عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 17-08-2001, 10:49 PM
ميثلوني في الشتات ميثلوني في الشتات غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2001
المشاركات: 2,111
إرسال رسالة عبر  AIM إلى ميثلوني في الشتات
Post

جينين القسام
.
في جنين القسام...انكسرت شوكة الاحتلال..ولكن؟!

(الدروس الثمانية)



إبراهيم أبو الهيجاء

كاتب فلسطيني – جنين



لم يكن مستبعدا أن يقدم شارون على خطوة الاقتحام والاحتلال لمدن مصنفة (ا)، فهو بعد أن تعدى الضوء البرتقالي وارتكب مجزرة نابلس وكرس احتلاله لمؤسسات القدس ،تعدى أمس الضوء الأحمر مما يعني أنه قد قطع الشوط الأخير وتجاوز كل الخطوط وكل ما هو متوقع ،وهذا يدلل على مدى وضوح المعركة ومدى شمولها ، أما لماذا جنين هي الأولى في القائمة فكان معروفا لكل المراقبين أن ثمة إخفاقا أمنيا للأجهزة (الإسرائيلية) في تصفية العديد من الناشطين الفاعلين، وكان مرد التعجل في تصفيتهم هو وقوفهم المباشر وراء العديد من العمليات الاستشهادية ،أما السبب الثاني فهو تلك الطاقة الاستشهادية العالية الموجودة هناك فجموع العمليات بين المحاولة أو المنفذة بلغ العشرة في أقل من شهر كان أقواها عملية القدس الأخيرة ، أما السبب الثالث فقد توقعت (إسرائيل) أن قرب المنطقة من التجمعات (الإسرائيلية) يمكنها من سحق مدينة صغيرة لذا أرادوا أن تكون جنين بداية الهزيمة فإذا هي بداية الانتصار 00 اللافت في الروحية الاستشهادية أيضا في جنين أن الذاهبين إليها كلهم من الجدد الذين لم يظهروا تدينهم لدى الناس مما يجعل الاحتلال مربكا ومذهولا من انتقال أشخاص يظن أنهم يغوصون في الدنيا فإذا بهم شهداء ينتظرون لحظة التفجير ؛كل هذه الأسباب تقف خلف الجنون والهوس الذي أوصل (إسرائيل) للتفكير في احتلال جنين مرة أخرى

الدرس الأول:

المميز في معركة جنين لم يكن فقط استخدام الأسلحة الخفيفة التي واجهت بها جنين الحشود العسكرية الضخمة، بل إن الرادع الأكبر كان الاستعداد للشهادة الذي فعله العشرات من الشباب التي تحزمت بالناسف لتكون قنبلة قوية قادرة على خلق التوازن العسكري المطلوب 000 لذا فالاستصئال الذي أرادته (إسرائيل) انقلب ضدها بالنصر الذي رفع سقوف الأمل لدى الناس هذا أولا وثانيا تمادي (إسرائيل) رفع وتيرة الشهادة أكثر مما تظن فانقلب السحر على الساحر حقا وفعلا ،هذا هو الدرس الأول: الأجساد النحلية المسلحة بالأيمان والشهادة انتصرت على المحتل وقوته ،وعليه فمشاريع الشهادة ليست فقط قادرة على هز الاحتلال بل هي القوة الكبرى التي يملكها كل فلسطيني مهما كان ضعفيا ،ونحن واثقون أن استمرارها سيحول (إسرائيل) الدولة المزعومة والقوة الموهومة إلى سراب كبير وما علينا بعدها أن نعد له أشهر السقوط وليس أعوامه .

الدرس الثاني:

الدرس الثاني في انتصار جنين القسام هو شعار بسيط كنا نردده دائما (الوحدة سر الانتصار )،طبعا كانت هذه شعارات تضاف للبيانات والخطابات وتزين بها اليافطات ، في جنين القسام تجسد الشعار والمثال إلى واقع وميدان ،عندما توحد الرصاص واصطف الجميع خلف بنادقهم يواجهون عدو صحيح انهم لا يكافئونه عدة وعتادا ولكن شعور الوحدة والاستعداد للشهادة جعل حالة المقاومة قوية وصامدة تصابر بعضها البعض ،وتدوس على خلافاتها وترتفع عليها بنادقها التي ما سكتت طوال معركة جنين التي استمرت أكثر من ست ساعات ، لكن هذه الوحدة التي تجسدت بالدم والرصاص والجوع لا يكفي أن تبقى حبيسة أسطر ا البيانات أو أروقة اجتماعات الفصائل ،يجب التفكير جديا الآن بحوار جوهري وليس إعلاميا ،وعلى أسس سياسية واضحة واستعدادات صادقة للمراجعة والمطلوب من السلطة دون شك هو أكبر من مما هو مطلوب من القوى وفعاليات الشعب لأن السلطة تملك معظم الأوراق

