الموضوع: صور وتعليق
عرض مشاركة مفردة
  #713  
قديم 02-05-2006, 06:30 PM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي


يأس الشباب في الجزائر يدفعهم للموت غرقا في عرض البحار

واقع مرفوض وراءهم ومستقبل مجهول أمامهم..
يأس الشباب في الجزائر يدفعهم للموت غرقا في عرض المتوسط
بقلم : عبد الحق عباس

تعتبر الهجرة غير الشرعية (أو السرية) ظاهرة عالمية موجودة في كثير من دول العالم خاصة المتقدم، لكن الهجرة إلى أوروبا أصبحت إحدى القضايا المزعجة، التي تحظى باهتمام كبير في السنوات الأخيرة، فبالرغم من تعدد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة، إلا أن الدوافع الاقتصادية تأتي في مقدمة هذه الأسباب. ويتضح ذلك من التباين الكبير في المستوى الاقتصادي بين البلدان المصدرة للمهاجرين، والتي تشهد - غالبًا - افتقارًا إلى عمليات التنمية، وقلة فرص العمل، وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة، والحاجة إلى الأيدي العاملة في الدول المستقبلة للمهاجرين.




ويلخص ذلك مقولة رئيس وزراء أسبانيا الأسبق الشهيرة: "لو كنت مواطنًا من دول الجنوب، لغامرت أكثر من مرة حتى الوصول إلى أوروبا".

حجم الظاهرة في بعض دول شمال إفريقيا

يصعب تحديد حجم الهجرة غير الشرعية نظرًا للطبيعة غير الرسمية لهذه الظاهرة، وغالبًا ما تتفاوت التقديرات التي تقدمها الجهات المختلفة لأعداد المهاجرين، وتقدر منظمة العمل الدولية حجم الهجرة السرية بما بين 10 - 15% من عدد المهاجرين في العالم والبالغ عددهم - حسب التقديرات الأخيرة للأمم المتحدة - حوالي 180 مليون شخص، وحسب منظمة الهجرة الدولية؛ فإن حجم الهجرة غير القانونية في دول الاتحاد الأوروبي يصل إلى نحو 1.5 مليون فرد.

أما عن الهجرة الشرعية، فقد ذكرت جامعة الدول العربية - في تقرير لها حول الهجرة المغاربية إلى أوروبا خلال الأربع أشهر الأولى من عام 2005 - أنه - في عام 2004 - شهدت الجالية التونسية بالخارج زيادة بلغت 6.2%، مقارنة بعام 2002، ليصل عددهم إلى 701.660 ألف مهاجر.. 58% منهم في فرنسا وحدها، وأعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن التونسية، أن عدد العاطلين في الجالية التونسية بأوروبا يبلغ حوالي 123 ألف فرد، بنسبة 28% في فرنسا، 45% في بلجيكا وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن الجالية المغربية في إيطاليا تبلغ 300 ألف شخص، كما أن 35.700 ألف مهاجر مغربي حصلوا على بطاقة الإقامة في أسبانيا، على أساس التجمع العائلي منذ بداية 2005، هذا وقدرت وزارة القوى العاملة المصرية - في إبريل 2005 - عدد المصريين المهاجرين إلى إيطاليا بشكل شرعي بحوالي 90 ألف شخص، وأن عدد المهاجرين المصريين غير الشرعيين إلى أوروبا يقدر بحوالي 460 ألف شخص، لكن مراقبين يقولون: إن الأعداد الحقيقية أكبر بكثير من الإحصائيات الرسمية.


أوروبا وأمريكا أحلام كبيرة للشباب الجزائري

تبقى دول أوروبا وشمال أميركا حلم آلاف الشبان الجزائريين على اختلاف مستوياتهم التعليمية والاجتماعية... وإذا كان أبناء الأغنياء وكبار المسؤولين في الدولة يتمكنون من دون عناء أو تعب من تحقيق أحلامهم بالاستقرار في كبريات العواصم الأوروبية، فإن أبناء الفقراء والطبقات الدنيا تواجههم جبال من القوانين والعراقيل البيروقراطية التي تقيد تحركاتهم نحو الخارج وتمنعهم من ملامسة أرض "الجنة الموعودة"، الأمر الذي جعل غالبيتهم يتحولون إلى "حراقة" يغامرون بحياتهم في رحلات الموت تلك! فطوال عقد من الزمن تواصلت رحلات "الحراقة" من دون انقطاع. المرحلة الأولى من مغامرة "الحراقة" تبدأ من الأحياء الشعبية إلى المدن الساحلية الكبرى، مثل أحياء "السكوار" و"حسين داي" و"باب الوادي" في العاصمة، أو حي "قمبيطة" في وهران، أوحي ما قبل الميناء بعنابة وبالضبط بجبل الخروبة أين تمضي مجموعات الحراقة وقتا طويلا في مراقبة السفن الوافدة والخارجة لمحيط الميناء حيث يتفاوض شبان "الحراقة" مع أعوان شبكات التهريب على قيمة السفر، كما يتفقون على أدق تفاصيله، وتسمى رحلات "الحراقة" على متن الباخرة بـ"الكالة"... والمثير في هذه الرحلات أن محطتها النهائية تكون دائماً في عرض البحر... ففي أحسن الحالات يقوم الشاب المسافر قبل وصول الباخرة إلى الميناء بإلقاء نفسه في المياه ليواصل رحلته سباحة إلى بر الأمان. وفي أسوأ الحالات لا يكون لديه الاختيار بحيث أن مصيره يكون الغرق، لتنضم جثته إلى جثث آلاف الشبان الحالمين التي تنام في قاع البحر الأبيض المتوسط.

