صلاة العشاء. وبعد الصلاة تبدأ فترة الهدوء والاستعداد للنوم حتى نقوى على قيام الليل قبل صلاة الفجر. وكان بعض المعتقلين يتسامرون بعد صلاة العشاء لفترة وجيزة ويتحدثون عن مشاريعهم المستقبلية بعد الخروج من المعتقل، فلم يكن هناك مكان لليأس في قلوب المعتقلين، بل كان الجميع على ثقة ويقين بأن السجن وإن طال فإن الله لن ينسانا، ولا بد من بصيص نور في نهاية النفق المظلم. وقد كان هذا البرنامج الحافل والجلسات الجانبية مع الأخوة جميلاً ومفيداً ورافعاً للروح المعنوية لنا جميعاً.

المحامين
استلمت رسالة من أحد مكاتب المحاماة الأمريكية تعرف بالمكتب والأنشطة القانونية التي يقومون بها، وأنهم يودون تمثيلنا والترافع لصالحنا أمام المحاكم الأمريكية بشكل تطوعي، وقد أخبروني بأنهم سيرسلون لي اثنين من المحامين التابعين لهم للتعريف أكثر بالمكتب ولأخذ موافقتي الرسمية على الترافع عني وتدوين إفادتي عن كيفية الاعتقال والتهم الموجهة لي من قبل المحققين الأمريكيين. وفعلا فقد قام اثنان من المحامين بزيارتي في المعتقل في سبتمبر 2004م. وعندما جاء المحاميان عرفوني بأنفسهم وأكدوا التعريف بالمهمة التي حضروا من أجلها، ثم ذكروا لي أنهم يودون التحدث معي بإسهاب عن قضيتي حتى يتسنى لهم الدفاع عني. فقلت لهم بأنني أود الاطلاع على ما يثبت أنهما المحاميان اللذان ورد اسماهما في الرسالة فأخرجا لي بطاقة التعريف، فقلت لهم بأنني أود أن أرى أي بطاقة رسمية أو جواز سفر أو رخصة السياقة للتحقق أكثر من هويتهم، فأخرجا لي بطاقاتهما، ولما تيقنت أنهما المحاميان المعنيان وافقت على بدء التعامل معهما وأخبرتهما عن قصتي باختصار من يوم دخولي أفغانستان وحتى ساعة اعتقالي.
تكررت زيارة المحامين لي خمس مرات خلال فترة الاعتقال الأولى في عام 2004 والزيارات الأربع التالية في عام 2005. وكان المحامون في تلك الزيارات يخبرونني بتطورات سير القضية في المحاكم الأمريكية، وأنهم متفائلون بكسب القضية لصالحنا، وأن قضيتي قد عرضت على المحكمة الأمريكية الأولى وانتهت لصالحي، وأنهم ينتظرون نتيجة القضية في المحكمة المتوسطة. كان المحامون مؤدبين ومحترمين وكانوا يودون خدمتنا وتوصيل ما نرغب من أخبار شفهية لأهلنا حيث لم يكن يسمح لهم بإحضار أية أشياء لنا من كتب أو ملابس أو رسائل من أهلنا، كما كانوا يقولون بأن إدارة المعتقل تفرض على المحامين أن يفصحوا لهم عن أي قضايا تدور أو تناقش بينهم وبين المعتقلين. كما أخبرنا المحامون بأن هناك حقوق مقررة لنا كمعتقلين ولكن إدارة المعتقل تحرمنا من معرفتها، بل وتحاول أن تضيق على المحامين حتى يتركوا القضية.
كنت أخشى أن يكون هذان المحاميان من عملاء مكتب التحقيقات وأنهما يقومان بتمثيل دور المحامي، حيث لم يكن من السهل أن أثق بأي أحد من الأمريكان بعد المعاناة التي عشتها في قبضتهم طوال هذه السنوات. كما كنت أجزم في فترة من الفترات أن مسألة المحامين هي جزء من المسرحية الإعلامية التي تمارسها الإدارة الأمريكية على المجتمع الدولي سواء بعلمهم أو بدون علمهم بغرض تخفيف الضغط الذي تتعرض له الإدارة الأمريكية، وكنت أخبر المحامين بهذا الشعور الذي ينتابني، فكانوا ينفون بشدة هذه الظنون ويقولون بأنهم يدافعون برغبة صادقة من المكتب ومنهم شخصيا.