عرض مشاركة مفردة
  #18  
قديم 21-01-2007, 04:46 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

مَقطَعة * أنماط تسيير التقنية الصناعية :

الأسرار الدفينة لتكاليف تشغيل الاقتصاد الحديث :

كما هو الحال بالنسبة لأي ثورة، أصيبت الثورة الصناعية بالتصلب والجمود مع مرور الزمن، بعدما أطلقت إبداعاتها وطاقاتها المرموقة .. فتم إفراغ مبادئ الثورة الصناعية من كل معانيها .. فلم يعد هناك علماء ينزوون في مختبراتهم لبحث مسائل فيزيائية أو كيميائية أو نباتية، لتصب وفق روح الثورة الصناعية لتفيد البشرية بما يتفق مع روحية التفاعل مع الإنسانية ..

بل أصبحت الشركات العملاقة التي تحتكر أسرار صناعية وزراعية تبتلع شركات ومصالح أصغر و تنظر للعالم على أنه سوق لها، تمول دراسات خاصة بها، حتى لو تمت بجامعات ومختبرات جامعية، في حين تمنع تلك التقنيات من الوصول الى الآخرين، حتى لو دفعت دولا لشن الحروب لمنع انتشار التقنية، وهذا النموذج واضح بالصناعات الدوائية والصناعات الغذائية .. وما الإشاعات والتهويل الذي يتم بين فترة وفترة لانتشار أمراض معينة كجنون البقر وانفلونزا الطيور إلا نموذجا ساذجا لتلك النزعة التسلطية. فالذين يموتون بسبب الغش في (الفودكا) مثلا ويوميا يفوق ما ماتوا من جنون البقر وانفلونزا الطيور منذ أن اقتحمت أخبار هذين المرضين الساحة الإعلامية الموجهة أصلا من تلك الإمبراطوريات الصناعية التي تملك وكالات الأنباء مع شبكات المحررين والمعلقين الدوليين ..

لقد تم تملك الشركات العملاقة التي تتواجد عبر العالم لفروع كثيرة من الصناعات والسلع الخدمية فتجد شركة تملك صناعة الطائرات وشبكة فنادق ثم تملك معها مصانع لملابس الأطفال أو غيرها، وتجد أن هناك أرباحا فاحشة في بعض المنتجات وتجد مطالبة قوية في تعويض الخسارة في منتجات أخرى، من منتجات نفس الإمبراطورية!

لقد تمزق دور العلماء والحرفيين المبدعين، لتنضوي كل النشاطات تحت تصرف تلك الشركات، وتكثر المؤتمرات المستنجدة في رفع مستويات الشعوب وتكثر الكتابات حول ذلك الموضوع دون جدوى.

تمكتب* الشركات الصناعية وحسابات الربحية:

صارت تلك الشركات ذاتها بيروقراطيات ثقيلة، فحجم الاستثمارات المالية التي قامت بها وجرَت الدول إليها، لتحسن وتزيد من أرباحها، ولا توقف إنتاج سلعة أو خدمة إلا بعد أن تستنزف كل إمكانيات الربح لآخر خطوة. كما أن تلك الشركات والتي تملك المال وتملك القدرة على إيصال من تريد ليحكم الدول التي تنتمي إليها، تفاضل بين مصالحها هي في المشاريع الدولية (الأممية) فهي تفضل مد أنابيب النفط والغاز، ولا تفكر بمد أنابيب الماء الى الدول العطشى، وهي تشجع أبحاث صناعة الطائرات (لربحيته) ولا تشجع تمويل النقل البحري (بالسفن) .. وتشجع مد الطرقات وما يرافقها من ويلات، من أجل بيع السيارات ولا تشجع مد سكك الحديد. وتماطل بل وترفض تمويل بناء السدود في الدول التي تعتبر أسواق جيدة لمنتجاتها الغذائية ..

لقد كان تقوقع أفكار تلك الشركات مكتبيا، ودراسة ما يمكنها من تحقيق أرباح هو ما فضح حقيقتها القبيحة ..


مساجلة منسية: هل يمكن تكييف التكنولوجيا في إطار سياقات تاريخية مختلفة؟

دارت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي مساجلة مهمة بين اقتصاديين من مختلف المدارس (الاشتراكية والرأسمالية).. حول نقل التكنولوجيا الى بلدان العالم الثالث، فكان الاشتراكيون يرون أن الرأسمالية تتآمر على دول العالم الثالث ببيعها تقنيات عفا عليها الزمن وبأثمان فاحشة. وطالب الاشتراكيون بمشاركة بعض الخبراء الاقتصاديين بنقل التكنولوجيا المناسبة لتلك الدول، والتي تتناسب مع ظروفها الاجتماعية والعلمية. لكن الاشتراكيون كما هم الرأسماليون لم يضعوا حلا ناجعا لنقل تلك التكنولوجيا، وفاتهم أن تلك التكنولوجيا والمعرفة العلمية في البلاد المتقدمة كانت ثمرة جهد قرنين من الزمن تراكمت الخبرة والمعرفة بها من خلال نمو طبيعي استنبت في بيئة تختلف عن بيئة دول العالم الثالث..

أسباب العجز التكنولوجي لبلدان العالم الثالث

كثر الحديث في نهاية القرن الماضي عن أسباب تخلف الدول النامية وعدم قدرتها على مواكبة التقدم التقني، فذكرت لذلك أسباب أيديولوجية وأسباب إدارية وأسباب تتعلق بالمال والفساد والجهل وانعدام القاعدة العلمية القابلة لنقل التقانة من مصادرها ..

ولكن السبب الأهم هو أن الشركات الكبرى العملاقة والتي بدأت بالتآمر على الإنسانية ـ حتى في بلادها هي ـ فإنها وجدت بالدول النامية وخصوصا النفطية منها أو التي بها مواد خام، شهدت طفرة في أسعارها، ليرافق تلك الطفرة هيجان وشهوة لنقل التقانة بشكل مسخ، كالتصنيع بعلامة تجارية لتلك الشركات العملاقة لكن بأرض الدول النفطية والنامية، فتجد فجأة بالصحراء قيام بنايات عملاقة ومطارات ومسابح و مطاعم الخ ، لتستثمر تلك الشركات ما يتم تمويله بتلك البقع لإقامة مشاريع عملاقة لا صلة لها بالمجتمع المحلي وإمكانياته العلمية والإدارية، بل يفرح القائمون على تلك المشاريع الشبيهة (بالمشاريع الحقيقية) لكنها في الواقع وإن كان أصحابها يجنون أرباحا طائلة، لكنها في النهاية لن تصب في مصلحة نمو الاقتصاد الوطني للدولة المقام فوقها تلك المشاريع، بل وتبقى تلك المشاريع رهينة لإرادة المالكين للعلامة التجارية.


• مقطعة : مصطلح منحوت ومولَد ..
• تمكتب : مصطلح منحوت ومولَد ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس