عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 27-11-2006, 02:14 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Post

أما عن صفة مقتله رضي الله عنه : نقول : ذلك الفتق الذي لا يرتق والثلمة التي لم تسد والصدع الذي لم يرأب، إنه جرح الأمة الإسلامية في فلذة كبدها والتي لا تزال تتألم من المرارة والحسرة منه، إنه مقتل الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما في لحظة من أحرج اللحظات وأصعبها على أمة الإسلام والمسلمين .
قال الطبري (5/343): إن ابن الزبير والحسين لما دعيا إلى البيعة ليزيد أبيا وخرجا من ليلتهما إلى مكة، فلقيهما ابن عياش وابن عمر جائيين من مكة فسألاهما ما وراءكما؟ قالا: موت معاوية والبيعة ليزيد، فقال لهما ابن عمر: اتقيا الله ولا تفرقا جماعة المسلمين . أما ابن عمر فقدم المدينة فأقام أياماً فانتظر حتى جائت البيعة من البلدان فتقدم وبايع .
وعندما قرر الحسين رضي الله عنه الذهاب إلى العراق، بعد أن كثرت عليه المراسلات وهو في مكة، تدعوه بالخروج إليهم حاول بعض أصحابه منعه من ذلك، أمثال ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهما .
وهنا تجدر الإشارة والرد على مزاعم الإخباريين حول تحريض ابن الزبير للحسين بن علي رضوان الله عنهم أجمعين على الخروج على يزيد بن معاوية. وأن ابن الزبير ضاق من وجود الحسين بمكة، وأنه كان يطمع بالخلافة، وأن يخلو له الجو كما يقولون، وأن تخلو له الساحة والميدان .
وحقيقة الأمر أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما كان من جملة الصحابة والتابعين الذين نصحوا الحسين رضي الله عنه بعدم الخروج . وقد ذكرت قبل قليل الدليل على ذلك.
فلما ذهب رضي الله عنه وكان قد أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل إليهم، وتابعته طائفة، ثم قدم عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، فقاموا مع ابن زياد وتخلوا عن مسلم وقتل رضي الله عنه، فلما بلغ الحسين ذلك، وأراد الرجوع وافته سرية عمر بن سعد وطلبوا منه أن يستأسر لهم، فأبى وطلب أن يردوه إلى يزيد ابن عمه، حتى يضع يده في يده، أو يرجع من حيث جاء أو يلحق بالثغور، فامتنعوا من إجابته إلى ذلك بغياً وظلماً وعدواناً، وكان من أشدهم تحريضاً عليه شمر بن ذي الجوشن حيث لحق بالحسين ووقع القتال بينهم حتى أكرم الله الحسين وعدد من أهل بيته بالشهادة رضي الله عنهم وأرضاهم. من رسالة بعنوان رأس الحسين لشيخ الإسلام (ص 200) ضمن كتاب استشهاد الحسين للإمام الطبري. وهو كتاب مملوء بالروايات الضعيفة والموضوعة .
ولم يختلف المؤرخون بل والناس فيما عرض لهم وعرض عليهم من مسائل التاريخ مثلما اختلفوا في مقتل الحسين رضي الله عنه، من بدايتها حتى نهايتها من الدوافع الأولية إلى الخديعة وخيانة الأعراب .
والنظرة التاريخية الفاحصة بعيداً عن الشطط أو الإغراق أو المغالاة تجعلنا في حيرة و أي حيرة، لأن كل فريق له رأيه وله حجته فيما انتهى إليه، وعلينا أن ندعو لهم ونستغفر الله لنا ولهم .
وفي يقيني أن أمر النزاع بين الحسين ويزيد يجب الإمساك عن الخوض فيه، لأن هذا أفضل من الكلام في ما لا نعلم، وصفوة القول أن الحسين قد أفضى إلى ربه شهيداً مجاهداً، رضي الله عنه وأرضاه وألحقنا بالصالحين في دار المقامة .
وعن هذا الصراع الدموي الأليم العنيف بين الحسين ويزيد نقول: يفصل الله بينهم يوم القيامة، فإننا لا نجرؤ بما توافر لدينا من آراء وأبحاث ومراجع على القول بغير هذا: عفا الله عنا وعنهم .


يتبــــــــــــــــــــــع
__________________