عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 13-10-2003, 02:13 AM
مسلم فاهم مسلم فاهم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
المشاركات: 518
إفتراضي

الفائدة الثالثة :

أن النفي إذا كان في الكتاب والسنة فإنه لا يُراد به حقيقة النفي، وإنما يُراد به كمال ضده؛ يعني أنّّ كل نَفْيٍ نُفِيَ عن الله جل وعلا؛ و كل نفي أضيف لله جل وعلا ونُفِيَ عنه سبحانه ما لا يليق عن جلاله في القرآن أو السنة، فإن المقصود منه إثبات كمال الضِّد؛ لأن النفي المحض ليس بكمال، فقد يُنفى عن الشيء الاتصاف بالصفة؛ لأنه ليس بأهل لها،

فيقال: فلان ليس بعالم. لأنّه ليس أهلا لأن يتّصف بذلك، يقال: فلان ليس بظالم. لأنه ليس بقادر أصلا، كما قال الشاعر في وصف قوم يذمهم:

قُبَيِّلَةٌ لا يَغْدِرُونَ بِذِمَّــةٍ وَلاَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْذَلِ

لأنهم لا يستطيعون أصلا أنْ يظلموا أو أن يعتدوا لعجزهم عن ذلك؛ لأن العرب كانت تستخف بأنّ من يَظلم يُظلَم كقول الشاعر وهو زهير:
وَمَنْ لاَ يَظْلِمِ النَّاسَ يُظْلَمِ

فتقرر أن النفي المحض ليس بكمال، ولذلك نقرر قاعدة: أنّ النفي في الكتاب والسنة إنما هو لإثبات كمال الضد. وأخذنا وذلك من قوله جل وعلا (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا) .



فصار النفي نفي العجز عنه سبحانه فيه إثبات كمال علمه وقدرته، وهذا خُذه مطّرِدا في مثله قوله جل وعلا}وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا{[البقرة:255]، وفي قوله جل وعلا في أول آية الكرسي }لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ{[البقرة:255]، لكمال حياته وكمال قيومته سبحانه، (وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا) فيه كمال قدرته سبحانه وتعالى وكمال قوته، وفي قوله }وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا{[الكهف:49] لكمال عدله سبحانه، وفي قوله }وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ{[الإخلاص:4] وذلك لكمال اتصافه بصفاته، بقوله }لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{[الإخلاص:3] لكمال استغنائه سبحانه، ففي كل نفي جاء في الكتاب والسنة تأخذ إثبات الصفة التي هي بضد ذلك النفي، ولهذا تُثْبَت بعض الصفات وتثبت بعض الأسماء عند طائفة من أهل العلم بألفاظ لم ترد صراحة وأخذوها من النفي الذي جاء في الكتاب والسنة.
__________________
اللهم ألحقنا بحبيبنا نبى الرحمه صلى الله عليه وسلم وارزقنا قفوا آثاره واتباع سنته ,,,,

هذا وأصل بلية الاسلام ** تأويل ذي التحريف والبطلان

وهو الذي فرق السبعين ** بل زادت ثلاثا قول ذي البرهان