الدرس الثالث:

هو أنه لا يكفي أن تقرر السلطة والقوى للناس ما تشاء ، فمعركة جنين أثبتت أهمية العامل الشعبي في حماية الانتفاضة التصدي للمحتل ، فقد خرج أهل جنين عن بكرة أبيهم يدافعون عن المدينة ومخيمها بما ملكوا من خفيف وثقيل وحتى بأجساده العارية، كل ذلك كان عاملا مهما في انتصار جنين ولكن هذا الشعب الذي وقف لحماية مقوميه ومدينته في كل اللقاء الكبير، يستحق الكثير ليس فقط مشاركا بل أيضا مشرعا وحاكما في هذا الجهد الانتفاضي، الذي اقترب من إنهاء سنته الأولى المطلوب آليات إشراك وصناعة قرار بطريقة أفضل ، المطلوب كذلك تحسس همومه وإسناده ماليا واقتصاديا وكذلك احترام إرادته وتفهم متطلباته ضمن ديناميكية ما ،فالتعبير الشعبي مجمع على أهمية استمرار المقاومة ورافض وممانع لكل اللقاءات السياسية والأمنية التي لا يراها الشعب تناسب حالة الدم النازف والمتدفق كل يوم جراء العدوان الصهيوني ،من الناحية العسكري المطلوب تأمين الحماية لهذا الشعب الأعزل من خلال تشريع تسلحه ومده بكل سلاح ،والأهم أن يفتح للناس معسكرات للتدريب فما المانع أن نفعل ذلك سرا أو علنا وما الذي بقي حتى نخشى عليه واتفاقات تدوسها الدبابات الصهيونية صباح مساء .

الدرس الرابع :

رغم الأمل الذي تشيعه معركة جنين إلا أن خيارات شارون اليائسة ماضية في مسلسل الاقتحام والاغتيال فهذا جدار شارون الأخير المطلوب منذ اللحظة الاستعداد لما هو أسوا والتصدي بالمقابل لذلك الأسوأ ورغم بسالة أهل جنين إلا أنه كان بالإمكان أن يوقع الخسائر الأكبر وإن نفاجأ العدو بما لا يحتسب، المطلوب ببساطة أن يكون لدينا خطة أكثر إحكاما وتجهيزات أكثر مناعة وضربات أكثر إيلاما ،فدرس جنين بقدر ما كشف عن قوتنا إرادتنا إلا أنه كشف عن ضعفنا وتقصيرنا في نواحي كثيرة ،والمطلوب أن يكون درس جنين في الإرادة درس للجميع لكي يستعد فالخطة العسكرية لا تبني آفاقها على ما هو احسن بل التوقع لما هو أسوا ورغم إمكانياتنا البسيطة إلا أن بإمكاننا دون شك إلحاق خسائر أكبر في العدو في المرات القادمة المتوقعة دون شك

الدرس الخامس :

بينما كانت جنين تتعرض للاقتحام كان أهلها عن بكرة أبيهم في الشوارع يتأهبون ويدافعون، وعندما تناقلت الخبر وكالات الأنباء كانت كل أجزاء الوطن في الشوارع تساند وتعاضد ،هذه الحيوية لهذا الشعب لا تدلل فقط على يقظة وتأهب بل هي دلالة على شعب حي يجسد فعلا وقولا حالة الآلام الواحدة ،وأنا واثق أن إسرائيل لو بقيت حتى بزوغ الفجر في جنين لدفعت أثمانا غالية من كل مكان فحالة المقاومة دون شك ستتصاعد وعندما تأن جنين تنتقم غزة وهكذا ، فإسرائيل تحاول تجزئة المعركة جغرافيا ومعاقبة المنطقة صاحبة الحدث لأنها بذلك تريد تأديب المنطقة وتجعلها عبرة للآخرين ،وعليه فالدرس الخامس يقول كلما كانت كل أجزاء الوطن متأهبة للثأر عند كل أنين في جسد الوطن عندها ستفشل خطة (إسرائيل) بالتجزئة أو ما يسمى بالمعالجات الموضعية ،وستفكر ألف مرة قبل أن تقدم على احتلال شبر محرر