يقول رفيق ع. (تاجر) أن كل الشبان الجزائريين يحلمون بالهجرة نحو الشمال بحثاً عن حياة أفضل، وأكد لـ"الشهاب.نت" أنه يسعى بكل الطرق إلى الاستقرار نهائياً في بريطانيا، لأنها تضمن الأمن لمواطنيها، فضلاً عن أنها تحرص على توفير كل الظروف الملائمة لعمالها، وتضمن لهم جميع حقوقهم مهما كانت جنسياتهم، على عكس الدول المتخلفة التي تتعامل مع عمالها من دون أدنى احترام.




وأضاف: "في الحقيقة أنا أتأسف لرؤية شبان في مقتبل العمر يغامرون بحياتهم من أجل العيش في أوروبا، والمؤسف أكثر هو أن غالبية هؤلاء "الحراقة" تنتهي حياتهم قبل أن تنتهي الرحلة، وأنا أعرف الكثير من أصدقائي - رحمهم الله - لا تزال جثثهم حتى اليوم في عرض البحر".

وبحسرة شديدة يروي أحد الشبان العاطلين من العمل رفض الكشف عن اسمه قصة مؤلمة من بين آلاف القصص التي كان "الحراقة" أبطالها، فيقول: "في نهاية العام الماضي، قرر أحد أصدقائي الهجرة إلى فرنسا بعد أن تمكن من جمع 1500 يورو وهي القيمة الضرورية في مقابل السفر السري. اتصل بشخص متخصص في تهريب الشبان نحو ميناء مرسيليا الفرنسي، فاتفق الجانبان على أدق خطوات تلك الخدمة غير الشرعية. وفي يوم السفر احترم الشاب جميع النصائح التي قدمها له ذلك الشخص، فتمكن من التسلل داخل الباخرة بمساعدة أحد أفراد طاقمها... وعلى رغم أن شرطة الحدود لم تكتشف أمره غير أن الظروف الصعبة التي عاشها داخل مخبأ لا يتعدى عرضه نصف المتر جعلته يلفظ أنفاسه، حتى قبل أن تحط أقدامه في بلاد أحلامه".



وفي ذات السياق عبر بعض الشباب للشهاب.نت عن عزمهم الهجرة سرا وهم في أوج تحضيرهم برصد السفن الداخلة لميناء عنابة، إذ يقول أحدهم : "نحن الشباب ضائعون، الآن تجد شاب في عمره 30، أو 29، أو 26 سنة، لا مستقبل له بمعنى لا يستطيع التقدم، الشاب يعاني المشاكل العائلية، الاجتماعية، في محيطه، مما يجعله ينحرف فيدخن، ويشرب الخمر والأقراص المهلوسة، كل هذا ناجم عن الضغط، وأعلم أن الضغط يولد الانفجار، وكل هذا يجعل الشاب يفكر كثيرا وتضيق به النفس، لا يوجد عمل، كان الأجدر أن يكون شاب في 30 سنة متزوج وله أولاد وعمل وبالتالي حياة مستقرة، لكن الواقع عكس ذلك، زد في معلوماتك أغلب الشباب يعيشون حياة قاب قوسين أو أدنى – ربي الحافظ – يا أخي أنظر هذه باخرة إن شاء الله يسهل ربي، سأتوجه إلى أوروبا للعمل، وتبقى بلادي هي بلادي، المهم أضمن المستقبل (أنت الآن عند فكرة حرقة لأوروبا) نعم هذا هو الهدف الذي أصبو إليه، ولو أبقى هنا في الجزائر مدة 50 سنة لا أستطيع أن أملك سيارة – بيجو 206 – لا يمكنني الزواج ويصبح لي أولاد (في حالة لم تنجح لك هذه العملية – الحرقة – وبقيت في الجزائر ماذا ستفعل) سوف أعيش الواقع كما تراني الآن، ليكون في علمك أنا غادرت البلاد في جويلية 2003 وبقيت شهر وستة أيام أو أكثر في عرض البحر بدون أوراق، ذهبت بنا الباخرة إلى اليونان وتركيا، ثم مصر (كم دفعتم للرجل الذي ساعدكم) لا لم يساعدنا أحد، نحن نجرب قد تصح وقد تخطئ، مثلا هناك باخرة نتفق في مجموعة تتكون من 3 أو 4 أفراد، نحمل اللازم ونتكل على الله، وزد هذا صديقي، سافر مرتين – يبدأ الحوار بينهما – متى ذهب، في 2003، ثم لحقت بكم، أتذكر ذهبت أنت ورضا ووليد، بقي مدة 8 أشهر جمع فيها بعض النقود، ثم خطب شابة، أنظر لو بقي هنا لا يمكن أن يجمع 20 مليون في عام ولكن في الغربة يمكنك أن تفعلها، المهم أن تعمل فاليوم الواحد بـ 50 أورو ما يقارب 6 آلاف دينار، وصديقي هذا ذهب وعاد مرتين وهو الآن يحاول العودة مرة أخرى".

