عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 27-11-2006, 02:29 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Post

لكن لنقف مع تقويم لهذه المعارضة من قبل الحسين رضي الله عنه .
كانت معارضة الحسين ليزيد بن معاوية وخروجه إلى العراق طلباً للخلافة، ثم مقتله رضي الله عنه بعد ذلك، قد ولد إشكالات كثيرة، ليس في الكيفية والنتيجة التي حدثت بمقتله رضي الله عنه، بل في الحكم الشرعي الذي يمكن أن يحكم به على معارضته، وذلك من خلال النصوص النبوية .
وإن عدم التمعن في معارضة الحسين ليزيد والتأمل في دراسة الروايات التاريخية الخاصة بهذه الحادثة، قد جعلت البعض يجنح إلى اعتبار الحسين خارجاً على الإمام، وأن ما أصابه كان جزاءاً عادلاً وذلك وفق ما ثبت من نصوص نبوية تدين الخروج على الولاة .
فقد قال صلى الله عليه وسلم: من أراد أن يفرق بين المسلمين وهم جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان. صحيح مسلم (12/241)، قال السيوطي: أي فاضربوه شريفاً أو وضيعاً على إفادة معنى العموم. عقد الزبرجد (1/264). وقال النووي معلقاً على هذا الحديث: الأمر بقتال من خرج على الأمام أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك وينهى عن ذلك فإن لم ينته قوتل وإن لم يندفع شره إلا بالقتل قتل وكان دمه هدراً.
وفي هذا الحديث وغيره من الأحاديث المشابهة له جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على أن الخارج على سلطان المسلمين يكون جزاءه القتل، وذلك لأنه جاء ليفرق كلمة المسلمين .
وإن الجمود على هذه الأحاديث جعلت الكرامية فرقة من الفرق مثلاً يقولون: إن الحسين رضي الله عنه باغ على يزيد، فيصدق بحقه من جزاء القتل. نيل الأوطار للشوكاني (7/362) .
وأما البعض فقد ذهبوا إلى تجويز خروج الحسين رضي الله عنه واعتبر عمله هذا مشروعاً، وجعلوا المستند في ذلك إلى أفضلية الحسين والى عدم التكافؤ مع يزيد. نيل الأوطار (7/362) .
وأما البعض فقد جعل خروج الحسين خروجاً شرعياً بسبب ظهور المنكرات من يزيد. انظر: الدره فيما يجب اعتقاده لابن حزم (ص 376) وابن خلدون في المقدمة (ص 271) .
ولكن إذا أتينا لتحليل مخرج الحسين رضي الله عنه ومقتله، نجد أن الأمر ليس كما ذهب إليه هذان الفريقان، فالحسين لم يبايع يزيد أصلاً، وظل معتزلاً في مكة حتى جاءت إليه رسل أهل الكوفة تطلب منه القدوم، فلما رأى كثرة المبايعين ظن رضي الله عنه أن أهل الكوفة لا يريدون يزيد فخرج إليهم، وإلى الآن فإن الحسين لم يقم بخطأ شرعي مخالف للنصوص، وخاصة إذا عرفنا أن جزءً من الأحاديث جاءت مبينة لنوع الخروج .
فعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نزع يداً من طاعة فلا حجة له يوم القيامة، ومن مات مفارقاً للجماعة فقد مات ميتة جاهلية. مسلم بشرح النووي (12/233-234). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة المكتوبة إلى الصلاة التي بعدها كفارة لما بينهما، والجمعة إلى الجمعة والشهر إلى الشهر يعني رمضان كفارة لما بينهما، قال: ثم قال بعد ذلك: إلا من ثلاث، -قال: فعرفت إن ذلك الأمر حدث إلا من الإشراك بالله، ونكث الصفقة، وترك السنة. قال: أما نكث الصفقة: أن تبايع رجلاً ثم تخالف إليه، تقاتله بسيفك، وأما ترك السنة فالخروج من الجماعة. المسند (12/98) بسند صحيح .
وبالرغم من أن الحسين رضي الله عنه حذره كبار الصحابة ونصحوه إلا أنه خالفهم، وخلافه لهم إنما هو لأمر دنيوي، فقد عرفوا أنه سيقتل وسيعرض نفسه للخطر، وذلك لمعرفتهم بكذب أهل العراق، والحسين رضي الله عنه ما خرج يريد القتال، ولكن ظن أن الناس يطيعونه، فلما رأى انصرافهم عنه طلب الرجوع إلى وطنه أو الذهاب إلى الثغر أو إتيان يزيد .منهاج السنة (4/42) .
ولقد تعنت ابن زياد أمام تنازلات الحسين، وكان من الواجب عليه أن يجيبه لأحد مطالبه، ولكن ابن زياد طلب أمراً عظيماً من الحسين وهو أن ينزل على حكمه، وكان من الطبيعي أن يرفض الحسين هذا الطلب، وحُق للحسين أن يرفض ذلك؛ لأن النزول على حكم ابن زياد لا يعلم نهايته إلا الله، ثم إن فيه إذلالاً للحسين وإهانته الشيء الكبير، ثم إن هذا العرض كان يعرضه الرسول صلى الله عليه وسلم على الكفار المحاربين، والحسين رضي الله عنه ليس من هذا الصنف، ولهذا قال شيخ الإسلام في المنهاج (4/550): وطلبه أن يستأسر لهم، وهذا لم يكن واجباً عليه .

يتبــــــــــــــــع
__________________