الدرس السادس :

لقد كشفت وعرت عملية احتلال جنين المواقف العربية الرسمية تماما التي فرحت في سرها بأن عملية الاقتحام كانت ليلا حيث لا إعلام يصدح ولا نداءات استغاثة تسمع،لقد وفر الليل بسكونه ووحشته للأنظمة الرسمية الغطاء لكي تجعل رؤوسها في التراب وتتهرب أمام شعوبها ليس فقط من فعل شي جدي بل حتى من المواقف الفاقعة التي أشبعونا إياها منذ الانتفاضة ،و غطوا بنوم عميق بينما دماؤنا على وشك الاستباحة في جنين ،كل ذلك بقدر ما يعري تلك الأنظمة ويكشفها بقدر ما يؤسس لنهايتها فهم بصمتهم يحفرون لأنفسهم دون أن يدروا ، وأوسلو التي أنقذتهم من قبل وأطالت أمد عروشهم هي الآن تلفظ أنفاسها الأخيرة ،وشارون جاء ليورطهم أكثر، نحن نعلم أن الشعوب ساكنة لكننا نراهن عليها وندرك أن في داخلها دماء تغلي ستنفجر ذات حين.

الدرس السابع :

المراهنات على المواقف الأوربية والأميركية وما يسمى الشرعية الدولية يثبت كل يوم أنه لا يسمن ولا يغني من جوع ،وعلينا الآن وأكثر من أي وقت مضى أن نبني خطتنا ومقاومتنا الميدانية على أساس ذلك، والمطلوب بعد معركة جنين أن نعتمد أكثر على ذواتنا ،فحتى جدار أوسلو المتخيل لم يبق منه سوى سراب مخيف وأحلام بائسة ،وعليه فالمطلوب برامج مقاومة وصمود حقيقية وجوهرية يكفي أحاديث صحفية حول ذلك ولننتقل إلى الفعل فقد وقع ما كان يظن البعض أنه غير ممكن ويكفي أن نتحدث خطوط حمر تمنع (إسرائيل) من فعل كذا وكذا ، فهذا يوجد في عالم الأحلام ،طبعا نحن نعلم أن شارون لا يستطيع الخروج كليا عن قواعد اللعبة ،ولكنه كما يبدو قادر على الالتفاف وقادر على جر الجميع لتغييرها، القضية اكبر من شخص شارون ثمة عوامل داخلية وإقليمية ودولية متبدلة ،ولا أدري ما الذي يخشاه شارون وما الذي يمنعه من الإمعان في العدوان ، بل إن ثمة خلل لدينا في فهم لعبة السياسة التي نمارسها بالتفاوض بينما نحن نقتل وثمة مباركة صامتة تمارسها الأنظمة العربية لما يحدث ضدنا، وعليه فمعركة جنين تقول يكفي حركات سياسية وصياغات دبلوماسية لتخبصنا وتخبطنا التفاوضي والأمني ،يكفي تهربا من المقاومة الشاملة والمطلوب إجراء تغيير منهجي وجذري وكلي بما نريد وكيف نريد ومتى نريد .

بقي أن نقول :

انتصار جنين هو أول هزائم الاحتلال في فلسطين وآخر مسمار في جنازة أوسلو المثقوب أصلا لأن (إسرائيل) وصلت لنهاية ما لديها أقصى ما هو متوقع من عدوانها لقد تراهن سواء عبر بوابة التسوية أو عبر بوابة القوة على كسرنا أو تحجيم آمالنا وإبطال حقوقنا ،ولكننا اليوم أقوى بإرادتنا اكثر مضاء واكثر أملا واكثر قوة من ذي قبل، والدم في جنين القسام انتصر فعلا وحقا على السيف الصهيوني، وفجر جنين المنتصر بالأمس هو فجر فلسطين المنتصر بالغد والأيام دول.
__________________
الشعب الذي يرفض دفع ضريبة عزه من دماء خيرة أبنائه يدفع أضعاف أضعافها ضريبة لذله من دماء كل أبنائه