ويقول صديقه : "عانيت كثيرا (من ماذا تعاني) أعاني من البطالة وبتالي لا يوجد شيء في هذه البلاد، لقد ضاقت بنا، أحمد الله أن العبد لم يتبع طريق الخمر والمخدرات، وأمام الظروف اهتدينا للهجرة (أنت تعلم أن هناك مخاطر) نعم أعلم (ما هي المخاطر التي قد تواجهك) متعددة، قد تلقى في عرض البحر، لا يمكنني أن أتوقع ما قد يفعل بنا، الحقيقة أن الباخرة التي ركبت فيها لم أعلم بمسارها (في أي جهة ركبت الباخرة) في جهة المحطة على 3 صباحا، الشرطة لم تكن في عين المكان ورجال البحرية نائمون، وصعدت الباخرة ولم أعلم حتى أين تتجه (أين اختبأت) اختبأت في مكان ضيق وكان لدي القليل من الزاد، بعد 3 أيام اصبحت في حاجة للزاد وبقيت كذلك حتى اليوم التاسع، وكان هناك روس وفليبيين، واكتشفت أن الباخرة يونانية، وحسب علمي أنهم حاقدين يرمون الحراقة في البحر - والحمد لله سترنا الله – ووصلت على خير وعافية واستمر بي المقام في أوروبا مدة 7 أشهر (كيف عدت للوطن) عدت عادي طلبت ورقة المرور وصرحت بضياع أوراقي وقلت بأنني لا بد أن أرجع لبلادي لأن الظروف كانت صعبة، وسمحوا لي بالعودة عبر الباخرة وفي جعبتي بعض النقود فخطبت شابة واليوم هذه هي الحالة، والآن نحن نخطط للعودة".

وعن تصرف البحارة اليونانيين قادنا التحقيق إلى ميناء أرزيو الذي شهد في سنة 2000 نهاية مأساوية لأحد الشبان الذي نجح في التسلل إلى باخرة يونانية كانت راسية بميناء أرزيو ومتوجهة نحو أوروبا قبل أن ينكشف أمره سويعات قليلة بعد إقلاع هذه الباخرة من طرف أحد البحارة اليونانيين الذي قام برميه في عرض البحر بعد أن كبله بسلاسل حديدية ثقيلة فعاد هذا الشاب جثة هامدة نحو شاطئ مرسى الحجاج. وهي نفسها القضية التي أثارت ضجة كبيرة بعد أن أظهرت خبرة الطب الشرعي التي أجريت على هذا الشاب الضحية أن أطرافه تعرضت فعلا إلى التكبيل، مع العلم أن محكمة أرزيو كانت قد فتحت وقتها تحقيقا قضائيا في الحادثة المذكورة بناء على الشهادات التي قدمها بعض رفقاء الضحية ونجوا من حتمية الموت بأعجوبة قبل أن تصدر حكما بشأن الشركة البحرية اليونانية صاحبة الباخرة التي ارتكب ربانها هذه الجريمة.

وبعيداً من القصص المؤلمة... ينجح بعض المحظوظين في تحقيق أحلامهم، ويتمكنون من الوصول بسلام إلى البلد الذي اختاروا.. وقد تكون هذه المغامرات الناجحة هي السبب في تحمس الكثير من الشبان لفكرة الهجرة، بخاصة نحو فرنسا التي تضم وحدها نحو 90 في المائة من المهاجرين الجزائريين، بينهم نحو 20 ألف شخص لا يملكون الوثائق الرسمية.